الصحيفة الإلكترونيةمقالات الرأي

تحت الحصار …

السلام لقلبك يا صاحبي… وإذاجاءهم آمر من من الأمن أو الخوف اذاعوا به


السلام لقلبك يا صاحبي… وإذاجاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به

✍️د. محمد حسن فضل الله

والإشاعات تنطلق، والمديا تختنق، والرسائل تزدحم والحرب النفسيه تكشر عن أنيابها …

يا صاحبي … تطالع فضاء الميديا المفتوح فإذا بالرسائل (تتطاقش)؛ (600) عربيه في النابتي في طريقها الي سنار … رسالة أخرى (150) عربية في طريق تمبول.. رسالة متحرك إسرافيل في طريقه إلى الخرطوم.. رسالة أخرى إمداد عسكرى ضخم بطريق بارا … رسالة صوتيه عن (300) عربية في اافاو . فيديو مصورعن (70) مدرعة في المسعودية… نزوح جماعي لسكان الدندر نهب أسواق سنجه … العدو على مشارف شندي… متحرك يتجاوز (ود الكريل) باتجاه الدويم، فزع عسكرى صخم … سفينة عملاقة تحمل أسلحة في الهلالية … مركبة فضاء تتحرك من العيلفون … والأسافير تمتليء وتزدحم.

رسائل مجهولة المصدر، مجهولة الكاتب مجهولة الناقل، ثم يأتي من يقسم لك أنه شاهد أفراد العدو ينزلون من السماء ومنهم من يقسم لك أنه شاهد حصى الأرض ينقلب جنوداً منهم.

أما النسوة يا صاحبي فأمرهن عجب، فمن حدثتها قريبة من (قرايب جيرانهم) عن الشجر الذى يحمل ثماراً فتنقلب جنوداً للمليشيا، وعن جنود المليشيا الذين يختبؤن داخل جذور الشجر، وعن تلك الفتاة التى تم زراعة أجهزة تشويش في رحمها، ومنهم من تحدثك عن دانة المدفع (١٣٠) التى تحمل غازات كيمائية، وعن سحابة الإمارات التى تمطر رصاصاً ينهمر فوق الرؤوس وعن ولد جيرانهم الذى أكل صاروخ الكورنيت رأسه …أحاديث وأحاديث.

يا صاحبي من أطرف ما حدثني ذات تجلي أخي الشهيد عبد الشكور في معرض الأمثال عن مثل يرفعه بعضهم دون علم إلى مصاف الأحاديث النبوية مروياً عن جماعة من مشايخ أهل الحكمة قالوا: (من صدق النساء كذب الرسل) وكان الشهيد مقتنع ويبدو أنّني بِتُّ أمثله.

يا صاحبي .. إرجاف ما بعده إرجاف، وترويع ليس مثله، وتخويف لا شاكلة له هدفه إشاعة الخوف والقلق والذعر.

هي الحرب النفسية ذات نفسها التى أطلقها اليهود يوم حصار الأحزاب للمدينة، ذاك اليوم الذى وصفه ربنا ذو الجلال فقال: (إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا).

يا صاحبي هي الحرب النفسيه التى تجند لها اليوم الغرف والقنوات و (اليوتوبيرز) والأسافير حرب سلاحها الإشاعات ووقودها الأكاذيب.

هي الحرب النفسيه يا صاحبي التى تقتل بلا رصاصة، وتذبح من الوريد للوريد بلا سكين، تفت عضد الأمة وتفسد عزيمة الرجال، وتروع الأطفال وتقهر النساء.

يا صاحبي ألم أقل لك يومها أن القرآن لايزال غضاً طريّاً من يوم أُنزل، تقرأه في مشهد وموقف مثل أمامك فكأنما تنزلت آياته الآن.

إقرأ معي يا صاحبي الآية (83)من سورة النساء قول الله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).

وفي سبب النزول قال البغوي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا، فإذا غَلبوا أو غُلبوا بادر المنافقون يستخبرون عن حالهم فيفشون ويحدثون به قبل أن يحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضعفون به قلوب المؤمنين.

وفي الآيات ماينطبق على أهل النفاق، وما ينطبق على ضعفاء الإيمان، فإن هؤلاء جميعاً يشتركون في بعض الأوصاف، فهم يشتركون في قلة ثباتهم، وفي ضعفهم في المُلمّات، وفي تلونهم، وفي تركهم لأمر الله -تبارك وتعالى- ولأمر رسوله ﷺ وفيما يقع لهم من شدة الخوف في الحروب.

أذاعوا به بلا تريث ولاتمحيص ولاتدقيق…
أذاعوه دون تقدير أو تصويب أو تصحيح …
ولو ترّيثوا قليلاً وردوه الى أهل المعرفه لوجدوا عندهم الاجابة.

وعند الطبرى يعنى إذا سمع هؤلاء خبراً (مِنَ الْأَمْنِ) يعنى خبراً يتعلق بانتصار حققه المسلمون، (أَوِ الْخَوْفِ) أو خبراً يتعلق بتعرض المسلمين لهزيمة أو قتل (أَذَاعُوا بِهِ) يعنى أَذَاعُوا هذا الخبر ونشروه دون أن يتأكدوا من صحته وكان ذلك يحدث بلبلة واضطراب في صفوف المسلمين.

يا صاحبي عصمك الله من الإشاعة، و من إذاعة الأخبار بغير هدى، وكتب الطمأنينة لقلبك العامر بالإيمان، ثم السلام لقلبك الطيب وكن سرمداً بخير. اللهم سلم …للهم سلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى