مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية … بين مسؤولية النصر و معركة الوعي: حقوق المواطن في مواجهة جهاز تنفيذي معطل – حلول إستراتيجية الجسر والمورد لتحقيق التوازن والتنمية .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في لحظات التاريخ الحاسمة، يواجه المواطن السوداني تحديات كبرى تُختصر في سؤالٍ واحدٍ يعتري كل فرد: أين حقوقي؟. كيف يمكن لمواطنٍ يتجرع معاناة النقص في الخدمات الأساسية، و يمضي يومه وسط القلق و الغموض حول المستقبل أن يتقبل جهازاً تنفيذياً لا يستجيب و لا يرى، أو يبدو و كأنه لا يسمع؟ كيف يمكننا الحديث عن التنمية في وقتٍ نعيش فيه تحت وطأة الشلل الإداري و انقطاع الجسور بين المواطن والحكومة؟
هذه هي معركة الوعي. الوعي بأن الحلول لا تنبع من أروقة السلطة فقط، بل من مسؤولية كل مواطن في فهم دوره و أهميته في بناء وطنه. هل أدركنا بعد أن النصر الحقيقي لا يتحقق بالسلاح فقط، بل بإعادة ترميم العلاقة بين المواطن و الدولة؟ أم أن الوعي ما زال أسيراً للأوهام القديمة، حيث نتوقع أن تحل الحكومة كل الأزمات دون أن نكون نحن طرفاً في الحل؟

تساؤلات لا تجد أذناً صاغية: ما الذي يمنع الحكومة من التحرك؟
أمام كل هذه التحديات، تظل الأسئلة عالقة في ذهن كل مواطن سوداني: لماذا يعجز الجهاز التنفيذي عن الاستجابة السريعة؟ أين الحلول التي تمس حياتي اليومية؟ لماذا لا تُسمع أصواتنا و لا تُترجم احتياجاتنا إلى قرارات فعلية؟ هذه الأسئلة ليست مجرد استفهامات عابرة، بل هي صرخات تتردد في كل منزل، و كل شارع و كل قلب سوداني يبحث عن الأمل في ظل جهاز حكومي يبدو معطلاً في مواجهة الأزمات المتفاقمة.
إذاً، ما هو المطلوب من الحكومة؟ ألا ترى الحكومة أن الطمأنينة لا تأتي إلا بخطوات ملموسة تعيد الثقة للمواطن؟ هنا يكمُن التحدي: إعادة بناء جسور الثقة بين الجهاز التنفيذي و المواطن، و إعادة ترتيب الأولويات بناءً على احتياجات الشعب الفعلية و ليس فقط الحسابات السياسية.

الحلول الآنية: رسائل طمأنة فورية من الحكومة للمواطن:
في مواجهة هذا التصدع بين المواطن و الدولة، لا بد من حلول عاجلة تبث الطمأنينة و تعيد الأمل:
١. تحسين الخدمات الأساسية فوراً: لن ينتظر المواطن طويلاً حتى يتم إصلاح الاقتصاد كاملاً. لكن، ماذا لو رأى تحسناً ملموساً في الكهرباء، المياه، و الإمدادات الغذائية؟ إن تحسين هذه الخدمات الأساسية بشكل فوري سيسهم في تهدئة النفوس و بث روح جديدة في الشارع السوداني.
٢. إطلاق برامج دعم نقدي مباشر: المواطن يحتاج إلى حلول سريعة للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية. يمكن للحكومة أن تطلق برامج دعم نقدي مباشر للأسر الأكثر تضرراً مما يمنحهم بعض الأمان المالي على المدى القصير.
٣. تفعيل دور الإدارات المحلية: لا يمكن للحكومة المركزية بمفردها تلبية كافة احتياجات الشعب. يمكن أن تتحرك عبر الإدارات المحلية لتكون قريبة من الناس، تستمع إليهم و تلبي احتياجاتهم بشكل أسرع و أكثر فعالية.
٤. إطلاق حوار وطني شامل: المواطن يريد أن يُسمع. لا يمكن للحكومة أن تعمل بمعزل عن الشعب. يجب أن تطلق الحكومة حواراً وطنياً يشمل كافة الفئات، ليفتح المجال أمام المواطن ليشارك في صنع القرار.
استراتيجية “الجسر والمورد”: الحلول المستدامة تبدأ من المواطن:
بينما تعمل الحكومة على توفير هذه الحلول الفورية، علينا ألا ننسى أن بناء الدولة على أسس متينة يتطلب رؤية أبعد مدى. هنا تأتي استراتيجية الجسر والمورد، التي تقوم على ربط المواطن بالدولة، وربط السودان بالعالم الخارجي، عبر استثمار الموارد الوطنية بطريقة مبتكرة و مستدامة. نحن نملك في السودان ثروات هائلة من الصمغ العربي، الأراضي الزراعية الخصبة، والمعادن. لكن ماذا يعني ذلك للمواطن إذا لم يكن جزءاً من العملية؟ هل الحكومة مستعدة لأن تستفيد من قدرات الشعب السوداني و تفتح المجال أمامهم ليكونوا شركاء حقيقيين في تحقيق التنمية؟

تساؤلات تُثير حفيظة المواطن: من يملك الأولوية؟
لكن هنا يأتي السؤال الكبير: هل الحكومة تُعطي الأولوية للمواطن أم للأجندات السياسية؟. هل يتساوى الاهتمام بالتحالفات الخارجية مع الالتزام بتحسين حياة الناس؟ المواطن السوداني لا يريد وعوداً، بل أفعالاً. يريد أن يرى استثمار موارده في مشاريع تعود عليه بالنفع، و ليس في سياسات بعيدة عن واقع حياته اليومية.

القيم الوطنية: الأساس الذي لا يجب أن ننساه
العودة إلى القيم الوطنية السودانية التي شكلت وجدان هذا الشعب هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة. التضامن، القوة و الشجاعة في مواجهة الصعاب، هذه هي القيم التي كانت و لا تزال تدفعنا نحو النصر. يجب على الحكومة أن تستلهم هذه القيم لتكون جسراً للتواصل مع الشعب و ليس حاجزاً بينه و بين حقوقه.

أصل القضية: وعي المواطن في صلب الحل
إذا عُدنا إلى أصل القضية، سنجد أن الأزمة ليست مجرد أزمة سياسية أو اقتصادية، بل هي أزمة وعي. الوعي بأن المواطن ليس متلقياً سلبياً للقرارات الحكومية بل شريك في بناء الدولة. هل نعِي أن حقوقنا تتطلب منا أن نكون أكثر تفاعلاً، أكثر وعياً و أكثر قدرة على تحمل المسؤولية؟ هذا هو لُبّ القضية.
إن أصل القضية يكمن في فهم أن استراتيجية الجسر و المورد ليست مجرد خطة حكومية، بل هي دعوة للمواطن السوداني ليكون جزءاً من الحل. إنها جسر بين الحاضر و المستقبل، و جسر بين المواطن و حكومته. النصر الحقيقي يبدأ عندما يدرك كل فرد منّا أنه لا يمكن أن يتحقق إلا بالوعي الجماعي و التعاون المشترك.
ختاما: إلى متى سيظل المواطن ينتظر أن يستجيب الجهاز التنفيذي لأحلامه و آماله؟ إلى متى ستظل الأسئلة بلا إجابات؟ في معركة الوعي، النصر لا يأتي إلا عندما نبني جسوراً حقيقية بين الشعب و الحكومة، بين الماضي و المستقبل و بين التحديات و الفرص. استراتيجية الجسر و المورد هي السبيل لتحقيق ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى