مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية … التكايا في زمن الحرب: تكافل شعبي أم أداة خفية للسيطرة؟ .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في ظلّ ما يعيشه السودان من أزمات وتحديات، برزت التكايا كرمز للتكافل الاجتماعي وقوة تلاحم الشعب السوداني في مواجهة الصعاب. هذه المبادرات الإنسانية التي تجمع السودانيين حول وجبةٍ مشتركة و إحساسٍ بالترابط لا شك تعكس الروح الوطنية الأصيلة. لكن، خلف هذا المظهر الإنساني الجميل، قد تكون هناك أسئلة حارقة تحتاج إلى إجابة حذرة: هل التكايا مجرد مبادرات شعبية أم جزء من مخطط خفي؟ هل صراع القوى على السودان أخذ بُعدًا جديدًا أكثر خطورة و نعومة؟

التكايا: مظهرٌ للترابط أم أداةٌ لأجندات مخفية؟
في ظروف الحرب و التوترات الداخلية، لا عجب أن يلجأ الشعب إلى التكايا كملاذ إنساني، حيث تتلاقى الأيادي لتقديم الدعم و المساعدة. و مع ذلك، علينا أن نكون على وعي بأن مثل هذه الظواهر الاجتماعية قد تتجاوز مفهوم المساعدات الذاتية. في عمق هذا المشهد، قد تكمن أجندات خارجية تسعى لاختراق المجتمع من خلال قنوات لا تلفت الانتباه مباشرة، بل تستغل حاجته للدعم لتزرع مفاهيم و أفكار تخدم مصالح قوى لا تريد الخير للسودان.
تاريخيًا، تستخدم القوى الأجنبية وسائل غير عسكرية للسيطرة على المجتمعات. القوة الناعمة هنا تظهر في شكل مبادرات إنسانية، فتستغل العطاء كقناع يخفي خلفه نوايا خفية تتعلق بتوجيه الرأي العام و كسب القبول الشعبي لأجندات غير وطنية.

القوة الناعمة: السم المدسوس في الدسم
ليس كل عطاء بريء، وليس كل مبادرة إنسانية تهدف إلى الخير. حينما تعجز القوى عن فرض أجنداتها بالقوة العسكرية، تلجأ إلى القوة الناعمة. هذه القوة تُستخدم بذكاء للتسلل إلى عمق المجتمع، متخفيةً وراء مشاعر الرحمة والعون، لكنها تعمل في الواقع على التأثير في مواقف الناس وتوجيههم بطرق لا يلاحظونها. التكايا التي قد تبدو وسيلة إنقاذ ضرورية في ظل الأوضاع الراهنة، قد تصبح وسيلة لزرع الاعتماد على الآخرين وتكريس ثقافة التبعية.
القوى التي تعجز عن بسط سيطرتها باستخدام الرصاص، تدرك أن التحكم في العقول والمشاعر قد يكون أكثر فعالية. هنا يأتي دور التكايا كمظهرٍ من مظاهر القوة الناعمة التي تُدار بمهارة، بهدف السيطرة على الشعب السوداني وتوجيهه نحو قبول سياسات وأجندات لا تصب في مصلحته.

السيطرة الخفية: تأثير غير مباشر على السياسة والأمن
التكايا قد تكون مجرد أداة ضمن خطة أكبر لتفتيت المجتمع السوداني، و تحويله إلى مجتمع يعتمد على المعونات بدلاً من الاعتماد على قدراته وإمكاناته. ففي وقت تتراخى فيه بعض مؤسسات الدولة، تتحرك بعض القوى لملء هذا الفراغ و استغلاله لفرض نفوذها. وهذا ما يُشكل تحديًا كبيرًا أمام القيادة السودانية، خاصة جهاز المخابرات العامة الذي يجب أن يبقى يقظًا أمام هذه التحركات الناعمة.
القوة الناعمة لا تستهدف فقط السيطرة على المجتمع المدني، بل تسعى إلى التأثير على صنع القرار، من خلال كسب الرأي العام ودفعه نحو تأييد سياسات خارجية مفروضة. في هذا السياق، لا بد من مراقبة دقيقة ومستمرة لهذه الظواهر، حتى لا يتم التلاعب بالشعب السوداني واستغلال ضعفه لصالح قوى أجنبية.

أصل القضية: الحذر من السم المدسوس في الدسم
في نهاية المطاف، نحن أمام مشهد يحمل وجهين: الوجه الأول يعكس روح التعاون والتلاحم التي لطالما تميز بها الشعب السوداني، والوجه الآخر قد يحمل في طياته أجندات خفية تُدار من وراء الكواليس. القضية هنا ليست مجرد مساعدة شعبية أو عطاء بريء، بل هي مسألة تتعلق بالأمن القومي واستقلالية القرار السوداني.
نداء إلى متخذ القرار: جهاز المخابرات العامة، و الأجهزة السيادية الأخرى، يجب أن يدركوا أن المعركة ليست فقط على الأرض، بل في العقول و القلوب أيضًا. عليكم التحرك بسرعة و يقظة لرصد أي محاولات لاستغلال هذه المبادرات الشعبية و الحرص على حماية المواطن السوداني من أي محاولات لتوجيهه بشكلٍ غير مباشر.
رسالة إلى المواطن: أنت حامي الحمى الأول، أنت السد المنيع في وجه كل من يسعى للتلاعب بمستقبلك و وطنك. لا تنخدع بالمظاهر، و افهم أن الدفاع عن السودان ليس فقط بالتصدي للأعداء في ساحات المعارك، بل أيضًا بالتصدي لأي محاولة لزرع الأفكار التي تخدم مصالح القوى الخارجية. حذار من السم المدسوس في الدسم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى