
تحليل إخباري: مركز الخبراء العرب
فاجأ قائد قوات الدعم السريع السودانية قواته بخطاب ظهر فيه لأول مرة غير مرتديا لـ” العلامات العسكرية” التي تعرف بالرتب التي تحدد درجات الترقي للجندي أو الضابط في ميدان عمله، و قد كان يحمل رتبة الفريق أول التي حرص على الظهور بها في كافة خطاباته الموجهة لقواته من قبل اندلاع الحرب مع الجيش السوداني و قبلها.
و أقرّ قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” بخسارة قواته مناطق في العاصمة الخرطوم لصالح الجيش السوداني، و توعد بـاستلام “مناطق محددة” قبل أن يدعو قواته في كلمة مصورة نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش منهم في الآونة الأخيرة، بل التركيز على ما يريدون السيطرة عليه.
و برّر مصدر عسكري رفيع بالقوات المشتركة تحدث لـ(مركز الخبراء العرب) ظهور قائد الدعم السريع و هو يرتدي (الشال) بأن الهزائم التي تلقتها قوات الدعم السريع على يد القوات المسلحة السودانية بكافة تشكيلاتها وضعت الرجل أمام “هزيمة نفسية” فضّل أن يخاطب معها قواته (فقط) بدلاً عن الشعب السوداني كما كان يفعل من قبل، و هو يرتدي (شال) على ملابسه بدلاً من ظهور عسكري تترصع النجوم على أكتافه لتمنحه رتبة الفريق أول، و قال: “هو اعتراف منه بأنه بلا رتبة و مجرد قائد مليشيا و قد يكون للأمر دلالات أخرى”.
و تأتي كلمة حميدتي عقب انتصارات حققها الجيش خلال الأيام الماضية بفك الحصار عن مقر القيادة العامة للجيش، و سلاح الإشارة، و استعادة السيطرة على معظم مدينة بحري شمالي الخرطوم و مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان.
و قال حميدتي في كلمته: “إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير في ما أخذه الجيش منّا في القيادة (وسط الخرطوم) و سلاح الإشارة (بمدينة بحري) و بلدة الجيلي (شمال الخرطوم) و مدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)”.
و يرى مراقبون ان الخطاب قد قفز على ما بعد مرحلة الهزائم التي مُنيت بها قوات الدعم السريع إلى الكشف عن ملامح خلاف دبّت بين (دقلو) و بعض رجال الأعمال السودانيين أصحاب الارتباطات بتعامل إقليمي، و على صلة وثيقة بالاقتصاد السوداني، و هم ما أسماهم في خطابه ب”أصحاب الامتيازات” التاريخية التي تمتد لأكثر من 70 عامًا في إشارة منه إلى عمر الدولة الحديثة “دولة 56”.
و مضى في هذا الاتجاه الناشط السياسي (مصلح نصّار الرشيدي) الذي كتب على صفحته في الفيس بوك عن خلافات أسفرت عن وجهها بين حميدتي و رجال أعمال سودانيين حيث قال: “خلافات تضرب عملاء الإمارات و ما إشارة حميدتي إلا تأكيداً علي خروج الخلاف للعلن و هو يقصد رجل الاعمال (أ. د) الذي قال عنه أنه يقوم باستغلال الدولار المدعوم و يصنع “المكرونة” و يصدرها لدول الخليج، و ما فك الارتباط إلا إعلان عن الطلاق بينهم بعد إجهاض الحمل السفاحي الذي حدثت مراسمه داخل الشريحه إياها….. !!”.
غير أن المصدر العسكري الرفيع بالقوات المشتركة الذي تحدث لـ”مركز الخبراء العرب” أشار في حديثه الى أن خطاب حميدتي أراد ان يسحب الرجل به الانظار بعيداً عن منطقة الهزائم و يوجهها الى مناطق أخرى في إشارة لمدينة الفاشر بشمال دارفور، و هي اشارة كان يظن أنها خفية و لكنها معلومة للقوات المسلحة و القوات المشتركة التي قال أنها مستعدة لصد أي هجوم محتمل أو تصعيد ميداني تقوم به المليشيا تجاه المدينة مؤكدًا انه ليس مدينة الفاشر فقط بل أن دارفور كلها ستشهد نهاية المليشيا عما قريب بفضل التقدم الذي تحرزه القوات المشتركة و القوات المسلحة في المعارك الميدانية.
و كشف عن انسحاب كبير وسط قوات المليشيا قد تم خلال الأيام الماضية عبر تواصل تم بين “تنسيقية القبائل” بأبنائها الذين استنفرتهم “أسرة دقلو “مؤخراً، بالإضافة الى الخلافات القبلية التي ضربت في عمق “القوة الصلبة” للمليشيا سيما بين أبناء قبائل (المسيرية) و (الماهرية) و التي تمت عبرها تصفيات كثيرة طالت قادة كبار خاصة بعد دخول القوات المسلحة و المشتركة إلى مدينة ود مدني، و أضاف :” حميدتي خلا خطابه من مواساة قبيلة المسيرية في مقتل ابنهم “جلحة” ، و لم يذكره في وقت بادر فيه كبار قادتهم بتقديم التعازي لأسرة (على يعقوب) ، و (البيشي) و (قرن شطة) قبل أن يسخر قائلا (ما في ميّت بعزي ميّت)”.
و قال: “اعتقد أن هناك حيثيات أخرى رأت المليشيا أن ظهور قائدها بخطاب يوجهه إلى القوات ربما يخفي بعض تفاصيلها، ممثلة في الحديث عن هروب اللواء عثمان عمليات و هروب بعض القادة أمثال جدو أبو شوك و النور قبة و تحييد حبيب حريكة بسبب الإصابة و حتى عبدالرحيم دقلو أصبح هائماً في الصحراء ينتظر أجله علي يد المشتركة أو بضربة جوية”.
و اعتبر المصدر العسكري الرفيع بالقوات المشتركة الذي تحدث لـ”مركز الخبراء العرب” أن خطاب حميدتي يعبّر عن “بداية النهاية” الفعلية لملشيا الدعم السريع، لأن قائدهم نفسه اصبح لا يُرى إلا عند الهزائم بخطابات واهية لرفع روح جنده المعنوية، بعد أن تم تحرير ود مدني، و تحرير المصفاة، و فك حصار القيادة العامة و سلاح الإشارة، و فك الضغط علي المدرعات و أصبح الراكب يسير من بورتسودان إلى بحري بطريق التحدي لا يخشى الإ الله و (ناس المرور).