مقالات الرأي
أخر الأخبار

“سلاح جديد” يحفز الخرطوم لتوجيه بوصلة “الزلزال الصناعي” نحو واشنطن..!!

تحليل إخباري: مركز الخبراء العرب
بات في شبه المؤكد أن تتجه الحكومة السودانية لإخراج “سلاح مقاومة” جديد له مردود فاعل و مؤثر بشكل العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي حاولت إظهار الحياد في قضية الحرب بالسودان، بل طرحت نفسها وسيطًا دوليًا يرمي بثقله لإيقاف القتال بين قوات الدعم السريع و الجيش السوداني الذي ضبط أسلحة أمريكية متطورة بأنواع مختلفة استخدمتها المليشيا بالحرب.
و منذ إعلان تلك “الضبطية” أشهرت واشنطن سيف العقوبات الذي تحاول المليشيا و داعموها الاستفادة منها كأحد كروت الضغط الدولية، فقام قائدها “حميدتي” في آخر خطاب بتوجيه قواته بأهمية استغلال خيرات الأرض من معادن، و ذهب، و بترول  وثروات غابية و حيوانية باعتبارها تخص النطاق الحيوي و العشائري لقواته.
و يبدو أن هذا التحالف “المليشي-الأمريكي” في صورته غير المعلنة قد أطلق إشارات تنبيه عالية الدقة التقطتها قطاعات واسعة من الرأي العام السوداني تصب أغلبها في خانة “التفكير الجمعي” نحو أهداف تعزز من قيمة موارد السودان المهدرة و ذلك بإعادة النظر في توظيفها بالطريقة المثلى، فلم يمضِ على خطاب “حميدتي” و عقوبات أمريكا أيام معدودة حتى انفجر الشارع السوداني بأوسع ” هاشتاق” ضجت به وسائط التواصل الاجتماعي يطالب بإيقاف تصدير سلعة الصمغ العربي للولايات المتحدة الأمريكية الشي الذي اعتبرته قراءات عديدة بأنه اتجاه شعبي عبرت عنه “الأغلبية الصامتة” و لكن جاء صوتها مدويًا في هذه المرة.
و أكدت مصادر حكومية رفيعة تحدثت لـ”مركز الخبراء العرب” أن الحكومة بدأت بالفعل دراسة قرار إيقاف صادر الصمغ العربي لعدد من الدول و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، مبينة أن هذا الاتجاه يحظى بنقاش مستفيض بأروقة أهل الاختصاص و المهمتين، و من المرجح جدًا أن تسنده قرارات رسمية تمضي في مسار تلبية الرغبة الشعبية التي بدأ صوتها يأخذ أشكالًا متعددة في التعبير عن رأيها فخرجت الأصوات المنادية بحظر بيع الصمغ السوداني للغرب الأمريكي و الأوروبي و لكل العالم لمدة ثلاث سنوات.
و يرتبط إنتاج الصمغ العربي مباشرة بالمجتمعات الريفية، خاصة في مناطق كردفان و دارفور و الجزيرة. و يعد مصدر دخل مباشر لعشرات الآلاف من المزارعين، خصوصًا في المناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية و انعدام الفرص الاقتصادية الأخرى. تطوير قطاع الصمغ يعني ضخ موارد مالية مباشرة إلى هذه المجتمعات، مما يحد من الهجرة إلى المدن، و يقلل من معدلات البطالة بل و يساهم في الحد من التوترات المجتمعية و الصراعات على الموارد، و بالتالي يدعم الأمن الاجتماعي بشكل مباشر.
و انطلقت مبادرات رصدها “مركز الخبراء العرب” يؤكد محتواها أهمية تدخل الدولة لشراء و احتكار سلعة الصمغ العربي لصالح المواطن و المؤسسات الرسمية عبر البنك الزراعي السوداني وغير من المصارف برعاية بنك السودان، و يمنع تصدير الصمغ للخارج باللوائح و القوانين و من يخالف ذلك يتحاكم بالخيانة العظمى.
و حظيت المناشدات الشعبية بجمل لها أكثر من مدلول على شاكلة: “عشان تاني لا أمريكا و لا أوروبا و لا أحد يتطاول على الشعب.” ، “عشان المليشيا ما تنهب الصمغ زي ما نهبت الذهب” ، “عشان لا يتم تصنيع ببيسي… و لا كوكاكولا… و لا مشروبات غازية…و لا أدوية…و لا حلويات… إلخ يتوقف تصنيعها تمامًا خلو الرهيفة التنقد”، “صمغنا يذهب إلى الإمارات و منها إلى أمريكا و أوروبا وإسرائيل، و نحن الشعب و ما دايرين تبيع الصمغ للغرب..نحن شعب سيد قراره”.

