مقالات الرأي
أخر الأخبار

المجاعة في السودان .. حديث أهــل “السمع و البصر” !! (1-2)

تقرير إخباري: مركز الخبراء العرب
وجد الاستطلاع الذي أجراه “مركز الخبراء العرب” حول المجاعة في السودان حظًا وافرًا في التداول على منصات التواصل الاجتماعي من قبل الباحثين و المهتمين و غيرهم من فئات المجتمع المختلفة، و ذلك لعدة أسباب أهمها أن الموضوع نفسه قد دخل أروقة الاجتماعات على المستوى الدولي، و هذا آخر اتجاه كان قد عبر عنه مجلس الأمن الدولي في جلسة الإحاطة التي عقدها مؤخرًا برعاية بريطانيا ،حاملة القلم، حول مستقبل الأوضاع الإنسانية في السودان أو ما يعرف ب”اسناد التقرير المرحلى المتكامل للأمن الغذائي” و الذي جاء مبشرًا بوجود مجاعة في السودان معتمدا على تقارير المنظمات العاملة في الشأن الإنساني في ظل المناخ الذي أفرزته الحرب الدائرة في عدد من الولايات السودانية بين القوات المسلحة و مليشيا قوات الدعم السريع.
و كان الاستطلاع واسع الانتشار الذي أجراه “مركز الخبراء العرب” قد شارك فيه 42,137 مشاركاً، منهم 70.5% من الذكور و 29.5% من الإناث. و نسبة 55.3% منهم يقيمون خارج السودان، بينما نسبة 44.7% حددوا إقامتهم داخل السودان.و تفاوتت أعمار المشاركين، حيث كانت الفئة الأقل من 18 عاماً تمثل نسبة 1.6% من المشاركين، و الفئة العمرية 18-29 سنة تشكل نسبة 4.9%، و الفئة العمرية 30-49 سنة بنسبة 29.5%، بينما الفئة العمرية من 50 سنة فما فوق بلغت 63.9%.
و تسليطًا للضوء على نتائج الاستطلاع و تعميمًا للفائدة العلمية قام “مركز الخبراء العرب” بفتح أبواب الحوار على منصاته الالكترونية بـ”ندوة اسفيرية” ، حيث شارك في مداولاتها نفر كريم من العلماء و المختصين بحزمة آراء أضافت الكثير لأصل القضية، و قامت بتشريح جوهر المشكلة تمهيدًا للخروج بتوصيات تجد طريقها إلى حيز التنفيذ من قبل الجهات المختصة و المعنية بأمر الزراعة و الأمن الغذائي في السودان.
و أشار الدكتور محمد حسن فضل الله ،مدير المركز، في مداخلته إلى أن الحديث عن المجاعة في السودان يُمكن أن يكون “مبالغًا” فيه في بعض الأحيان، و لكن من المهم النظر إلى الحقائق بعين الاعتبار. السودان بالفعل يمتلك أراضي زراعية شاسعة وثروة مائية غنية بفضل النيل و المطر، و هذه الموارد الطبيعية تُعَدّ من أعمدة الأمن الغذائي في البلاد.
و نبّه فضل الله إلى أن الظروف الحالية مثل الحرب و النزاعات الداخلية، تؤثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعي، حيث تُعطِّل عمليات الزراعة، و تُسبب نزوح السكان من المناطق الريفية إلى المدن، مما يقلل من الأيدي العاملة الزراعية. إضافة إلى ذلك، تؤدي هذه الظروف إلى صعوبات في النقل و التوزيع، مما يُعيق وصول المنتجات الزراعية إلى الأسواق المحلية.
و أضاف: “بعد انتشار الجيش و تحرير مدينة ود مدني و ٩٠% من بحري و أمدرمان بات الحديث عن مجاعة محض افتراء من دويلات لها مطامع و أجندة في الترويج لمثل هذه الأكاذيب للالتفاف علي الجيش السوداني بعد فشل مخططهم بتفكيك الدولة و الجيش السوداني و مسيرة الجيش ماضية لتحرير كامل تراب السودان ليطلع بدوره في مد دول الجوار والخليج بالمنتجات الزراعية و البستانية كسابق عهده”.
و قال: “عليه، من المهم التفريق بين الموارد المتاحة وقدرتها على منع المجاعة، و بين التحديات التي تعيق استغلال هذه الموارد و لا شك أن السودان يمتلك مقومات طبيعية هائلة، و لكن الاستفادة منها تتطلب استقرارًا سياسيًا و أمنيًا و تخطيطًا اقتصاديًا فعالًا”.
و كان الاستطلاع الذي أجراه “مركز الخبراء العرب” حول احتمالية حدوث مجاعة و ارتفاع معدلات النقص الغذائي بالسودان قد كشف عن أن نسبة 65.9% من المشاركين لا يعتقدون بحدوث مجاعة بالبلاد و أن نسبة17.1% تقر بإمكانية حدوث المجاعة.
من جانبه أوضح الصحفي والمحلل السياسي ،إبراهيم شقلاوي، في مداخلته حول الاستطلاع أن النتائج تعكس بوضوح حجم الأزمة التي يواجهها السودان، لكنها في ذات الوقت تفتح نافذة أمل عبر التشخيص الدقيق للمشكلات، ما يمهد الطريق للحلول العاجلة حيث تبرز أهمية إعادة هيكلة القطاع الزراعي كخطوة أساسية لمعالجة الأزمة الغذائية المحتملة، مع ضرورة توفير الدعم الحكومي للمزارعين بشكل أكثر كفاءة و استدامة.
و حمّل شقلاوي مليشيا الدعم السريع الجزء الأكبر من المسؤولية مبينًا أن الأمر يشير إلى وعي شعبي متزايد بالأسباب الحقيقية للأزمة، مما يعزز الحاجة إلى تحقيق الاستقرار الأمني كشرط أساسي لعودة عجلة الإنتاج. في الوقت ذاته، يُظهر ضعف فعالية المساعدات الدولية بالرغم من التعاون الكبير الذي أبدته مؤسسات الدولة في فتح المعابر الحدودية، لذلك يبرز الاستطلاع الحاجة إلى بناء شراكات أكثر جدية مع المجتمع الدولي، مع التركيز على حلول طويلة الأجل بدلاً من المعالجات المؤقتة. و قال أن الاستطلاع يُظهر ايضًا أن السودان قادر على تجاوز هذه الأزمة إذا ما تم استثمار الموارد الطبيعية و البشرية بحكمة، مع تعزيز الثقة بين الحكومة و المجتمع والعمل على سياسات اقتصادية جاذبة و عادلة تدعم التنمية المستدامة وتزيد فرص التنافس لتشجيع الانتاج “.
و اسنادًا لهذا الاتجاه فقد ذكرت النتائج أن نسبة 86.1% من المشاركين في الاستطلاع أن “قوات الدعم السريع” تضطلع بالدور الأكبر في تفاقم الأزمة الغذائية ونسبة 85.4% يرون سيطرة الدعم السريع على المناطق الزراعية سبباً رئيسياً لحدوث فجوة الإنتاج الزراعي، و نسبة 70.7% يحمّلون الدعم السريع بسرقته الوقود ونهب المحاصيل مسؤولية تهديد الأمن الغذائي.
في سياق متصل فقد جاءت مداخلة الدكتور أحمد الزبير محجوب تحمل قدر غير قليل من الاستغراب الذي يحيط بتعاطي المجتمع الدولى حول الأمر إذ يرى محجوب أن للموضوع جوانب سياسية مُستغرَبة في الاهتمام بمعبر (أدرى) بما لا يتفق مع الحيثيات القاضية بوقوع مجاعة كبرى حيث قال: “المنطقى لهؤلاء أن يهرولوا ببواخرهم و سفنهم تجاه بورسودان لإيصال أكبر إغاثة فى أسرع وقت”.
و حول إدانة الجيش لتعقيدات توصيل الإغاثات إلى المناطق التى تحت سيطرة المليشيا قال: “كان الأجدر بهؤلاء أن يدينوا المليشيا التى تقصد مع سبق الإصرار و الترصد (إحداث المجاعة بحرق المزارع و المحاصيل بمناطقها) لتجد طريقة لإدخال الاسلحة بغطاء الإغاثات”.
و أضاف: ” كان الأولى بعد حديث العقوبات أن يملأوا خزائن الأمم المتحدة المخصصة لإغاثة السودان و التى تشتكى من عدم الوفاء بالالتزامات مشيرًا إلى تجاهل البيانات الأممية المطابقة لبيانات الحكومة عن الإنتاج المحلى، و أن الأنسب أن يودعوا قيمة الإغاثات المفترضة (من الامم المتحدة) فى بنك السودان، فيتضاعف قيمة الجنيه السوداني، و تقل الأسعار كثيرًا جدًا فيسعد الجميع بدون تكاليف نقل و فتح معابر”.
و تطابقًا مع هذا المنحي فقد ذكرت النتائج التي خلُص اليها الاستطلاع الذي أجراه “مركز الخبراء العرب” حيث رأت نسبة 33,2% من المشاركين بأن خطط الحكومة لمعالجة أزمة الغذاء غير كافية و تحتاج إلى تطوير عاجل ونسبة 27.6% يعتبرون السياسات الحكومية فعالة جزئيًا في إدارة الأمن الغذائي، بينما يرى 21,7% أنه لا توجد سياسات أصلاً، كما أن نسبة 69.9% لا يرون تحميل القصف الجوي للقوات المسلحة أدنى مسؤولية في تعطيل التنمية الزراعية، و ترى نسبة 66.5% من المشاركين أن الدعم الحكومي للمزارعين محدود و غير كافٍ لتلبية الاحتياجات، و نسبة 11.6% فقط يعتقدون أن السياسات الاقتصادية حافظت على الوضع أثناء الحرب وسط انتقادات واسعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى