أخبار
أخر الأخبار

خبير:تركيا أصبحت اللاعب الدولي و الإقليمي الأول في العلاقة مع الصومال

تتسارع الخطى التركية نحو أفريقيا في كافة المجالات الاقتصادية و الثقافية و السياسية بحثًا عن مصالحها الاستراتيجية، التي باتت مرتبطة ببعض الدول مثل الصومال و عدد من دول منطقة شرق أفريقيا، التي تُعتبر غنية بالموارد و مهمة من الناحية الجيوسياسية. هذا الوضع جعل تركيا تخطط لتنفيذ مشاريع مثل مكافحة الإرهاب، و تأهيل و صيانة الموانئ و حماية المياه الإقليمية في الصومال.

كل هذا و غيره كان محط نقاش و تساؤل في مقابلة مع الباحث و الخبير في شؤون العلاقات التركية الأفريقية، جمال الدين علي.

أجراه /الهضيبي يس

كيف تنظر إلى العلاقات التركية الأفريقية، مع التركيز على دولة الصومال؟

بدأت تركيا تهتم بأفريقيا بصورة عامة،مثل العديد من الدول الكبرى، نظرًا لأن أفريقيا تُعد أرضًا غنية بالموارد و الأسواق مما يتيح قدرًا كبيرًا من التنافس الاقتصادي و السياسي. تاريخيًا، استخدمت دول الاستعمار القديمة أدوات المعرفة الاقتصادية و السياسية و الثقافية تجاه هذه الدول.

تحتل تركيا المرتبة الخامسة من حيث التوسع الاقتصادي و السياسي و الدبلوماسي، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، و الصين، و روسيا و فرنسا. تربط تركيا شبكة واسعة من العلاقات في القارة الأفريقية، حيث يوجد تمثيل دبلوماسي تركي في 38 دولة بالإضافة إلى 48 قنصلية و سفارة في أفريقيا.

يظل الهدف الاقتصادي الرئيسي لتركيا هو رفع مستوى الميزان التجاري مع أفريقيا إلى 200 مليار دولار، حيث يتركز اهتمامها في منطقة شرق أفريقيا نظرًا لكونها منطقة صراع استراتيجي و مركزًا للتجارة الدولية.

فيما يتعلق بالصومال، فإن تركيا تعتبر من أوائل الدول التي دعمتها و لديها قاعدة عسكرية تُعد من أكبر القواعد العسكرية خارج جغرافيا تركيا. حاليًا، تعمل تركيا على تأهيل و تشغيل ميناء مقديشو بالإضافة إلى تطوير مطار العاصمة الصومالية.

تكتسب تركيا أهمية كبيرة بالنسبة للصومال، حيث تقع في منطقة الملاحة و تشكل نحو 20% من حجم التجارة الدولية. علاوة على ذلك، قامت تركيا بإنشاء تحالف لحماية المنافذ المائية مع بعض الدول، عُرف باسم “حارس الازدهار”، لمواجهة تهديدات الحوثي.

كما أبرمت تركيا اتفاقية دفاعية مع البرلمان الصومالي، خاصة بعد التهديدات الإثيوبية المتعلقة بمساعي أديس أبابا للاستيلاء على ميناء (بربره)، مما دفع الصوماليين إلى عقد اتفاقية مع تركيا لحماية مياههم الإقليمية. هذا التعاون يعزز من فرص مزيد من التعاون الصومالي التركي في مجالات متعددة، اقتصادية وثقافية وسياسية.

ما صحة ما يُتردد عن بحث تركيا لنفوذ دولي جديد من خلال التمدد في القارة الأفريقية؟

تسعى تركيا إلى التمدد في القارة الأفريقية، حيث تعتقد أنها دولة ذات نفوذ. و قد أُطلق على عام 2023 اسم “عام أفريقيا” من قبل وزارة الخارجية التركية، بهدف تأمين أسواق جديدة للتجارة الصاعدة في تركيا و إثبات مدى تأثيرها السياسي. تسعى تركيا لطرح نفسها كدولة عظمى ذات نفوذ و تأثير في الخارطة الدولية.

في هذا السياق، أنشأت تركيا تحالفات مع بعض المنظمات الأفريقية، حيث لديها مقعد مراقب في الاتحاد الأفريقي. و بشكل سنوي، تتبنى تركيا مؤتمر العلاقات التركية الأفريقية، بالإضافة إلى مؤتمر الشراكة الاستراتيجية الأول بين تركيا و القارة الأفريقية الذي عُقد في عام 2019 بمشاركة 30 رئيس دولة أفريقية.

وقد ازداد حجم هذا الاهتمام بشكل خاص بعد إنشاء إثيوبيا لسد النهضة، والتوقعات المتعلقة بأهمية المشروع وما قد يحققه من عائدات اقتصادية.

لماذا اختارت تركيا الصومال دون غيرها لتنفيذ مشاريعها الاستراتيجية؟

لا أعتقد أن تركيا اختارت الصومال دون غيرها، إذ لديها علاقات متطورة مع العديد من الدول، خاصة في منطقة غرب أفريقيا. في عام 2024، وقعت تركيا اتفاقيات مع خمس دول تتعلق بالمجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية.

كما أن لتركيا علاقات استراتيجية قوية جدًا ومصالح كبيرة في شمال أفريقيا، ولا سيما مع ليبيا، التي تتشاطأ معها في البحر الأبيض المتوسط. هناك أيضًا اتفاقية للتنقيب عن الغاز مع حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليًا في ليبيا، بالإضافة إلى وجود علاقة تبادل مصالح مع الصومال.

ما هي أبرز المعوقات والتحديات التي تواجه تركيا في أفريقيا؟

في اعتقادي، لا توجد معوقات أو تحديات كبيرة تواجه تركيا في أفريقيا. فقد وضعت تركيا خطة قوية جدًا في القارة و حققت تقدمًا ملحوظًا على المستويين الشعبي و الرسمي حيث يُلاحظ ترحيب كبير بوجودها على الأراضي الأفريقية.

تشير التوقعات إلى أن مستقبل العلاقات التركية الأفريقية خلال الفترة القادمة سيكون واعدًا، حيث لا ينظر الشعب في أي دولة أفريقية إلى تركيا كدولة مستعمرة ذات تبعات تاريخية و سياسية بل يتم الترحيب بها اقتصاديًا. وفقًا لتصنيف الأمم المتحدة، تُعتبر تركيا الدولة الثانية في أفريقيا من حيث تقديم المساعدات الإنسانية في مجالات التعليم و الصحة و الغذاء.

ماذا عن إسهامات تركيا في مكافحة الإرهاب في بلاد الصومال؟

بلا شك، لقد ساهمت تركيا بشكل كبير في مكافحة الإرهاب في الصومال، حيث تلتزم تركيا بدعم سياسات الدولة الصومالية ولا تدعم المنظمات المستقلة، سواء كانت حركات كفاح مسلح أو أي مسميات أخرى.

عند دخولها إلى الصومال، اتخذت تركيا من بوابة الدولة نقطة انطلاق، من خلال تدريب و تأهيل الجيش و بناء الاقتصاد الصومالي، في محاولة لإخراجه من الواقع البائس الذي أدى إلى ظهور الجماعات المسلحة.

من أبرز الإسهامات التركية أيضًا وجود قوة عسكرية ساهمت في تقليل المخاطر و التهديدات التي شكلها القراصنة الصوماليون على المياه الإقليمية، خاصة خلال الأعوام 2009-2012. و قد ساعدت هذه الجهود في تراجع و انحسار المد الكبير لهذه المجموعات المسلحة، فضلاً عن تقلص مساحات حركة الشباب المرتبطة بالإرهاب في الصومال بفضل تركيا و دعمها للجيش الصومالي.

حدثنا عن الدور التركي في تعزيز مفهوم الأمن الداخلي في الصومال؟

بالطبع، يُعتبر تصديق البرلمان الصومالي بالإجماع على اتفاقية الدفاع و التعاون المشترك مع تركيا سابقةً تاريخية، حيث يعكس ذلك حجم الرضا و الإدراك لحجم تبادل المصالح بين تركيا والصومال.

هذا الأمر دليل على التأثير الكبير الذي أحدثته تركيا من خلال دورها في تعزيز الوضع الأمني داخل الصومال، خاصةً في الحد من العمليات العسكرية التي كانت تقوم بها حركة الشباب المجاهدين، بما في ذلك التفجيرات والاعتداءات على المدن والأسواق والمرافق الاستراتيجية.

إضافة إلى ذلك، وفرت تركيا قدرًا مهمًا من الطائرات المسيّرة من طراز “البلقدار”، التي ساهمت بدورها في كشف معلومات تحركات هذه الحركة المناوئة للحكومة المركزية في مقديشو. لذلك، فإن الحكومة التركية تثق بشكل كبير في مستوى التعاون الأمني بين تركيا و الصومال.

ما حقيقة دور تركيا في حل الأزمة الإثيوبية الصومالية، وهل تمتلك “أنقرة” مفاتيح الحل؟

لدى تركيا علاقات متميزة مع كل من الصومال و إثيوبيا، و هناك دعوة لعقد قمة صومالية إثيوبية في “أنقرة” يجري الترتيب لها بهدف خفض مستوى التوتر بين الدولتين.

حالياً، نشهد هدوءًا، لكن ليس حلًا كاملًا للمشكلة. و على الرغم من أن مصر تتدخل بشكل قوي في هذه المسألة، إلا أن تركيا لديها القدرة على لعب دور أكبر، نظرًا لكونها تحظى بقبول لدى كل من إثيوبيا و الصومال. لذلك، تستطيع تركيا أن تفعل الكثير في هذا السياق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى