
تحليــل اخباري: مركز الخبراء
تعالت ضحكات مجموعة من السودانيين بإحدى المقاهي بالعاصمة اليوغندية كمبالا بعد أن تصفح أحدهم شاشة هاتفه المحمول قارئاً تصريحات قائد الجيش الأوغندي (موهوزي كاينروجابا) وتهديده بغزو الخرطوم فور استلام دونالد ترامب لمقاليد الرئاسة بالولايات المتحدة الأمريكية.
وبالرغم من أن التصريح الذي ارتفع له حاجب الدهشة لكل من السودانيين بيوغندا إلا أن الذين تعالت أصواتهم بالضحك كان لهم تفسير آخر و هو الأقرب لحدود المنطق؛ هو أن الرجل قد اشتهر بالتصريحات التي تعبر عن “وضع نفسي” غاية في الغرابة، بل جدير بالتشخيص الطبي من المختصين، و هو يعبّر عن حالة يختلط فيها التهور بالجنون، و الأطوار النفسية المتقلبة، و عدم الاكتراث للتفوّه بما لا يُحمد عقباه من صغار المسؤولين بالدولة و ليس جنرال و نجل رئيس دولة يتحرك بأكثر من قبعة و منصب.
و يبدو ان تصريحات نجل موسفيني قد فتحت الباب على مصراعيه حسب متابعات “مركز الخبراء العرب” للمنظمات الدولية لتسليط الضؤ على تقاريرها الخاصة بأوضاع السودانيين بعد الحرب في العاصمة اليوغندية كمبالا، فقد امتلأت الميديا الأفريقية فجأة و بدون حيثيات محددة مثل تصريحات نجل موسفيني ببيانات توضح حقيقة أوضاع السودانيين بيوغندا، حيث أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن ما لا يقل عن (39) ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى أوغندا منذ بدء الحرب بين الجيش و قوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.
و قالت المفوضية أنها قررت توسيع خطتها لمساعدة السودان لتشمل دولتين أُخريين هما ليبيا و أوغندا مع ارتفاع أعداد اللاجئين الفارين إليهما من الحرب. و أكّد أحد المسئولين بالمنظمة الدولية أن الاستجابة الأممية بالمساعدات للسودان ليست كافية، و هناك نقص في الموارد خاصة مع تخفيض بعض الجهات المانحة الإنفاق بسبب قيود الميزانيات المحلية، وفق رويترز.
و قد ذهبت تفسيرات البعض لظاهرة نجل موسفيني و أن تصريحاته أغلبها قد تعبر أحيانا عن روح “تعطشّت للزعامة” و اضطراب واضح في شخصية هذا المسؤول، إلا أن الذي يقترب من شخصية الجنرال يجد أن هذه الروح ربما أغرته بحكم كمبالا نفسها و ليس أمنيات غزو الجوار فقط، فقد أكدت المتابعات أن الجنرال هدد بمنافسة والده في الانتخابات الرئاسية الماضية و سرعان ماتنازل عن الرغبة مما جعل أكثر من مراقب للشأن اليوغندي يتجه إلى تكهن يقارب التأكيد إلى حد بعيد و هو أن الرئيس موسفيني نفسه من غير المستبعد أن يسعى لتوريث ابنه الحكم في يوغندا.
غير أن خبراء عسكريون تحدثوا لـ”مركز الخبراء العرب” مؤكدين أن الرجل الذي تقلّد مناصب عديدة في الجيش الأوغندي، غير مؤهل عسكرياً لإطلاق تصريحات كهذه، و أشاروا إلى أن صعوده داخل المؤسسة العسكرية جاء بفضل انتمائه إلى أسرة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، حيث المحاباة و الاعتبارات العائلية قد لعبت دوراً أساسياً في ترقيته و ليس الكفاءة أو الخبرة العسكرية.
و بالمقابل فقد نبهّت بعض التقارير الاعلامية إلى ضرورة أن تنظر الدبلوماسية السودانية الى الأمر بعين الاعتبار و ألّا تُهمل الرد على مثل هذه التصريحات، و هو اتجاه يبدو أن الحكومة السودانية قد أخذته على محمل الجد الذي لا يمكن السكوت عليه رغم العلاقات الجيدة التي تربط السودان بيوغندا.
و أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا تحصل “مركز الخبراء العرب” على نسخة منه وصفت من خلاله نشر القائد العام لقوات الدفاع الشعبية الأوغندية، ابن الرئيس موسفيني، على منصة (إكس) تعليقاته بالطائشة و غير المسؤولة، هدد فيها بالاستيلاء على الخرطوم فور تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنتخب لمنصبه.
و طلب البيان اعتذاراً رسمياً من الحكومة الأوغندية عن هذ التعليقات المسيئة و الخطيرة. كما طالب الإتحاد الأفريقي و المنظمات الإقليمية و الدولية بإدانة هذه التصريحات و ما تنطوي عليه من تهديد واضح للأمن الإقليمي والدولي و إساءة للأفارقة.
و قال البيان: (إن التهديد بالحرب و استباحة سيادة الدول و تحدي ميثاق الأمم المتحدة و الاتحاد الافريقي و قواعد القانون الدولي أخطر من أن تكون موضوعاً للعبث و البحث عن الأضواء و الإدهاش).
و أضاف: ” تجسّد هذه السابقة الشاذة دركاً مؤسفا من الاستخفاف بالقانون الدولي و أعراف التعامل بين الدول و مقتضيات الاحترام المتبادل بين الشعوب الشقيقة و الصديقة. و تمثل كذلك خروجاً كاملاً على قواعد سلوك شاغلي المواقع العليا الرسمية و العسكرية من تعقل و انضباط و انتقاء الألفاظ”.
و المتابع لمواقع الإعلام الأفريقية يجد أنها حافلة و محتشدة بتصريحات لنجل موسفيني الجنرال (موهوزي كاينروجابا)، و جميعُها يضع الرجل في مربع “التندُّر” و السخرية من مستقبله في الحكم، فكثيراً ما تتسبب هذه التصريحات في إحراج أسرة الرئيس موسفيني مع غيره من النظراء و الرؤساء في العالم، فعلى سبيل المثال و ليس الحصر غرّد الجنرال في العام (2022م) على منصة تويتر قائلا: “بإمكانه و في ساعات محدودة جداً أن يستولى على نيروبي”. و كان وقتها قائداً للقوات البرية اليوغندية مما جعل والده يقوم بعزله من المنصب بعد أن تسبب التصريح في حنق و غضب القادة الأفارقة، و لكن لم يلبث الرجل في محطة التقاعد القسري كثيراً إذ سرعان ما أعاده والده في منصب عسكري جديد و كان في القرار إشارة واضحة لمحاولة موسفيني توريث أبناءه الحكم حتى و إن كان الجنرال الصغير “غريب الاطوار” !!
و لم يمض على حديث الرجل عن غزوه لكينيا شهور معدودة حتي فاجأ الفضاء الاسفيري في العام (2023م) بتغريدة جديدة قدم من خلالها عرضاً للزواج من رئيسة الوزراء الإيطالية “جورجيا موليني” و هو على استعداد لدفع مئة بقرة لرئيسة الوزراء .. و لم يكد العالم يفيق من الدهشة حتى حملت أنباء من العاصمة اليوغندية كمبالا هجوم “الجنرال الصغير” على السفير الامريكي مهدداً بطرده الأمر الذي كاد أن يخلق أزمة دبلوماسية بين واشنطن و كمبالا.
و حظيت منصات التواصل الاجتماعي في السودان بتداول غير مسبوق لحديث نجل موسفيني، و لكن أكثرها تداولاً و رواجاً جاء في تلخيص أحد الناشطين على حائطه مغرداً بالجملة الآتية:
(القادة الأفارقة بالجيوش و ربما الرؤساء على موعد جديد بظهور قائد عسكري تكاملت في شخصيته كل مقومات “الاطوار الغريبة” و الحالة المزاجية التي تحدثه بأن الزواج من “زهرة روما ” أو غزو الخرطوم ليست أمنيات و “أحلام شخصية” عابرة بل قد تعبّر عن استراتيجية جديدة في نظام الحكم المستقبلي لــ “نجل موسفيني” متوقع أن يقدمها للعالم عبر نشاطه الإسفيري المكثّف).