
يصبح من الضروري التركيز على إعادة بناء الاقتصاد الوطني، و بالأخص قطاع الزراعة الذي يُعتبر أساسياً لتحقيق الأمن الغذائي و التنمية المستدامة. يتطلب ذلك وضع أولويات واضحة للإعمار، و الإصلاح الزراعي، و تعزيز التمويل، لضمان استعادة الإنتاجية و تحسين الظروف المعيشية للسكان، و يجب أن تحظى الزراعة بأولويات استثمارية عالية، من خلال تقديم حوافز للمستثمرين المحليين و الدوليين لدعم المشاريع الزراعية، و تشجيع إنشاء تعاونيات زراعية يمكن أن يُسهل على المزارعين الوصول إلى الأسواق، و تبادل المعرفة و زيادة قدرتهم على التفاوض للحصول على أسعار أفضل.
يُعتبر الإنتاج الزراعي أحد أعمدة الاقتصاد السوداني، حيث يلعب دورًا حيويًا في توفير الغذاء، و توليد الدخل و خلق فرص العمل. يتميز السودان بتنوع مناخاته و تعدد موارده الطبيعية، مما يتيح له القدرة على إنتاج مجموعة واسعة من المحاصيل الزراعية، مثل القمح، و الذرة، و القطن، و الفواكه و الخضروات. و مع ذلك، يواجه القطاع الزراعي تحديات كبيرة تؤثر على إنتاجيته وأثره في الاقتصاد الوطني.
إن القطاعات الاقتصادية الحيوية من العناصر الأساسية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة لأي دولة. و في هذا السياق، يُعد التمويل الزراعي من أهم مجالات الاستثمار، حيث يعزز من القدرة الإنتاجية للقطاع الزراعي، و يضمن تحقيق الأمن الغذائي. يُعتبر مشروع الجزيرة رمزًا للزراعة الحديثة، لكن النزاعات المسلحة، وخاصة تلك التي تقودها قوات الدعم السريع، قد أدت إلى تدمير هذا المشروع الحيوي، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي.
تضررت البنية التحتية الزراعية بشكل كبير، في تدمير نظم الري و البنية التحتية الضرورية مما تسبب في تراجع الإنتاج و زيادة الفقر بين المزارعين. إن تدمير مشروع الجزيرة من قِبَل قوات الدعم السريع لا يُعتبر مجرد حدث محلي، بل له تداعيات واسعة على الاقتصاد السوداني و العالمي. فالقطاع الزراعي في السودان يُعتبر مصدرًا هامًا للصادرات لكن الحرب الحالية أدت إلى تقليص الإنتاج الزراعي. ومن المعروف أن الأمن الغذائي في السودان له تأثيرات على السوق العالمي خاصة في ظل الأزمات الغذائية المتزايدة في جميع أنحاء العالم.
النزوح الذي تعرض له العديد من المزارعين من أراضيهم أدى إلى فقدان المعرفة و الخبرة الزراعية و أثر سلبًا على الإنتاج. فترك الأراضي غير مزروعة لفترات طويلة بسبب النزوح يؤدي إلى تدهور التربة و فقدان الخصوبة فمعالجة هذه القضية لا تتأتى إلا عبر تمويل يساعد في الاستقرار و رفع الإنتاج الزراعي من الاكتفاء الداخلي إلى التصدير وتفعيل الأنشطة الاقتصادية.
فحوجة المزارعين للتمويل الزراعي بشراء مدخلات عالية الجودة مثل البذور المعتمدة و الأسمدة و المبيدات الحشرية. هذه المدخلات تُحسّن من جودة المحاصيل و تساعد في مكافحة الآفات و الأمراض. و شراء المعدات الزراعية الحديثة، مثل الجرارات والآلات الزراعية، يزيد من كفاءة العمل و يقلل من الوقت المستغرق في عملية الزراعة.
إن التمويل الزراعي والقطاعات الاقتصادية الحيوية في السودان بحاجة ماسة إلى دعم مستدام خصوصًا في ظل الظروف الحالية. و من الضروري أن تعمل الحكومة مع المؤسسات الدولية و المحلية على إعادة بناء الثقة، و تقديم الدعم المالي و الفني للمزارعين لضمان استعادة الإنتاجية و تحقيق الأمن الغذائي. يعد الإنتاج الزراعي مصدرًا هامًا للإيرادات من الصادرات، حيث يساهم تصدير المحاصيل الزراعية مثل القطن و السمسم في جلب العملة الصعبة، يزيد الإنتاج المحلي من القدرة على تلبية احتياجات السكان الغذائية، و يُقلل الاعتماد على الواردات و يُساعد في دعم الاقتصاد الوطني. يجب مواجهة التحديات التي تعترض هذا القطاع من خلال توفير الدعم اللازم، و تعزيز الاستثمارات، و تبني تقنيات الزراعة المستدامة لضمان مستقبل مشرق للزراعة في السودان.