مدونات | يوسف عبد المنان يكتب : ليس دفاعا عن الفريق البرهان ولكن !!!

لا تجمعني بالفريق عبدالفتاح البرهان صلة مباشرة ولا أعرف مكتبه حتى أتردد عليه، وليس من شيمي ذلك ولايعرفني كصحافي إلا في زمان سحيق حينما كان بدارفور ساعداً أيمناً للفريق محمد أحمد الدابي وبعض لحظات من حين لآخر تسامرنا فيها حينما كان الفريق السر بشير ،مفتشا عاماً، وكان الفريق البرهان وقتها بهيئة القيادة العليا.
أو منذ التغيير الذي جاء بالبرهان بعد هروب وتولى الفريق عوض بن عوف، ودق البرهان صدره، وقاد البلاد في ظروف بالغة التعقيد تتضارب فيها مصالح من حوله وضعف مجلس السيادة وتفرق شمل الرجال منذ اندلاع الحرب؛ بعضهم كان في القيادة العامة والبعض في أم درمان وظل البرهان محاصراً في القيادة العامة، وقفنا معه لأنه القائد العام ولأنه قائد الجيش ولأن الجنجويد يبحثون عن قطع رأسه لا بشخصه فقط وإنما برمزيته كقائد للجيش، واحتمل البرهان مافوق طاقة البشر للنقد والتطاول والتجريح والتخوين، وحد البذاءة من الجنجويد والقحاتة وذلك مبرر؛فالرجل وأد حلمهم في السلطة وهو خصمهم منذ الساعات الأولى لفشل الانقلاب، ولكن من غير المبرر أن تنهال سكاكين النقد والتجريح لأداء الرجل من المناصرين المحبطين لتطاول الحرب لعام وبضع أشهر، وهؤلاء يحسبون أن الحرب مثل مباريات كرة القدم تسعون دقيقة وتنتهي، ولكن الحرب موت وهزيمة، وتراجع وانكسار ونصر من الله وفتح قريب. والفريق البرهان لم يخُن شعبه ولم يمد يده للجنجويد، وتصدى للحرب بشجاعة الفرسان وعزم الصادقين ولكنه ماذا يفعل والطرف الآخر من الحرب تسنده دُولاً وتحارب معه قبائل عديدة وقاعدة عريضة! مثل حزب الأمة الذي اختار الوقوف مقاتلاً ومحرضاً و مُؤوياً لعناصر الجنجويد يمدهم بالمعلومات عن الجيش وتحركاته، والمؤتمر السوداني الذي أنشأ غرفاً لإدارة المعركة وبقية فلول اليسار والفوضويين من كل حدب وصوب، وسدّت الإمارات كل الدروب للسودان من أجل الحصول على السلاح والذخائر، وحتى المملكة العربية السعودية التي يعتبرها كثير من أهل السودان محايدة في الحرب وصديقة وشقيقة لكنها غير ذلك، ويكفي أنها احتجزت سفينة تحمل أسلحة اشتراها السودان من شُحّ ماله والسعودية مثل الإمارات جاحدة لأنعُم الأصدقاء، ومصر التي ماتخلت عن السودان يوماً في الوقت الجهام دفعتها الحاجة للدولار الأخضر لكبح يدها عن دعم أمن السودان، مما جعل السودان يمشي وحده ويقاتل وحده وصمد كل هذا الصمود ولم ينهار بفضل القيادة الحكيمة للفريق البرهان وصبره وشجاعته، والحروب تاكل موارد الدول كما تأكل النار (العويش)، والسودان رغم كل هذا التكالب لايزال واقفاً وكان يمكن أن ينهار اقتصادياً واجتماعياً وتسقط الحكومة تحت أحذية الجنجويد وينكسر عظم القوات المسلحة، ولكن جاء الفزع من رجال أوفياء هم شركاء المصير من حركة العدل والمساواة التي يعود الفضل في تأسيس مقر الحكومة المؤقته لدكتور جبريل إبراهيم، وزير المالية، وجهود المخلص الشجاع مالك عقار إير، ومنّي أركو منّاوي، الذي أقنعه بشارة سليمان بالتخلي عن الحياد يوم الزّحف فقاتل الآن عن الفاشر كما لم يقاتل من قبل، وقطع عشمه في حميدتي وماله ويعتبر بشارة سليمان، العقل المدبر لتحالف النيل والصحراء والجبال؛ ونعني بالنيل الخرطوم ونهر النيل والشمالية، ونعني بالجبال جبال النوبة وجبل مرّة، والصحراء نعني بها الشمال الدارفوري العنيد وفي كل يتسع رقاع التحالف لينفذ المسيرية والكواهلة والحوازمة ويحاصرون التمرد في جحر ضبّ أعمى.