أصل القضية … عفواً عزيزي المواطن: ما ترفض مواجهته سيبقى يتحكم في حياتك – قراءة في صمت السودانيين و واقع السودان اليوم .. بقلم/ محمد احمد أبوبكر

في عمق الأزمة السودانية، يظهر الصمت كسمة أساسية تسود بين المواطنين. لكن هذا الصمت ليس سلامًا، بل هو جمود قاتل. الحرب، الفقر، والخيانات السياسية التي تتشابك فيها المصالح الدولية والإقليمية جعلت من المواطن السوداني مجرد متفرج في مشهد تتآكل فيه دولته دون أن يملك الأدوات اللازمة للتأثير أو التغيير. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل هذا الصمت هو نتاج القهر الذي فرضته الحرب، أم أن السودانيين قد اعتادوا على الذل و الهوان لدرجة أنهم لا ينتفضون؟
صمت المواطن و غياب القيادة:
عندما ننظر إلى الأوضاع في السودان، نجد أن المواطن يقف في المنتصف بين صراع مستمر على السلطة وبين قيادة سياسية، ممثلة في مجلس السيادة، التي يبدو و كأنها عاجزة أو غير راغبة في التواصل مع الناس. فلا حكومة حرب تشكلت لتقود البلاد في هذه الظروف الصعبة، و لا رسائل تطمينات تبعث إلى الشعب. إن المواطن السوداني ليس بحاجة إلى خطابات عاطفية أو وعود فارغة؛ بل هو بحاجة إلى أفعال ملموسة تعكس رغبة القيادة في إنقاذ البلاد.
الحقيقة المؤلمة هي أن السياسة الداخلية المتعثرة لا تسمح للسودان بالوقوف بثقة في الساحة الدولية. فالبلد الذي يعيش في حالة من الفوضى السياسية و الاقتصادية لا يمكن أن يكون له سياسة خارجية ناجحة أو مؤثرة. و كما هو الحال الآن، فإن المجلس السيادي يبدو و كأنه مغيب، متفرج على الفوضى دون أن يقدم حلولًا عملية توقف هذا التدهور. المواطن يصرخ من الداخل، لكن لا يجد من يستمع له.
السودان بين الجسر و المورد: أين المواطن؟
وفق استراتيجية “الجسر والمورد”، يمكن أن تتحول الأزمات إلى فرص، و يمكن أن تكون الموارد المحلية ركيزة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن. و لكن ما يحدث الآن في السودان هو العكس تمامًا. المواطن لا يرى أي خطوات فعلية لتحسين الأوضاع، ولا يشعر أن الدولة تسعى إلى استخدام موارد البلاد بطريقة فعالة. الصمت المستمر يعمق الأزمة، و يترك البلاد عرضة لمزيد من التدخلات و الضياع.
إن كل يوم يمر دون أن يتحرك مجلس السيادة لاتخاذ خطوات جريئة يشكل خطرًا على مستقبل البلاد. المواطن السوداني، الذي يعاني من ضبابية الحاضر و المستقبل، لا يجد في مجلس السيادة القيادة الحازمة التي تبعث الأمل. بل يجد في هذه القيادة سلحفائية غير مبررة، تضع البلاد في مأزق أخطر مع كل لحظة تمر دون تشكيل حكومة حرب تكون قادرة على إدارة الأزمة الحالية.
أصل القضية: رسالة إلى رئيس مجلس السيادة:
في نهاية المطاف، أصل القضية يكمن في القيادة والقدرة على اتخاذ القرار. المواطن السوداني ليس صامتًا عن رضى، ولكنه صامت من اليأس. و اليأس هو الخطر الأكبر الذي يواجه السودان. و هنا تأتي رسالتي إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة و القائد العام لقوات الشعب المسلحة:
سيادة الفريق أول، أنت ابن هذه الأرض، ابن الكلية الحربية السودانية. لقد تعلمت منذ خطواتك الأولى في الجيش السوداني أن الكرامة ليست مجرد كلمة تُقال، بل هي فعل يُنفذ و معنى يُعاش. و المواطن السوداني، الذي عاش كل هذه الأزمات، لا يطلب منك سوى الكرامة. كرامة ليست حروفاً جوفاء، بل واقعًا يعاش في كل بيت وقرية ومدينة.
المواطن السوداني يرجو منك اليوم، و أنت في هذا الموقع الحساس، أن تكون الجسر الذي يربط بين الحلم السوداني و المورد الحقيقي لهذا الوطن. المواطن يريد الأمل، يريد القيادة، و يريدك أن تكون الصوت الذي يعيد له الثقة في مستقبله. تشكيل حكومة حرب ليس مجرد خيار سياسي، بل هو واجب وطني في هذا الوقت العصيب. أنت اليوم، بحكم موقعك، تحمل مسؤولية تاريخية أمام هذا الشعب. فلا تدع الصمت يستمر في حكمنا، و لا تدع الفوضى تنتصر.
السودان يحتاجك.