مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية … في السودان – الكرامة تنتصر… فهل ينتصر الوعي؟ .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

بينما يهتف البعض بانتصار القوات المسلحة السودانية في “معركة الكرامة”، يظل السؤال الأهم في هذه اللحظة: ماذا بعد؟ هل يكفي أن نستعيد الأرض ونطرد الأعداء، أم أن هناك معركة أكبر تنتظرنا جميعاً؟ إنها معركة الوعي، و هي التي ستحكم على مستقبلنا كأمة، فهل نحن مستعدون لها؟ أم أننا سنكتفي بشعارات الانتصار التي نسمعها اليوم دون أن ندرك أنها قد تكون مجرد مسكنات مؤقتة؟

الانتصار الحقيقي لم يبدأ بعد:
لا يجب أن ننخدع، أيها الشعب السوداني العظيم، بأن النصر العسكري هو خاتمة المطاف. المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد. نعم، نرفع رايات الفخر بالقوات المسلحة، و لكن ماذا عن رايات الوعي؟ ماذا عن المعركة التي تحتاج أن نخوضها داخل عقولنا و أرواحنا؟ إن الانتصار في ساحات المعارك لا يساوي شيئاً إذا لم يتحول إلى وعي شعبي يعيد بناء الأمة و يجعلنا أمة أكثر قوة و تماسكًا من الداخل.

المعركة ليست فقط بالسلاح:
قد يظن البعض أن التحدي انتهى عند سماع أصوات المدافع الأخيرة، لكن الحقيقة المرة أن معركة السلاح ليست إلا بداية لطريق طويل من البناء الوطني. هل يعقل أن نظن أن النصر العسكري وحده سيحقق لنا مستقبلًا مستقرًا؟ كلا، إن المعركة الأكبر تكمن في رؤوسنا. هل نملك الوعي الكافي لبناء سودان جديد؟ أم أننا سنظل أسرى لتلك الشعارات المؤقتة التي لا تحمل سوى وعود فارغة؟

البراهين الملموسة: دروس التاريخ
ألم نتعلم من ماضينا؟ تاريخنا مليء بالأمثلة التي تثبت أن الانتصار العسكري لا يكفي. بعد الاستقلال، فرحنا بخروج الاستعمار، و لكننا لم ننتصر في حرب الوعي. بقينا نكرر الأخطاء، نعيش على أمجاد الماضي و نكتفي بالشعارات الجوفاء، حتى وجدنا أنفسنا في نفس الدوامة من الأزمات. هل سنسمح لأنفسنا بتكرار نفس الخطأ؟ أم أننا اليوم، بعد معركة الكرامة، سنتعلم الدرس و ننطلق في معركة جديدة لبناء وعي وطني صلب يحمينا من التمزق الداخلي؟

الوطنية السودانية: مفتاح الانتصار الثاني
أيها السودانيون، نحن نمتلك كنزاً ثميناً لا يجب أن نهدره، إنه روح الوطنية التي طالما جعلتنا نقف صامدين في وجه الصعاب. لكن الوطنية ليست مجرد كلمات تتردد في أوقات الحرب. إنها العمل الجاد، إنها التضحية من أجل الآخر، إنها الصبر والعمل لبناء المستقبل. هل سنكتفي بالمظاهر و الاحتفالات؟ أم أننا سنتحلى بالشجاعة لبدء مرحلة جديدة، مرحلة يكون فيها الوعي الوطني هو الحصن الذي نحمي به مكتسباتنا؟

الوعي هو معركتنا الحقيقية:
إذا كان البعض يعتقد أن معركتنا الحقيقية انتهت بانتهاء القتال، فدعوني أخبركم أن الحقيقة أعظم من ذلك. المعركة الحقيقية الآن هي معركة الوعي. إنها معركة نخوضها جميعًا دون سلاح، لكنها أصعب و أهم. نحن بحاجة إلى وعي يرفض الفساد و التفرقة، وعي يبني و لا يهدم، وعي يجعل من السودان بلدًا يحترم فيه المواطن حقوقه و واجباته.

أصل القضية : لنكتمل بالوعي
نحن في لحظة فارقة من تاريخنا. نعم، انتصرنا في معركة الكرامة، ولكن إذا لم ننتصر في معركة الوعي، فإن هذا الانتصار قد يتحول إلى سراب. لنقف جميعًا معًا في هذه المعركة الجديدة. لنجعل من انتصارنا العسكري خطوة نحو بناء سودان جديد، سودان يكون فيه الوعي الوطني هو الأساس و السوداني هو البطل الحقيقي الذي يسهم في صنع المستقبل.
يا أبناء السودان، النصر يبدأ من هنا، من عقولكم وقلوبكم. لننتصر في معركة الوعي، و لنثبت للعالم أن السودان ليس مجرد أرض تحررت، بل هو أمة واعية تنهض من رماد الحروب لبناء مستقبل يستحقه أبناؤها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى