مقالات الرأي
أخر الأخبار

إعادة تدوير الدرن في حاويات جديدة .. بقلم/ اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

📍يقول المهاتما غاندي: “كلما قام شعب الهند بالاتحاد ضد الاستعمار الانجليزي، يقوم الإنجليز بذبح بقرة و رميها بالطريق بين الهندوس و المسلمين، فينشغلون بالصراع بينهم و يتركون الاستعمار”، و هي نفس قصة الصراع القديم المُتجدِّد بين الحق و الباطل التي ما فتِئنا نُذَكِّر بها، فمنذ ٢٠١٩م و تحالف الباطل (الإمارات و قحت و الجنجويد و المندسين في الصف الوطني) لم يدَّخروا وُسعاً من كيدٍ و مكرٍ للوقيعة بين الجيش و القوات النظامية الأخرى من جانب و بين التيار الإسلامي في السودان و الذي كانوا يرمزون له كثيراً بمصطلح الطرف الثالث من جانبٍ آخر، و قد نجحوا بعد تصحيح أكتوبر ٢٠٢١م في إعادة الوضع إلى أغسطس ٢٠١٩م، و زادوا عليه في الاتفاق الإطاري بإشراك المؤلفة قلوبهم من غمار الصف الإسلامي بدراهم الإمارات لاستكمال تفكيك القوات النظامية التي استعصى عليهم استدراجها لمخططاتهم، و بعد الحرب أرادوا تفكيك القوات النظامية و بقية السودان بالنيران بعد أن فشلوا في السيطرة بالانقلاب، ثم لم تلبث غرفة التحكم و السيطرة في الإمارات أن تبيَّن لها في الأسابيع الأولى للحرب أن نهاية الجنجويد محتومةٌ بسحقهم و مرتزقتهم و مشروعهم في هذه الحرب ففعلوا كل المُمكن و بعض المستحيل من أجل تأخير الهزيمة، و استجلبوا كل الضغوط و الأسباب للوصول إلى تحقيق أهدافهم من خلال صفقةٍ خاطئةٍ بعد أن عجزوا عن تحقيقها بالوحشية.

📍المتغيرات الدولية و الإقليمية و إسقاطاتها على الإمارات، و التصريحات الأخيرة للسيد القائد العام، و بيان وزارة الخارجية، و مجريات الميدان، و التدهور المتفاقم وسط قوات الجنجويد، و الكوميديا المُبتَذلة وسط (قحت/تقدم)، و استعادة بعث مومياء أحزاب العائلات، و الاحتفاء الرسمي بكوادر (قحت الأخرى)، و ما يدور في الإعلام، والتسريبات التي بدأت تأخذ طريقها للعلن … كلها ربما تشير إلى الآتي:-
١. جاري التخلص من قيادة عائلة (دقلو) للمليشيا، و غير مُستَبعد الإعلان رسمياً عن هلاك (حميدتي)، و غالباً اختيار قيادة ذات كاريزما و ثِقَل مجتمعي يُمكِّنها من جمع فلول المليشيا المُندَحِرة، و قد تكون هذه القيادة لم تتورَّط في التمرد مع (آل دقلو) مما يُسهِّل قبولها لدى الآخرين.
٢. ولادة مليشيا الدعم السريع مجدداً  بِمُسمَّى جديد، و قيادة جديدة من خلال عملية انشقاقات تجري فعلاً على الأرض، لِيُعاد انتاجها وطنياً من خلال أحداث مصنوعة (كما حدث بالفعل في عملية تحرير الجزيرة)، فتتحول من مليشيا جنجويد مجرمة إلى قوات وطنية ذات بطولات و أفضال كانت مخفية فيجري كشف السرية عنها!!
٣. انبعاث قحت/تقدم باسم جديد بعد تمثيلية انشقاقات و مراجعات، و ربما بقيادات كانت منزوية أو بخطاب جديد لقيادة قديمة.
٤. إغراق الفضاء بسيلٍ من الوعود الإماراتية (و غيرها) التي ستعوض السودان بتريليونات الدولارات لإعادة البناء (حنبنيهو)، و تعويض المتضررين (ثمرات)، و الاستثمارات، و حضن المجتمع الدولي و ربما الانضمام لمجلس التعاون الخليجي.
٥. استعادة الإتفاق الإطاري بعد تعديله، و تغيير اسمه، و استبعاد نصوص هيكلة و إصلاح القوات النظامية بترتيبات أمنية لدمج القوات المشتركة والجنجويد وربما قليلٌ من المقاومة الشعبية، و إغداق الوعود لهذه القوات بهدف استقطابهم لقبول و دعم السردية الجديدة للحرب التي ستنتُج عن الاتفاق، و تهيأتهم للحرب المقبلة ضد الإرهاب!! ، و تعزيز الاتفاق هذه المرة بانضمام قياداتٍ بارزةٍ و ربما مقبولة لبعض التيار الإسلامي إضفاءً للشمول.
٦. طرح سردية جديدة لحرب الثالث عشر من أبريل ٢٠٢٣م يكون فيها الإسلاميون (الطرف الثالث) هم الذين أطلقوا رصاصة الحرب و أوقعوا الفتنة بين أبناء السودان ليعودوا إلى السلطة على أشلاء السودانيين.
٧. استعادة اليونيتامس بقوات الاتحاد الإفريقي و تمويل الجامعة العربية، للإعانة في بسط الأمن، و دعم السردية الجديدة للحرب بجهودهم في التحقيق و تقاريرهم لتتم إدانة الإسلاميين وطنياً و دولياً بالقانون لتطاردهم العدالة الوطنية و الدولية.

