أصل القضية … السودان: هل يستفيق المواطن قبل فوات الأوان؟ .. بقلم/محمد أحمد أبوبكر

في زمنٍ تجتاح فيه الأزمات كل زاوية من السودان، يظل السؤال الحاسم: متى يستفيق المواطن السوداني ليتحول من ضحيةٍ للأحداث إلى صانعٍ للتغيير؟ نحن اليوم في مواجهة لحظة تاريخية، إما أن نكون أو لا نكون. إن المبادرات الإنسانية و الإغاثات التي تتدفق علينا من كل حدب و صوب لم تستطع أن تنقذ المواطن من دائرته المغلقة، حيث يظل كادحًا، مجهدًا، مستنزفًا، بلا أمل حقيقي يُغذي طموحاته. فهل قدر الإنسان السوداني أن يبقى هكذا إلى الأبد؟
منذ العام ٢٠١٣م، حيث حاولت القوى الخارجية بأيادي داخلية إدخال رياح الربيع العربي إلى السودان، و نحن نشهد تحولات دراماتيكية. مرورًا بثورة ديسمبر التي أدخلت السودان في نفق مظلم، إلى تمرد مليشيا الدعم السريع الذي أضاف فصولًا من الألم، و ظهور كيانات سياسية هلامية مثل “قحت” و “تقدم” التي زرعت المزيد من الفوضى، و الآن نحن على أبواب تشكيل حكومة منفى من قبل من و بمباركة من؟. كل هذه الفصول تُكتب من حولنا، لكن ماذا عن دور المواطن السوداني؟
هل المشكلة في الخارج، حيث تجد الإمارات و غيرها ضالتها في السودان، أم أن الداء في الداخل، حيث يغرق المواطن في خمولٍ عميق، و صمت مطبق، ينتظر الفرج دون أن يحرك ساكنًا، رغم أن الجيش و قواته المساندة يحققون نجاحات على الأرض يومًا بعد يوم، لم نشهد بعد انتصارًا على مستوى الجهاز التنفيذي؟ أين نجاحاتنا في بناء الاقتصاد، في توحيد الصف، في جعل المواطن شريكًا في صياغة مستقبله؟
المفارقة الكبرى أن المواطن السوداني بات يستثمر في حاجة أخيه المواطن، ما يمكن أن نسميه “الاستثمار في حوجة الناس”، و لكن أين هو الاستثمار في الوطن؟ لماذا لا يتحرك الجهاز التنفيذي بحجم المسؤولية الوطنية؟ هذا السؤال يقودنا إلى قلب الرسالة التي نريد إيصالها: التغيير لن يأتي من الخارج، و لن يصنعه الدعم الدولي وحده، بل يأتي من الداخل، من إرادة هذا المواطن الذي يجب أن يستفيق، أن يدرك أن الحل ليس في الانتظار، بل في المبادرة.
أصل القضية: لقد أرهقنا التكرار، و أتعبتنا الانتظارات الطويلة. السودان، هذا الوطن الغني بتاريخه و ثقافته و موارده، لا يحتاج إلى من ينقذه من الخارج، بل يحتاج إلى نهضة داخلية، إلى ثورة في الوعي، إلى استعادة القيم الوطنية التي كانت دومًا مصدر فخرنا. إن استثمار المواطن في أخيه المواطن يجب أن يمتد ليصبح استثمارًا في الوطن بأسره، ليعيد للسودان بريقه و قوته و يضعه على مسار الاستقرار الحقيقي.
فهل يستفيق المواطن السوداني قبل فوات الأوان … أم سيظل رهينًا لدورة الزمن، منتظرًا من يحرك المياه الراكدة … إن الإجابة ليست بعيدة، بل تكمن في أيدينا، و في قدرتنا على تحويل هذا الوطن إلى وطنٍ يستحقنا، كما نستحقه.