مسح اتجاهات الرأي العام حول الغاء أو تعديل الوثيقه الدستورية في السودان

مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام
إدارة المسوحات و قياس الرأي العام
══❁✿❁════❁✿❁══
مسح اتجاهات الرأي العام حول إلغاء أو تعديل الوثيقة الدستورية في السودان
10/فبراير 2025
══❁✿❁══❁✿❁══
تُعدّ الوثيقة الدستورية في السودان الإطار القانوني الذي نُظِّمت بموجبه الفترة الانتقالية بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير. ومنذ توقيعها في أغسطس 2019، شهدت الوثيقة تعديلات و محاولات إلغاء أو تعديل من قبل جهات مختلفة مما أثار في كل مرة جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية و الشعبية.
خلال الأيام الماضية، تداولت وسائل الإعلام بمختلف أشكالها تصريحات و معلومات حول وجود اتجاه قوي لدى رئاسة الحكومة لإلغاء الوثيقة الدستورية أو إدخال تعديلات جوهرية عليها، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا في الرأي العام حول مصيرها.
في هذا السياق، قام مركز الخبراء العرب بإجراء مسح شامل لاستطلاع اتجاهات الرأي العام بشأن الموضوع، حيث شمل عددًا كبيرًا من السودانيين داخل البلاد في عدة مدن، بالإضافة إلى الجاليات السودانية في الخليج العربي، و مصر، و أوروبا و الولايات المتحدة. كما استهدف المسح عددًا من المختصين في القانون الدستوري، و خبراء قانونيين و ناشطين سياسيين. و كان السؤال الرئيسي في المسح هل توافق على إلغاء أو تعديل الوثيقة الدستورية؟ و لماذا؟ ..وفقاً لذلك كانت نتائج المسح كما يلي:
أولًا: اتجاهات الرأي العام المؤيده لإلغاء الوثيقة الدستورية
1/يرى المؤيدون أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 لم تعد تعكس الواقع السياسي الحالي، خاصة بعد التطورات التي شهدتها البلاد منذ توقيعها، و لذلك يعتقدون أن إلغاءها و إصدار وثيقة جديدة قد يساهم في معالجة الأزمات السياسية المستمرة و يوفر مناخًا أوسع للتعددية السياسية في مرحلة ما بعد الحرب.
2/يشير بعض الخبراء إلى أن الوثيقة كانت نتاج اتفاق سياسي بين المجلس العسكري و قوى الحرية و التغيير، و مع تغير الظروف و الأطراف السياسية قد يكون من الضروري وضع إطار دستوري جديد يعكس التوازنات الحالية.
3/يرى البعض أن إلغاء الوثيقة الدستورية و إصدار إعلان دستوري جديد قد يسهم في تحقيق توافق سياسي أوسع مما يؤدي إلى استقرار سياسي في البلاد.
4/تشير بعض آراء الرأي العام إلى أن الظروف الحالية تقتضي توسيع صلاحيات رئيس مجلس السيادة، و منحه سلطات واسعة في تعيين و إقالة الوزراء و قيادة الجهاز التنفيذي بشكل مباشر.
5/يعتبر تيار واسع من الرأي العام أن مساندة قوى الحرية و التغيير (قحت) لقوات الدعم السريع تعني تلقائيًا سقوط الوثيقة الدستورية بحكم أنها صُمِّمت في سياق سياسي مختلف تمامًا عن الوضع الحالي.
6/ يرى العديد من الكُتّاب و المحللين و المؤثرين على الرأي العام أن قوى الحرية و التغيير فقدت شرعيتها السياسية بعد انحيازها لقوات الدعم السريع، و بالتالي لم يعد لها الحق في تحديد مستقبل البلاد أو العودة إلى الوثيقة الدستورية.
7/تدعو بعض القوى السياسية إلى إصدار وثيقة دستورية جديدة تستند إلى مخرجات الحرب و الواقع السياسي المستجد، كما أن هناك دعوات إلى تبني “وثيقة ما بعد الحرب”، سواء عبر الحوار الوطني أو فرض أمر واقع جديد.
8/اقترحت بعض القوى السياسية، و على رأسها جماعة أنصار السنة، العودة إلى دستور 2005 مع إدخال التعديلات اللازمة عليه باعتباره الأنسب لتنظيم المرحلة الحالية.
9/يرى بعض الخبراء القانونيين أنه يمكن إجراء استفتاء شعبي على أي وثيقة أو مشروع دستوري جديد لمنحه الشرعية اللازمة في ظل غياب البرلمان.
10/يعتقد بعض المتخصصين في القانون الدستوري أن غياب المحكمة الدستورية أتاح للسلطة الحاكمة حرية إصدار و ممارسة السلطات دون أي قيود او كوبح دستورية، و هي المستفيد الأكبر من حالة (السيولة الدستورية) الماثلة الآن و أنها ليس من مصلحتها ان تضع نفسها مستقبلاً أمام أي شكل من أشكال الرقابة الدستورية.
ثانيًا: اتجاهات الراي العام المعارضه لإلغاء الوثيقة الدستورية
1/يعارض العديد من الخبراء القانونيين في السودان إلغاء الوثيقة الدستورية لعام 2019، مستندين إلى أن رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لا يمتلك سلطة تأسيسية أو فرعية تخوّله إلغاء الوثيقة أو إصدار دستور جديد، حيث تنص الوثيقة نفسها على أن سلطة تعديلها أو إلغائها مُنحت للمجلس التشريعي، الذي لم يتم تكوينه بعد.
2/يرى معارضوا الإلغاء أن أي تعديل أو إلغاء للوثيقة يجب أن يتم عبر حوار شامل يضم جميع المكونات السياسية والمجتمعية لضمان تحقيق توافق وطني واسع.
3/تعتبر بعض الاتجاهات أن الوثيقة الدستورية هي أحد أبرز إنجازات ثورة ديسمبر 2019، و التراجع عنها يُعد نكوصًا سياسيًا و تخليًا عن مبادئ الثورة.
4/تحذر بعض الأصوات من أن الإلغاء الأحادي للوثيقة قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الدستوري و القانوني في البلاد مما قد يفاقم الأزمات السياسية و الأمنية.
5/تؤكد اتجاهات الرأي العام المعارضة أن الوثيقة الدستورية جاءت نتيجة اتفاق سياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية و التغيير و أن الإخلال بها دون توافق يُعد نقضًا للعهود و المواثيق المتفق عليها.
6/هناك أصوات تدعو إلى الالتزام بالوثيقة الدستورية الحالية، مع إمكانية مناقشة تعديلات ضرورية عبر الأطر الدستورية المتفق عليها بدلاً من إلغائها بشكل أحادي.
7/اتجاهات راي عام معارضة تقول ان الغاء الوثيقه محاولة من رئيس مجلس السيادة للتخلص من اية قيود دستورية بما يمكنه من التفرد بالسلطة وتكريس طموحه الشخصي في الحكم دون وجود ادني مقدار من التفويض الشعبي.
الخلاصة
يشير المسح إلى أن الاتجاه الغالب في الرأي العام السوداني يميل نحو إلغاء الوثيقة الدستورية، استنادًا إلى الاعتقاد بأنها لم تعد تعكس الواقع السياسي الراهن خاصة بعد المتغيرات التي شهدتها البلاد منذ توقيعها. و يرى المؤيدون للإلغاء أن إصدار وثيقة جديدة أكثر توافقًا مع المستجدات قد يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي و إعادة هيكلة السلطة بما يتناسب مع الظروف الحالية. في المقابل، تظل هناك أصوات معارضة تحذر من أن الإلغاء الأحادي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الدستوري و السياسي، و يعزز مخاوف التفرد بالسلطة. و مع استمرار الجدل حول مصير الوثيقة، يشدد المجتمع الدولي و بعض القوى السياسية على ضرورة أن يكون أي تعديل أو إلغاء ناتجًا عن حوار شامل يضمن توافقًا وطنيًا واسعًا، مما يجعل مستقبل الوثيقة مرهونًا بتطورات المشهد السياسي و ميزان القوى بين الأطراف الفاعلة.