مقالات الرأي
أخر الأخبار

آفاق تحسين سلامة الأغذية في السودان: القيود و الفرص في ظل الحرب .. بقلم/ د.محمد الفاتح

يمثل تحسين سلامة الأغذية في السودان تحدياً كبيراً لا سيما في ظل الحرب المستمرة التي تلقي بظلالها الثقيلة على الأمن الغذائي و الصحة العامة. تعد قضية سلامة الأغذية أكثر إلحاحاً في الأوقات التي تشهد فيها الدول نزاعات و حروب، حيث تتسبب في تعطيل أنظمة الإنتاج و التوزيع، مما يؤدي إلى زيادة معدلات التلوث الغذائي و انتشار الأمراض المرتبطة بالغذاء.

و رغم الظروف الصعبة، تظل هناك فرص يمكن استثمارها لتحسين سلامة الأغذية بجانب القيود الجسيمة التي تعوق تحقيق هذا الهدف. سنتناول أكبر خمس مهددات و قيود محتملة التي تواجة نظام سلامة الأغذية بالبلاد.

أولاً: يعتبر انهيار البنية التحتية أكبر المهددات التي تواجه نظام سلامة الأغذية في ظل الحرب؛ حيث تؤدي الحرب إلى تدمير مرافق الإنتاج و التخزين و التوزيع مما يزيد من خطر التلوث الغذائي. تعطل الحرب أيضاً أنظمة المياه و الصرف الصحي مما يؤثر بشكل مباشر على سلامة الأغذية.

ثانياً: تعاني الجهات الحكومية و المنظمات غير الحكومية من نقص الموارد المالية و التمويل اللازم لتحسين نظم سلامة الأغذية. يؤدي هذا النقص إلى ضعف الرقابة على الأسواق وانخفاض القدرة على إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة.

ثالثاً: يؤدي عدم الاستقرار الأمني و الانفلات الأمني إلى صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة لتقديم الدعم الغذائي و ضمان سلامته. كما أن النزوح الجماعي للسكان يعقد الجهود الرامية إلى مراقبة الغذاء و توزيعه بشكل صحي.

رابعاً: تؤدي الحرب إلى انعدام الوعي المجتمعي بأهمية النظافة و سلامة الأغذية مع انتشار الممارسات غير الصحية خاصة بين النازحين. يعتمد كثيرون على مصادر غذاء غير موثوقة، مما يزيد من حالات التسمم الغذائي و الأمراض المنقولة عبر الطعام.

خامساً: تتسبب الحرب في تعطيل العمل المؤسسي الرسمي للدولة في الرقابة الغذائية و غياب السياسات الفعالة ، مما يؤدي إلى ضعف تطبيق القوانين المتعلقة بسلامة الأغذية، كما تضعف قدرات الجهات الرقابية على مراقبة الأسواق مما يسمح بانتشار الأغذية الفاسدة أو الملوثة.

في الجانب الآخر، هنالك أيضاً خمس فرص ممكنة يجب إستغلالها الاستغلال الآمثل لتحسين نظام سمة الأغذية، من أهمها المساعدات الدولية و الإنسانية التي تقوم بتوفريها المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة و هي فرصة هامة لدعم جهود تحسين سلامة الأغذية. يمكن لهذه المنظمات تقديم الموارد الفنية و المالية لدعم أنظمة الرقابة الصحية في الدولة، و توفير معدات و تقنيات لفحص الأغذية و ضمان سلامتها كدور مهم لسلامة المواطنين.

ثانياً في ظل الحرب، يمكن استغلال التقنيات التكنلوجية منخفضة التكلفة مثل أنظمة تنقية المياه، و حلول التخزين المؤقتة التي تمنع تلوث الأغذية لضمان تحسين جودة الغذاء. هذه الحلول متاحة و يمكن نشرها بسرعة في المناطق المتضررة.

ثالثاً تفعيل الشراكات المجتمعية مع المجتمعات المحلية حيث تمثل فرصة لتحسين سلامة الأغذية من خلال بناء مبادرات ذاتية تعتمد على توعية الناس بالممارسات الغذائية الصحية. يمكن تفعيل دور النساء و الشباب في هذه المجتمعات لتعزيز ممارسات النظافة و السلامة.

رابعاً تعزيز التعاون مع الدول المجاورة في ظل الحرب، قد تكون التجارة و التعاون مع الدول المجاورة وسيلة لتوفير أغذية أكثر أماناً. يمكن أن تساهم هذه الشراكات في تخفيف الضغط على الأسواق المحلية وضمان وصول أغذية ذات جودة مقبولة إلى المناطق المتضررة.

خامس فرصة لتحسين معايير السلامة هي التطوير المستمر للإغاثة الغذائية التي تقدم في حالات الطوارئ حيث يمكن أن تتضمن هذه المساعدات برامج تدريب للمتعاملين مع الغذاء لضمان التعامل السليم مع الغذاء و تخزينه بطرق آمنة.

و في هذه المساحة نضع أيضا خمس توصيات مهمة قد تساعد علي استعادة نظام سلامة الأغذية بالبلاد و تحسينه في ظل الحرب و التي تتمثل في:

تعزيز دور المنظمات الدولية مع توسيع نطاق التعاون معها لتعزيز سلامة الأغذية، من خلال توفير التدريب و الدعم الفني والمعدات و الأجهزة الخاصة بتحسين سلامة الأغذية و الرقابة للمجتمعات المتضررة.

ثانياً: يمكن إطلاق برامج توعية للمجتمعات المحلية مما يلعب دوراً أساسياً في نشر الوعي حول أهمية النظافة و سلامة الأغذية. ينبغي إشراك المتطوعين المحليين لتنفيذ برامج توعية فعّالة.

ثالثاً: يجب التركيز على توفير حلول مرنة وسريعة التنفيذ مثل توفير أدوات بسيطة لفحص الأغذية و تخزينها إلى جانب تحسين جودة المياه المستخدمة.

رابعاً: ينبغي العمل على تعزيز التعاون مع الدول المجاورة لضمان استمرارية تدفق الأغذية السليمة إلى المناطق المتضررة لضمان سلامة سلاسل الإمداد مع التركيز على تحسين النقل و التخزين.

خامساً: من الضروري وضع سياسات طوارئ فعّالة لضمان استمرار الرقابة على سلامة الأغذية في ظل الحرب مع توفير التمويل اللازم للجهات العاملة في هذا المجال.

في الختام يمثّل تحسين سلامة الأغذية في السودان خلال الحرب تحدياً معقداً يتطلب تكاتف الجهود المحلية و الدولية. ورغم القيود الكبيرة، إلا أن هناك فرصًا يمكن استثمارها للتخفيف من الآثار على الأمن الغذائي.

من خلال التخطيط السليم و تنفيذ استراتيجيات فعالة تمكن من تقليل مخاطر تلوث الغذاء و ضمان صحة و سلامة السكان حتى في ظل أصعب الظروف. و بالتأكيد هذه يضع علي كاهل الهيئة السودانية للمواصفات عبء كبير لدورها المهم في معركة حماية المستهلك السوداني و قد شاهدنا هذه الملحمة الجبارة التي يقوم بها العالمون في ظل هذه الظروف الصعبة و التي تحتاج للمزيد من تضافر الجهود الرسمية و الشعبية.

دمتم سالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى