مقالات الرأي
أخر الأخبار

قراءة في دفاتر حرب الكرامة: جهاد صادق وانتصارات مستحقة .. بقلم/ د. عبدالباقي الشيخ الفادني

● لم يكن السودان يوماً بمنأى عن التحديات و المخاطر و المؤامرات، لكنه في حرب الكرامة واجه أكبر مؤامرة في تاريخه استهدفت وجوده و سيادته عبر تمرد مليشيا الدعم السريع التي حظيت بغطاء دولي و إقليمي سعى لإعادة تشكيل المشهد السوداني وفق أجندات لا تخدم مصالحه.
● رغم خطورة المؤامرة و فداحة الخيانة فقد برهنت القوات المسلحة السودانية إلى جانب القوات النظامية و القوات المشتركة على صلابة عزيمتها في الدفاع عن الوطن مستمدةً قوتها من تلاحم الشعب السوداني و التفافه حول جيشه في معركة البقاء و الاستقلال.
● جابهت القوات المسلحة السودانية حرباً غير تقليدية، حيث لم يكن القتال مقتصراً على ميليشيا متمردة بل امتد ليشمل تدخلات و دعماً خارجياً هدفه زعزعة الاستقرار و خلق واقعاً جديداً يخدم مصالح أطراف خارجية.
● رغم ذلك كله تمكن الجيش السوداني بخبرته القتالية الطويلة و إيمانه بعدالة قضيته و وطنيته و عقيدته من الصمود و توجيه ضربات إستراتيجية أنهكت العدو و هزمته مما أجبره على الإنسحاب من مواقع حيوية في الجزيرة و الخرطوم.
● لم تكن هذه الإنتصارات مجرد تحولات ميدانية بل كانت تعبيراً عن تفوقاً تكتيكياً و عقيدةً قتاليةً راسخة جعلت الجيش السوداني يثبت أمام تحديات عجزت عن مواجهتها جيوش أخرى كانت تعد في مصاف جيوش العالم.
● لا يمكن الحديث عن حرب الكرامة دون الإشارة إلى الدور العظيم الذي لعبه الشعب السوداني الذي لم يخذل قواته المسلحة في أحلك اللحظات، فقد وقف الشعب بكل أطيافه صفاً واحداً في وجه التمرد مقدماً الدعم اللوجستي والمعنوي رافضاً أي محاولة لشرعنة وجود المليشيات.
● فقد برزت المبادرات الشعبية في تنظيم الإمدادات و تأمين الطرق، و تقديم المعلومات الاستخباراتية و انتظمت المقاومة الشعبية مقاتلةً إلى جنب الجيش ما ساهم بشكل مباشر في حسم العديد من المعارك لصالح الجيش السوداني.
● إن هذه الوقفة الوطنية الصلبة شكلت درعًا منيعاً ضد مخططات تفكيك الدولة و أكدت أن السودان لا يزال موحداً رغم المحاولات اليائسة لزرع الفتن وسط مكوناته المجتمعية.
● مآلات مسار الحرب ومستقبل السودان بعدها :
1. مع إستمرار القوات المسلحة في تحقيق التقدم الميداني أصبح السودان أقرب من أي وقت مضى إلى إستعادة سيادته الكاملة فانسحاب مليشيا الدعم السريع من مواقع إستراتيجية يعني أن ميزان القوة قد رجح لصالح الدولة السودانية، وأن مشروع التمرد يواجه نهايته المحتومة، و مع ذلك فإن التحدي الحقيقي يكمن في تأمين هذه المكاسب و منع أي محاولات لإعادة إنتاج الفوضى.
2. بعد إنتهاء الحرب سيواجه السودان تحدي إعادة الإعمار، و هو ملف لا يقل أهمية عن الانتصار العسكري؛ فالبنية التحتية التي تعرضت للدمار تحتاج إلى جهود وطنية و دولية لإعادة تأهيلها، كما أن المجتمع السوداني بحاجة إلى برامج تعزز التماسك الإجتماعي و معالجة آثار الحرب على المدنيين.
3. رغم محاولات المليشيات زرع الفرقة بين السودانيين إلا أن الحرب أكدت أن وحدة الوطن فوق أي إعتبار ، ولضمان عدم تكرار سيناريوهات التمرد يجب تعزيز مفهوم التعايش السلمي بين مختلف المكونات من خلال المصالحة الوطنية ودعم المشاريع التنموية التي تمنع أي بيئة خصبة لنشوء التمردات مجدداً .
4. لا شك أن نتائج حرب الكرامة ستنعكس على مكانة السودان على المستوى الإقليمي و الدولي إذ سيكون لهذا الانتصار أثر في إعادة تشكيل موازين القوى و فرض معادلة جديدة تعكس إستقلالية القرار السوداني، كما أن الدول التي ساندت التمرد ستجد نفسها مضطرة لإعادة حساباتها في ظل نجاح السودان في الحفاظ على وحدته و هزيمة مشروع الفوضى.
● ختاماً، لا بد أن نقر أن حرب الكرامة لقد أثبتت أن السودان عصيّ على الانكسار، و أن جيشه و شعبه قادران على مواجهة أي تحدٍّ مهما كان حجمه، فمعركة اليوم ليست مجرد صراع عسكري بل هي معركة وجود وإستعاده للكرامة الوطنية وإعادة رسم خارطة المستقبل بعيداً عن التدخلات الأجنبية.
● مع إقتراب ساعة الحسم يثبت السودان مرة أخرى أن إرادة الشعوب هي التي تنتصر و أن الحق مهما حُورِب فإنه يعلو و لا يُعلى عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى