مسارات .. السودان و تحديات العدالة الاجتماعية والمساواة .. بقلم/ د.نجلاء حسين المكابرابي

حينما يأتي الحديث عن العدالة الاجتماعية و المساواة فإننا نتحدث عن قيمة أساسية و راسخة أعلاها القانون السوداني و عززها من خلال إرساء دعائم العدل و المساواة و حفظ كرامة الانسان، و المساواة بين الرجال و النساء في الواجبات و الحقوق وفق الدستور الانتقالي السوداني لسنة 2005 م.
و هي تعتبر من المباديء الأساسية التي تقرها الدولة و تعمل لأجلها، و تظهر نتائجها الإيجابية جلية و واضحة من خلال تحسين الظروف المعيشية و الحياتية، و تعزيز الحقوق الإنسانية التي انتهكت في الفترات الماضية إثر الحرب اللعينة الدائرة بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع الارهابية منذ أبريل 2023م، و تحقيق التكامل و الشمول و تعزيز الاقتصاد و التنمية و تحسين الصحة وا لتعليم و لعلها تحديات ماثلة تقابل السودان بعد الحرب و تتطلب الكثير من الجهود الحكومية و المجتمعية لتحقيقها.
و من هنا يتبادر الي الذهن سؤال هام و مُلحّ هل يمكن للسودان تحقيق العدالة الاجتماعية و المساواة بعد الحرب؟؟؟
نعم، يمكن للسودان تحقيق العدالة الاجتماعية بعد الحرب، لكنه يتطلب جهودًا مشتركة و سياسات فعّالة. وفق للخطوات الضرورية التالية:
أولًا :السياسات و التشريعات
من خلال تعزيز الحقوق الإنسانية و الحرية و تعديل الدستور لضمان المساواة و العدالة،و سنّ تشريعات لمنع التمييز و التمييز العنصري و إنشاء هيئات مستقلة لتعزيز العدالة و الشفافية.
ثانياً: التنمية الاقتصادية و الاجتماعية من خلال تحسين ظروف الحياة للفئات المحرومة، وتعزيز التعليم و الصحة،
و إنشاء برامج التنمية الاقتصادية و دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ثالثًا :التحقق من الحقوق من خلال تعزيز الحقوق المدنية والسياسية و حماية حقوق المرأة و الطفل و تعزيز حقوق الأقليات و إنشاء هيئات لتحقيق العدالة الانتقالية.
رابعًا: التسامح و التعاون
من خلال تعزيز الحوار الوطني و تشجيع التسامح و التعاون بين المكونات المجتمعية، و تعزيز الثقافة السودانية المشتركة، و دعم مبادرات السلام المجتمعية و التي نحتاجها الآن و بشدة و تمثل إحدى المعالجات الاجتماعية للبلاد
خامسًا: الدعم الدولي
من خلال التعاون مع الأمم المتحدة، و دعم المنظمات الإنسانية الدولية، و الاستفادة من الخبرات الدولية و جذب الاستثمارات الأجنبية.
من خلال كل ذلك تظهر جملة من التحديات التي يمكن أن تقابل البلاد في تحقيق ذلك، و هي التمييز العنصري و الديني و تحدي الفقر و البطالةو عدم المساواة في التعليم والصحة،و السياسات الاقتصادية غير العادلة و التحديات السياسية و الأمنية.
فلا بدّ من وضع حلول آنية و هامة و ذلك بتعزيز التعليم و الوعي، و تعزيز الحقوق الإنسانية، و الحرية، و وضع سياسات اقتصادية عادلة، و تصميم برامج التنمية البشرية و تعزيز المشاركة السياسية و الاقتصادية.
هنالك كثير من التجارب العالمية التي نجحت في تطبيق العدالة الاجتماعية و المساواة، و من هذة التجارب الناجحة دولة النرويج التي نجحت في نظام الرعاية الاجتماعية الشاملة الذي يوفر خدمات صحية و تربوية مجانية للجميع.و كندا في برنامج التماسك الاجتماعي الذي يهدف إلى تعزيز المساواة و الشمول الاجتماعي، و دولة السويد التي غيرت سياسات التكامل الاجتماعي و ركزت على تعزيز الحقوق الإنسانية و المساواة. و نيوزيلندا، فقد اهتمت ببرنامج التنمية البشرية الذي يهدف إلى تحسين ظروف الحياة للفئات المحرومة. و الدانمارك التي وضعت نظام التعليم المجاني الذي يوفر تعليمًا مجانيًا للجميع.
و هنالك تجارب في مجال التعليم للدول أسهمت في التطوير، مثل فنلندا التي وضعت نظام التعليم الشامل الذي يوفر تعليمًا مجانيًا و مستمرًا للجميع. و دولة كوبا اهتمت ببرنامج التعليم المجاني و وفرت تعليمًا مجانيًا للجميع.
والبرازيل وضعت برنامج التعليم الأساسي الذي يهدف إلى تحسين جودة التعليم الأساسي.
وهنالك تجارب اخري في مجال الصحة حيث نجد المملكة المتحدة وضعت نظام الصحة العامة الذي يوفر خدمات صحية مجانية للجميع. و كندا وضعت نظام الصحة العامة الذي يوفر خدمات صحية مجانية للجميع. و أستراليا اهتمت ببرنامج الصحة العامة الذي يهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية.
و أهم التجارب في مجال العمل و هي ألمانيا و فرنسا اللتان وضعتا نظام العمل الاجتماعي الذي يهدف إلى تعزيز حقوق العمال. و نجد الولايات المتحدة التي اهتمت ببرنامج الحقوق المدنية الذي يهدف إلى تعزيز حقوق العمال.
وهنالك الكثير من المنظمات الدولية، و منها الأمم المتحدة التي تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية و المساواة، و منظمة العمل الدولية التي تعمل على تعزيز حقوق العمال، و منظمة الصحة العالمية التي تعمل على تعزيز الصحة العامة و البنك الدولي الذي يعمل على تعزيز التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
من خلال كل ذلك نجد أن العدالة الاجتماعية و المساواة تُعتبر من أهم القضايا الاساسية التي يجب أن تجد اهتمامًا واسعًا من الدولة السودانية و المجتمع، لأنها تؤثر علي العديد من الجوانب الحياتية و المجتمعية و هي المساهمة في نهضة البلاد و استقرارها و أولي التحديات التي ستقابل السودان بعد الحرب.
دمتم🌹