و في السياق أكدت مصادر متطابقة أن الاتجاه الرسمي للدولة يمضي في اتجاه إنشاء مجلس قومي للصمغ العربي أو إعادة إنشاء شركة الصمغ العربي السودانية و ذلك على أن تتمتع بسلطات تنظيمية و تسويقية واسعة و وضع سياسات خاصة بإدراج الصمغ العربي في الخطط القومية للاستثمار كقطاع استراتيجي واعد، و عقد شراكات دولية مع شركات تصنيع عبر نماذج (BOT) أو (PPP). بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص المحلي عبر منح الامتيازات و التسهيلات البنكية  و تضمين الصمغ العربي في الدبلوماسية الاقتصادية السودانية كمورد تفاوضي في علاقات السودان الخارجية.
وطرحت مراكز بحوث اقتصادية سؤالًا حول ماذا لو قرر السودان الذي يحتكر أكثر من 80٪ من الإنتاج العالمي للصمغ العربي أن يُوقف تصدير هذه الثروة الإستراتيجية إلى الولايات المتحدة؟ و جاءت الإجابة على لسان خبراء توقعوا حدوث ما أسموه بــ” الزلزال الصناعي” الذي قد يضرب الشركات الأمريكية الكبرى، باعتبار أن أن أحد أوردة اقتصادها الحيوي ينبض من “قلب السودان” سيما و أن الولايات المتحدة لا تملك بديلاً فعّالاً طبيعياً للصمغ العربي حتى الآن، و حتى محاولات الهند و فرنسا لإنتاج بدائل اصطناعية تتعامل معها واشنطن و غيرها من الدول لم تلامس جودة الصمغ الطبيعي السوداني، لا في الثبات الكيميائي و لا في التوافق الحيوي.
و يرى الباحث بـ”مركز الخبراء العرب” أحمد حسن الفادني أن الموقع الإستراتيجي للصمغ العربي في سلاسل الإمداد أو التوريد العالمية يمنح السودان ورقة ضغط سياسية و اقتصادية مهمة. في لحظات التحول الجيوسياسي أو النزاعات التجارية بين الدول، تلعب الموارد النادرة دورا في توجيه التحالفات و المواقف. إذا ما تمكن السودان من إحكام سيطرته على سلسلة إنتاج و تصدير الصمغ العربي، و تنظيم سوقه الداخلي و منع التهريب، فإنه سيكون بمقدوره استخدامه كورقة ضغط في العلاقات الدولية، خاصة مع القوى الصناعية الكبرى التي تعتمد عليه في صناعاتها، كما أن التفاوض مع المنظمات الدولية و المانحين يجب أن يأخذ في الحسبان دور الصمغ العربي كمصدر مستدام للتنمية الريفية و محاربة الفقر مما يجعله جزءًا من أي برنامج دولي لدعم الاستقرار في السودان.
من جانبه قال رئيس شعبة مصدري الصمغ العربي  أحمد الطيب عبد الله أن نسبة الصمغ العربي في قائمة الصادر بلغت10٪ من جملة المنتجات الزراعية التي بلغت 325 ألف طن خلال الفترة 1-1-2025 حتى 31-5-2025، و أضاف الطيب في “تغريدة” له أن ذلك الجهد تم بمخاطرة المنتجين، و جهد المصدرين و جهود العسكريين في فتح الطرق و التأمين. مضيفًا أن ذلك تم برغم وقوع معظم حزام الصمغ العربي تحت قبضة المتمردين.

و اعتبر الطيب هذه النسبة لا بأس بها في ظل الواقع المعاش، غير أنهم يتطلعون إلى غدٍ أفضل لهذه السلعة الإستراتيجية في ظل تسارع عمليات التحرير في إقليم الصمغ العربي، فضلًا عن تنشيط عمليات تضافر جهود شركاء الإنتاج. و ختم تغريدته بقوله: “سنحمي بلادنا ،بحول الله، بالمقاتلين، و المنتجين و المصدرين”.
غير أن المتغير النوعي الذي يمنح السودان ميزة تفضيلية بإنتاجه و احتكاره لسلعة الصمغ العربي وردت في بحث منسوب للمهندس الكيميائي (عصام الصديق) تم تداوله على نطاق واسع حيث قال: “لدي التدقيق العلمي الحصيف؛ الصمغ العربي ليس (محصول زراعي)؛ كما أنه ليس (محصول غابي)؛ إنما هو (منتج بيئي مناعي) !!! ينتج التصمغ Gummosis كرد فعل طبيعي للشجرة لذلك القطع الميكانيكي في لحاء الساق و الفروع (الطق)؛ و ذلك يشابه تكوين التجلط الدموي في الإنسان Coagulation و الذي يمنع خروج الدم من أنابيب الدورة الدموية حفاظًا على الحياة.”

و يكشف صديق في بحوثه عن محاولات للجامعات الخليجية لتحديد (كيمياء) الصمغ العربي، حيث أكد له صديق بروفيسور مهندس كيميائي من هارفارد بأنهم لم يستكملوا بعد كشف التركيب الكيميائي للصمغ العربي، و يقول بالحرف الواحد Chemistry of Gum Arabic still mysterious واضاف:”علمت كذلك من ثلاثة أصدقاء بروفيسورات أمريكيين و بريطانيين بأن هناك جهات زرعت الهشاب في أربع دول تقع في المحرم البيئي للصمغ العربي؛ من بذور و أنسجة من خيرة السلالات المعروفة بالسودان و بعد ثلاث سنوات شاء الكرم الإلهي أن يحصلوا على نوعية متدنية من الصمغ العربي، و عندما تعمقوا في معرفة الأسباب وجدوا أمرًا محيرًا و مدهشًا و مربكًا ممثلًا في أن الكيمياء المميزة لمعقد “كعكول” الصمغ العربي لا تعتمد فقط على السلالة الجينية للهشاب، إنما تحددها كذلك الظروف البينية الدقيقة المحيطة بالأشجار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى