مقالات الرأي
أخر الأخبار

خطاب حميدتي .. رســـائل القصــر و “البرزخ” !!

تحليل أخباري: مركز الخبراء العرب
فور وصول طائرة الخطوط الكينية القادمة من دولة أوروبية و التي كان على متنها ثلاثة من مستشاري قائد قوات الدعم السريع السودانية الجنرال (محمد حمدان دقلو) الشهير بـ”حميدتي” إلى مطار نيروبي مساء الخميس الماضي حتى فاجأهم صحفي سوداني بالمطار عن الزيارة و أثرها على مجريات الساحة السودانية قبل أن يطلب تعليق و تصريح منهم على خطاب قائد الدعم السريع الأخير حول مناسبة أعياد الاستقلال في عامها الـ 69 ، و لكن لدهشة الصحفي امتنع الجميع عن التصريح ماعدا أحدهم رد قائلاً: “العالم كله سمع الخطاب و ليس لدينا ما نقوله بعد حديث القائد و لقد حضرنا لكينيا لهدف إنساني و ليس زيارة للعمل”.
و يبدو أن دهشة الصحفي أخذت طريقها إلى الانحسار بعد أن طالع على وسائط التواصل الاجتماعي ما هو أهم من تعليق مستشارين الدعم السريع على خطاب قائد القوات “حميدتي”، بعد أن تكاملت في ذهنه قرائن و حيثيات “الأهداف الانسانية” لزيارة وفد المستشارين و ما حفلت به الميديا من أخبار جديدة أخذت دورتها في انتشار واسع مفادها أن قائد قوات الدعم السريع يتلقى العلاج بالعاصمة الكينية نيروبي لاصابته بالتهاب الكبد الفيروسي، و قالت مصادر بمنظمات طوعية تقيم في العاصمة الكينية نيروبي أن قائد قوات الدعم السريع قد تدهورت صحته بصورة واضحة خلال الشهر الماضي.
و ذكر أحد قادة المنظمات في تصريح له أن انه ظل يلتقي حميدتي باستمرار كلما حل بنيروبي، و قال أن آخر لقاء جمعه بالرجل تبدت من خلاله الحالة الصحية المزرية حيث يعاني منذ فترة طويلة جداً من التهاب الكبد الفيروسي، و نتيجة للاضطرابات العصبية و الحالية و النفسية تفاقمت الآثار الجانبية و بات الرجل نحيلاً جداً و يعاني من “كحة” مستمرة.
غير أن هذه الأنباء التي تزامنت مع خطاب قائد قوات الدعم السريع لم تستطع أن تحجب الكثير من المداولات التي حظي بها الخطاب المشار اليه للرجل في مناسبة أعياد الاستقلال السودانية في عامها الـ 69 ، فقد أعاد الخطاب الجدل مجدداً حول حياة الرجل أو مقتله بمسارح العمليات و هو خيار استبعد فرضيته مركز الخبراء العرب في تقريره المنشور فيما يختص برصد اتجاهات الرأي العام حول خطاب الجنرال “حميدتي”.
و نبّه التقرير الي التاثير الواسع للخطاب وسط الرأي العام حول قضية استمرار حياة قائد الدعم السريع وصحته، وهو جدل دائم يصاحب خطاباته المصورة. ووفق تقدير الرأي العام، فإن الناس باتوا أكثر قناعة بوجود حميدتي، و في ذات الوقت يلاحظون ضعف تأثيره وسيطرته على قواته و على مجريات القتال في السودان.
و أشار التقرير الى محاولة قائد الدعم السريع تسويق نفسه كزعيم وطني يعمل لصالح السودان رغم التحديات، عبر التخفيف من مسؤوليته علن الحرب، مقدّمًا نفسه كجزء من الحل و ليس المشكلة خاصة بعد أن أشار إلى أن الاتفاق الإطاري كان سبباً في اندلاع الحرب، مما يمثل اعترافاً ضمنياً بمسؤولية الأطراف المشاركة، بما في ذلك قواته و أن هذا الاعتراف يحمل وجهين:
الأول: محاولة تحميل الآخرين جزءًا من المسؤولية، لا سيما الأطراف السياسية و العسكرية الأخرى، و الثاني: خلق مبرر لاستمرار الصراع عبر تصوير الحرب كنتاج لاتفاقات فاشلة و ليس لرغبة شخصية، و خلص التقرير إلى أن خطاب حميدتي يعكس حالة من التوتر بين رغبته في تقديم نفسه كقائد وطني و بين سياسته العسكرية التصعيدية و هو يحاول كسب الرأي العام الداخلي مع إرسال إشارات للخارج بأنه لا يزال قويًا و مؤثراً. و مع ذلك، يظهر الخطاب محدودية في رؤيته لحل الأزمة، حيث يغلب عليه الطابع التصعيدي، مما قد يعقد فرص السلام في السودان.
ولكن يبدو ان الحكومة السودانية لها رأي “غير رسمي” لم تعلن عنه عبر منصاتها المعتمدة حول خطاب قائد قوات الدعم السريع و إن كان وزير الاعلام (خالد الإعيسر) قد كتب على صفحته الشخصية بـ”فيس بوك” مُفنّداً بعض جوانب الخطاب حيث وصفه بإنه خطاب متناقض و ”مشكوك في صحته”.
وسخر الاعيسر من أسف قائد التمرد على الانتهاكات التي قام بها جنوده و تعهده بمحاسبة منفذي الانتهاكات و قال إن قائد الميليشيا سبق أن هدد بتحويل الخرطوم لخرابة تسكنها القطط، لذا أسفه لا يعفيه من المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبها جنوده بحق السودانيين. وأشار إلي أن المتمرد قائد الميليشيا (محمد حمدان دقلو) الذي أجرم في حق الشعب السوداني كذب كثيراً و ما يزال يتحرى الكذب إذ أطلق من جديد تصريحات غير متسقة مع الواقع.
‏وتابع الاعيسر قائلا : “حميدتي هو القائل قبل إشعال الحرب إن الخرطوم ستسكنها القطط، في إشارة إلى تهجير سكانها، وقد فعل ويعود ليتحدث بنفس الخطاب الذي كرره سابقاً معبراً عن رفضه لمسلك مليشياته الاجرامي و غير الأخلاقي، بينما تستمر هذه الميليشيات في ارتكاب ذات الجرائم والممارسات البشعة التي ينتقدها، لكن الحقيقة لا يمكن تزييفها”.
و في السياق قلل مصدر عسكري رفيع تحدث لـ”مركز الخبراء العرب” من محاولات (حميدتي) عبر خطابه الأخير للتأثير على قناعات الشعب السوداني مبيناً أن الخطاب أراد ان يوجه الرجل عبره للمليشيا رسالة محددة يقول من خلالها “أنه موجود” و أنهم منتصرون و لكن الواقع الميداني يقول حقائق ثابته لا تصلح معها خطابات العواطف كما أسماها المصدر و أن حياة الرجل أو مماته لا تعني للسودانيين شيئا بعد أن تجرّع المواطن كل أنواع التعذيب و القتل و التشريد و النهب.
و أكد المصدر ان الجيش السوداني لايهمه هذا الجدل المثار حول خطاب حميدتي ان كان حياً او مريضاً أو ميتاً طالما أن الانتصارات و ميزان القوة العسكرية يمضي نحو تفكيك هذه المليشيا بثبات و هزائم متلاحقة في كل المحاور و الجبهات سيرى و يجني الشعب السوداني نتائجها و ثمراتها قريبا جداً، و سخر قائلاً : “الرجل مهزوم و خطابه ليس للشعب السوداني بل موجه لقواته سواء كان من قصر أو من برزخ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى