الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

وجه الحقيقة … الهلالية ليست هدفآ عسكريًا، لكنها (الشفشفة) و(التغنيم)… بقلم / – إبراهيم شقلاوي

ظلت مليشيا الدعم السريع المتمردة تستهدف للمواطنين و تطبق عليهم حصاراً كاملاً في مدينة الهلالية خلال الأسبوعين الماضيين بغرض سرقت ممتلكاتهم و نهب ثرواتهم، و هو مايعرف محلياً ب(الشفشفة) و (التغنيم)، حيث لا يوجد هدف عسكري أو حامية للجيش في هذه المدينة حتي تبرر المليشيا دخولها إليها غير النهب والسرقات و اغتصاب الحرائر.

ارتكبت فيها المليشيا مذبحة بشرية بشعة بلغ عدد ضحاياها حتى الآن ما يزيد عن (200) قتيل من المواطنين العزل بما فيهم عمدة المدينة بين اقتناص بالرصاص أو موت جراء الحصار، كانت بالأمس القريب (الهلالية) مدينة وادعة مسالمة ثم تحولت إلى مكان مليء بالحزن و الخراب، تئن تحت الجراح و المأساة الإنسانية جراء حصار مليشيا الدعم السريع. بدأت المدينة تدفن عائلتها و مواطنيها كل صباح في أسوأ كارثة إنسانية حقيقية أتت على رؤوس الأبرياء المدنيين بلا رحمة، و لم يكن الأمر قاصراً على أهل الهلالية وحدهم فقد شملت المأساة قرى محلية (الكاملين) و شرق الجزيرة بكاملها الذين اجتاحتهم قوات المليشيا.

الواضح أن الأمور بالفعل قد وصلت إلى مرحلة الكارثة الإنسانية التي يجب أن يحمل العالم مسئولياته تجاهها بتوصيف هذه المليشيا بالمنظمة الإرهابية التي ظلت تقتل و تروع المدنيين. لذلك يجب ملاحقة قياداتها و حلفائها السياسيين و شركائها الإقليميين و تقديمهم للعدالة الدولية، و محاسبتهم على جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية التي قاموا بارتكابها في معظم أنحاء البلاد.

الشاهد أن انسلاخ قائد الدعم السريع في ولاية الجزيرة (أبو عاقلة كيكل) و انضمامه للجيش السوداني في أكتوبر الماضي تسبب في حملة انتقامية لمليشيا الدعم السريع من السكان المدنيين على اعتبار أن المنطقة كانت تحت سيطرته، طالت هذه الانتهاكات جميع شرق الجزيرة بمدنها الكبرى (رفاعة)، و (تمبول)، و (السريحة) و (قيلي)،و كذلك (الحصاحيصا) و من قبل (ود النورة) و القرى المحيطة بهما و أسفرت عن عشرات القتلى و تهجير عشرات الآلاف من السكان.

في أولى ردود الأفعال على هذه المأساة أعلنت أمس اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان ارتفاع حصيلة قتلى منطقة (الهلالية) بالجزيرة التي تحاصرها المليشيا إلى أكثر من (200) قتيل بينهم (20) قتلوا رمياً بالرصاص.

كما أصدرت أيضا الخارجية السودانية بياناً كشفت فيه عن المذبحة التي تمت في (الهلالية) بشرق الجزيرة، و قالت الخارجية إن التصعيد الممنهج للمذابح و الفظائع من المليشيا ضد المدنيين يهدف لاستدعاء التدخل العسكري الدولي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين، بما يمكن المليشيا من تجنب الهزيمة العسكرية و الاحتفاظ بالمواقع التي تحتلها بما فيها منازل المواطنين، و كذلك مواصلة احتجاز آلاف المدنيين رهائن في معتقلات سرية. و بدلاً من استجابة المجتمع الدولي لهذا الابتزاز الإرهابي من المليشيا بطرح فكرة التدخل الدولي، فالمطلوب هو تصنيف المليشيا جماعة إرهابية، و ملاحقة قياداتها و عناصرها كمطلوبين للعدالة الدولية، و اعتبار كل من يساعد أو يدعم المليشيا شريكا في هذه الانتهاكات.

كذلك توجهت تنسيقية القوى المدنية بقيادة (عبد الله حمدوك) بنداء لطلب التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين العالقين في مناطق النزاع و تقديم المساعدة الضرورية لهم. و طالبت بتشكيل لجنة إنقاذ دولية لتقديم الدعم و الإغاثة و ضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين، هذا الطلب واجهه المراقبين بالنقد الشديد معتبرين أن تقدم بأماكنها أن توقف الانتهاكات على مواطني قرى ولاية الجزيرة و علي السودان قاطبة إذا ما انسحبت من إتفاق اعلان المبادئ الذي وقعته في أديس أبابا مع المليشيا فبراير الماضي و الذي شكل لها غطاءً سياسياً و إعلاميا مكنها من مزيد من الانتهاكات الوحشية التي ظلت تقوم بها.

بالنظر إلى أن الاتفاق ينص على حماية المدنيين وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات الإنسانية و عودتهم إلى مناطق سكنهم و هو مالم تلتزم به المليشيا. كذلك كان بإمكانها أن تدين احتلال المليشيا لقري الجزيرة و تهجير أهلها و انتهاك حرماتهم و أعراضهم و إذلال العجزة و المسنين، و أن تطالبهم فورا بالانسحاب من هذه القري الآمنة و السماح بوصول المساعدات الإنسانية إليها بدلاً عن الحديث عن الانتهاكات دون الحديث عن مرتكبها وادانته هذا يعد إقرارا لحصار المدنيين و تقنين الاحتلال و شرعنته.

عليه فإن وجه الحقيقة في التأكيد على إن تدخل المجتمع الدولي مهم و ضرورياً في هذا الوقت إن كان جاداً في وقف الانتهاكات و حماية حقوق الإنسان كما يدعي، و ذلك بتصنيف المليشيا بالمنظمة الإرهابية، ثم بإدانة كافة الضالعين الإقليميين الدوليين في تمويل المليشيا و مدها بالسلاح و المقاتلين. بجانب إدانة من يوفرون لها الغطاء السياسي و الإعلامي هذا ما يمكن ان نسميه مساعدة السودانين باستعادة الأمن و تحقيق السلام. كذلك علي منظمات الأمم المتحدة و الصليب الأحمر والهلال الأحمر و الاتحاد الإفريقي و جامعة الدول العربية تحمل مسؤولياتها، و التدخل للمساعدة في وضع حد لهذه الأعمال الوحشية التي يتعرض لها السكان المدنيين بما يدين مليشيا الدعم السريع و يحملها مسؤولية أفعالها الإجرامية.
دمتم بخير وعافية .
السبت 9 نوفمبر 2024م. Shglawi55@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى