لتحقيق النصر على الدولة اليهودية في الصراع المتعدد الأبعاد (العسكري، الاقتصادي، الدبلوماسي، التخطيطي)، يجب على إيران والدول الإسلامية تبني استراتيجية شاملة تعتمد على نقاط القوة وتعالج نقاط الضعف. فيما يلي تحليل وتوصيات استراتيجية:
1. التخطيط الاستراتيجي العسكري:
أ. موازنة الردع النووي:
– إسرائيل تمتلك تفوقًا نوويًّا غير معلن، بينما يواجه البرنامج النووي الإيراني عقوبات وتهديدات عسكرية. الحل:
– تسريع التكنولوجيا النووية مع ضمان عدم تقديم ذرائع للضربات الاستباقية (كفاءة التخفي والتشتيت).
– تعزيز الصواريخ الباليستية بعيدة المدى (مثل “خرمشهر”) لتغطية كل الأراضي الإسرائيلية، مع تطوير أنظمة دفاع جوي متطورة (مثل “بافار-373”).
ب. حرب الوكالة والرد غير المباشر:
– إيران تستخدم “حلف المقاومة” (حزب الله، الحوثيون، حماس) لاستنزاف إسرائيل، لكن هذا يُعرضها لضربات دبلوماسية وعسكرية. التطوير المطلوب:
– تحويل الوكالة إلى قوة ردع منظمة: تدريب وتمويل وحدات قتالية قادرة على شن هجمات متناسقة (كمثال: هجمات الحوثيين على إيلات بالتزامن مع صواريخ حزب الله).
– استخدام التكتيكات غير التقليدية: الحرب الإلكترونية، والطائرات المسيرة (مثل “شاهد-136”) لتعطيل البنية التحتية الإسرائيلية.
ج. الضربات الاستباقية المضادة:
– بدلًا من انتظار الضربات الإسرائيلية (كمهاجمة منشآت نووية إيرانية)، يمكن لإيران:
– إنشاء “خطوط حمراء” واضحة: مثل الرد الصاروخي المباشر على أي هجوم إسرائيلي على حلفائها.
– نشر قواعد عسكرية متقدمة في سوريا أو العراق لخفض زمن الرد.
2. الجبهة الاقتصادية:
أ. تحييد العقوبات:
– العقوبات الغربية (خاصة على النفط والبنوك) تُضعف الاقتصاد الإيراني. الحلول:
– التعامل بعملات بديلة (اليوان الصيني، الروبل الروسي).
– تعزيز الصناعات المحلية (خاصة العسكرية والتكنولوجيا الفائقة) لتقليل الاستيراد.
ب. استهداف الاقتصاد الإسرائيلي:
– إسرائيل تعتمد على الاستثمارات الغربية وقطاع التكنولوجيا. يمكن:
– دعم مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل (BDS) عبر العالم الإسلامي.
– شن هجمات إلكترونية على البورصة الإسرائيلية أو البنية التحتية الرقمية.
3. الدبلوماسية والسياسة الدولية:
أ. كسر العزلة الإقليمية:
– إيران بحاجة إلى تحالفات إستراتيجية:
– تقوية محور المقاومة: دمشق، صنعاء، بغداد، بيروت.
– الانفتاح على تركيا وباكستان لخلق جبهة إسلامية موحدة.
ب. استغلال التناقضات الغربية:
– أمريكا وأوروبا ليسوا كتلة واحدة. يمكن:
– اللعب على الخلافات الداخلية (مثل معارضة بعض الكونغرس الأمريكي لدعم إسرائيل).
– تعزيز العلاقات مع روسيا والصين لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن.
4. الحرب النفسية والإعلامية:
أ. فضح المشروع الصهيوني:
– نشر وثائق تثبت جرائم الحرب الإسرائيلية (مثل قصف المدنيين في غزة).
– دعم القنوات الإعلامية الناقدة(مثل الميادين والعالم) لمحاربة الرواية الإسرائيلية.
ب. توحيد الخطاب الديني:
– إبراز البعد الإسلامي للقضية (مثل القدس كأولى القبلتين) بدلًا من حصرها في الصراع الشيعي-السني.
5. معالجة التغذية الراجعة السلبية (Negative Feedback):
– إيران نجحت جزئيًّا في تحقيق التوازن عبر الردع، لكنها بحاجة إلى:
– منع الحروب الداخلية (مثل الاحتجاجات الاقتصادية) التي تُضعف الجبهة الداخلية.
– تحييد دور العملاء (مثل بعض الأنظمة العربية الموالية لإسرائيل) عبر دعم المعارضات الشعبية.
6. التعلم من الأخطاء التاريخية:
– عدم تكرار خطأ كامب ديفيد: أي قبول تسوية تُفرّط في الحقوق (مثل التطبيع مع إسرائيل).
– الاستفادة من حرب أكتوبر 1973: حيث نجح العرب عندما اتحدوا عسكريًّا.
الخاتمة:
النصر على إسرائيل يتطلب حربًا شاملة غير تقليدية تعتمد على:
1. الردع العسكري المتوازن (نووي، صواريخ، حرب وكالة).
2. اقتصاد مقاوم يتحمل العقوبات ويُضعف الخصم.
3. دبلوماسية ذكية تستغل انقسامات الخصوم.
4. وحدة إسلامية تتجاوز الانقسامات المذهبية.
إيران لديها الأدوات الكافية لقيادة هذا الصراع، لكنها بحاجة إلى تكتيكات أكثر جرأة وشراكات إستراتيجية أوسع لتحقيق النصر النهائي.
والي اللقاء في الجزء الأخير.
الخميس ٢ يوليو ٢٠٢٥م