📍 كل عناصر كتائب الإسلاميين المقاتلة في مهمة إسناد القوات المسلحة و تحت إمرتها منذ بداية الحرب و حتى اليوم كانوا موجودين يوم ١١ أبريل ٢٠١٩م و بأكثر مما هم عليه اليوم، و كل الأموال التي أنفقها الإسلاميون سِرَّاً و جهراً لإسناد المقاومة الشعبية كانت موفورةً يوم ١١ أبريل ٢٠١٩م، و كل الإسناد الإعلامي (و غيره) الذي قدَّمه الإسلاميون في حرب الكرامة كان متاحاً في ١١ أبريل ٢٠١٩م و بأكثر مما هو عليه عند اندلاع الحرب، و لكنهم لم يستخدموه لاستعادة كراسي السلطة، و لا حتى لردِّ الأذى عنهم، و آثروا القبول بالإرادة السودانية يومها رغم عِلمهم اليقيني بخفايا المخطط، و ذلك لتفويت الفرصة على أعداء السودان الذين يريدون ضرب أبنائها ببعض و إعمال الفوضى الخلَّاقة.

📍فعلت الحرب فِعلها، و ميَّزت الخبيث من الطيب حتى رأينا بعض قادة الإسلاميين في صفوف المليشيا، و لا عجب إن انضم أو تحالف بعض قادة الإسلاميين مع (قحت)، و الحمدلله الذي أذهب عن السودانيين و الإسلاميين كثيراً من الخَبَث ، و الذين كانوا مرجوِّين قبل هذا، و قد انكشف لعامة السودانيين كثيراً مما كان خافياً، و تبيَّن للناس من بكى ممن تباكى ، و لعمري فإن هذا بعضُ الخير الذي تستبطِنهُ مكاره القتال و من نكث فإنما ينكثُ على نفسه.

📍إن هذه الحرب قد نكبت كل عائلةٍ سودانيةٍ في الأرواح و الأعراض و الأموال و التاريخ و المستقبل، فالسودانيون أمةٌ واحدة، و مُصابُ بعضهم هو مُصابُ كلهم، و إن بيعة السودانيين في هذه الحرب لقواتهم المسلحة و القوات النظامية الأخرى والمقاومة الشعبية، و الشرعية لهذه المؤسسات لا لغيرها، و وظائف الأمر الواقع لا تمنح شرعيةً لعقد الصفقات أو تقسيم الصف الوطني شِيَعاً تحت أي ذريعة، و الأمانة و المسئولية معقودةٌ أمام الله لمؤسسات الشعب و قد عمَّدتها شلَّالات الدِّماء الزكية التي ما زالت تهدر، و الشعب نفسه بات اليوم مُصطفَّاً بروحه و سلاحه و ماله خلف مؤسساته النظامية حتى لا يطمَع الذي في قلبه مرض، و يدُ الله فوق أيدي قواتنا و شعبنا المتواثقة على المحافظة على وِحدة الصف الوطني، و تطهير البلاد من الخُبْثِ و الخبائِث، و استشراف فجرٍ جديد، و من أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى