مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية .. من قورباتشوف إلى ترامب: قراءة في نهاية الإمبراطوريات من منظور الجسر والمورد – هل يشهد ٢٠٢٩م نهاية هيمنة الولايات المتحدة؟ .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في العام ١٩٨٩م شهد العالم تحولًا تاريخيًا مع انهيار الاتحاد السوفيتي، و هو حدث غير مجرى النظام الدولي. في المقابل، عام ٢٠٢٩م قد يكون عامًا آخر مفصليًا، حيث يُتوقع أن يواجه النظام الأمريكي تحديات غير مسبوقة قد تؤدي إلى أفول هيمنته. بالنظر إلى سياسات ترامب المثيرة للجدل، و التي تركت بصماتها على المشهد العالمي، يبدو أن الإمبراطوريات لا تنهار بسبب ضربة واحدة، بل بفعل سلسلة من القرارات المصيرية. في هذا المقال، سنحلل تداعيات سياسات ترامب، و مآلاتها على الولايات المتحدة، و كيف يمكن لدولة مثل السودان أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا التحول الجيوسياسي، باستخدام نظرية “الجسر و المورد” كمحور لهذا التحليل.
سياسات ترامب بالأمس – رياح التغيير قرارات دونالد ترامب لم تكن عشوائية، بل مثّلت تحولًا جذريًا في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث اعتمد على استراتيجية “أمريكا أولاً”، و هو توجه عزز من الانعزالية، و شكك في قيمة التحالفات التقليدية مثل حلف الناتو، و ترك فراغات استراتيجية في الشرق الأوسط و أفريقيا. هذه القرارات تمثل تراجعًا واضحًا في دور الولايات المتحدة كضامن للنظام العالمي، وهو ما سمح لقوى أخرى مثل روسيا و الصين باستغلال هذا الفراغ.
ولكن ماذا يعني ذلك للسودان؟ في ظل هذه التحولات، السودان قد يجد نفسه أمام فرصة نادرة لإعادة تموضعه على الساحة الدولية. سياسات ترامب تركت مساحة للدول الإقليمية للعب أدوار أكبر، و السودان يمكنه استغلال ذلك لتعزيز دوره في المشهد الأفريقي والدولي عبر التحالفات الجديدة و  استغلال الموارد الطبيعية الاستراتيجية.

نظرة تحليلية للجيوسياسة العالمية بعد ترامب من منظور الجسر و المورد، يمكننا قراءة التحولات الجيوسياسية من خلال فهم أسس الانهيارات الكبرى. كما انهار الاتحاد السوفيتي بفعل قرارات داخلية و خارجية خاطئة، فإن السياسات الأمريكية اليوم قد تؤدي إلى أفول هيمنتها في ٢٠٢٩م. فقد انخرط ترامب في مواجهات تجارية مع الصين، و في الوقت نفسه فتح جبهات سياسية مع الحلفاء الأوروبيين. هذه السياسات أدت إلى تصاعد القوى المنافسة ،و روسيا بشكل خاص، التي تسعى لاسترداد مكانتها.
روسيا، التي كانت شاهدة على انهيار الاتحاد السوفيتي في ١٩٨٩م، تعلمت الدرس جيدًا. بينما ينشغل العالم بتحديات الولايات المتحدة، نجد روسيا تُعيد ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط و أفريقيا، حيث تظهر بشكل أكبر كلاعب رئيسي في الساحة السودانية. اليوم، السودان يعتبر جزءًا محوريًا في معركة الموارد العالمية، خاصة فيما يتعلق بالطاقة و الموقع الإستراتيجي.

السودان و الجسر والمورد – الفرص والتحولات إذن، أين يقف السودان في هذه الصورة؟ نظرية “الجسر و المورد” تُشير إلى أن الدول التي تستطيع توظيف مواردها بشكل استراتيجي و تبني جسورًا دبلوماسية قوية، يمكن أن تحقق مكاسب ضخمة في عالم متغير. السودان، بما لديه من موارد طبيعية هائلة و موقع استراتيجي حيوي، يمتلك القدرة على أن يكون جسرًا يربط بين مصالح القوى العظمى مثل روسيا و الصين، و في الوقت نفسه يستفيد من تراجع النفوذ الأمريكي.
إذا نظرنا إلى دور السودان في التحولات الجارية، سنجد أن لديه فرصة للعب دور مزدوج؛ يمكنه أن يُقدم نفسه كشريك استراتيجي جديد في الساحة الأفريقية، و في الوقت نفسه يستغل الانقسامات في النظام الدولي لتحقيق مكاسب سياسية و اقتصادية. فهل يشهد السودان تحولًا استراتيجيًا في ١٩٨٩م؟ هل يمكن أن يكون لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل النظام العالمي؟
النظام العالمي لا يتغير بين عشية وضحاها، و لكن هناك لحظات مفصلية في التاريخ تُعيد رسم الخريطة الجيوسياسية. بين سقوط الاتحاد السوفيتي المتوقع و المفاجئ في آن واحد، و بين التحولات الأمريكية تحت إدارة ترامب، نجد أن عام ١٩٨٩م قد يكون لحظة حاسمة في تاريخ الإمبراطوريات.
و لكن المفاجأة الحقيقية قد تأتي من السودان. في عالم يبحث عن الاستقرار في منطقة مضطربة، يمكن للسودان أن يكون “الجسر” الذي يربط بين القارات و الأفكار، و المورد الذي يمد القوى العالمية بالطاقة و الحلول السياسية. سياسات ترامب، التي تركت العالم في حالة من عدم التوازن، قد تكون هي الشرارة التي تفتح المجال أمام السودان ليأخذ دوره الجديد في النظام العالمي.

أصل القضية فرصة السودان في عام ١٩٨٩م، قد نشهد ليس فقط نهاية هيمنة الولايات المتحدة، بل ولادة نظام دولي جديد. السودان، كدولة غنية بالموارد و متأثرة بالتحولات السياسية الكبرى، يجب أن يكون مستعدًا لاقتناص هذه الفرصة. إذا تمكن السودان من تبني استراتيجية “الجسر و المورد” بشكل فعال، يمكنه أن يكون لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل النظام العالمي، حيث تتلاقى المصالح بين القوى العظمى.
هذا ليس مجرد تحليل، بل دعوة للعمل. السودان يملك كل الإمكانيات ليصبح قوة فاعلة في الساحة الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى