مقالات الرأي
أخر الأخبار

(هريدي) و شركاؤه .. بقلم/ اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

▪️من المُلح و الطرائف الشعبية المصرية أن رجلاً اسمه (هريدي) افتتح حانوتاً باسمه وكتب على اللافتة للمحل محلات هريدى و شركاؤه، فاعتبرت مصلحة الضرائب ذلك نوعاً من الغِشِّ إذ لم يكن لصاحب الحانوت شُركاء، و كان جزاؤه الغرامة و السّجن، و بعد انقضاء سجنه بما في السجن من إصلاح وتهذيب .. افتتح حانوته مُجدَّداً و كتب على لافتته (محلات هريدي وحده لا شريك له) فاتُّهِم بالزندقة و قُتِل بحدِّ الرِّدَّة.

▪️في ٢٥ فبراير ٢٠٢٥م صوَّت البرلمان الأوكراني على شرعية تأجيل الانتخابات، و بقاء زيلينسكي رئيساً حتى انتهاء الحرب، ومن الواضح أن زيلينسكي سيحرص على ترشيح نفسه مجدداً كرئيس لما تبقَّى من أوكرانيا بعد نهاية الحرب ومن يدري فلربما سيعتبره البرلمان الأوكراني بطلاً حقَّق النصر لبلاده.

▪️الولايات المتحدة الأمريكية عقدت انتخاباتها خلال الحرب الأهلية و الحربين العالميتين، و كذلك فعلت بريطانيا، و فرنسا وإسرائيل وسريلانكا وحتى في أوكرانيا خلال حروب القرم والدونباس ٢٠١٤م و ٢٠١٩ م، و على امتداد تاريخ العهود الوطنية في السودان منذ الاستقلال و حتى ٢٠١٩م ظل السودان في حربٍ مُتَّصلة، و ظلَّت الانتخابات تجري و يُستَندُ إليها وطنياً و دولياً كأساس للشرعية.

▪️كانت الوثيقة الدستورية عبارة عن اتفاق شراكةٍ بين عسكريين وبين قوىً سياسية لا وزن لها انتقاها قائد الدعم السريع وتم كل ذلك بتخطيط و إشراف و نفوذ دولتي الكفيل اللتان أدارتا المشهد السوداني حتى الاتفاق الإطاري الذي كان عرَّابه أحد سفراء الدولتين مع فولكر و حتى اندلاع الحرب … و ربما حتى اليوم و بقيت الإرادة الوطنية خارج تلك المعادلة حتى اليوم.

▪️برغم كلّما يُمكن أن يُقال عن الوثيقة الدستورية من مصادرة للإرادة الوطنية، و الخروقات التي ظلت تُرافقها منذ يومها الأول و لم تتوقف، و هُزالها الشرعي و اللغوي و القانوني، و استنادها على تكريس كل السلطات في يد مجموعةٍ صغيرةٍ دون أي أساس منطقي ناهيك عن شرعي .. فإن ذات الوثيقة الدستورية في تعديلها الأخير قد جعلت (حرفياً) كل السلطات التشريعية و القضائية و التنفيذية و العسكرية بيد شخصٍ واحدٍ فقط، فهو وحده الذي يقوم بتعيين أعضاء مجلسي السيادة، و الوزراء، و النائب العام، و رئيس القضاء، وهيئة قيادة القوات المسلحة، و قادة القوات النظامية الأخرى و لم يتبقّ لهذه الوثيقة بعد أن دَسْتَرت مبدأ هريدي وحده.

▪️ لا شئ يمنع قيام برلمان وطني بالانتخاب أو التعيين و لا سيما أن القوات المسلحة قد بسطت سيطرتها على أكثر من ثُلثي ولايات البلاد .. لا شئ يمنع تكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة، و مجلس أعلى للقضاء و النيابة وفق الضوابط المهنية، لا شئ يمنع إعادة بناء مؤسسات الدولة على أُسسٍ وطنيةٍ صارمةٍ و اضطلاعها بمسؤلياتها الدستورية و القانونية، لا شئ يمنع من توحيد القوى الوطنية السياسية، و المجتمعية، و الاقتصادية، و الإعلامية، و الرياضية و الفنية و غيرها في جبهةٍ واحدةٍ منظمةٍ للمشاركة الفعلية و المؤثرة في استكمال النصر و إعادة بناء الدولة و الإعداد المبكر للحوار و التوافق الوطني، لا شئ يمنع إدماج حركات الكفاح المسلح الوطنية في القوات المسلحة و اندماج قيادتها في قيادة القوى الوطنية للبلاد.

▪️الكثيرون يُراهِنون على جدوى الصلاة يوم القيامة، فرغم أن لا أحد يقول بذلك صراحةً، و لكن الأفعال تُنبئ عمَّا تعجَز عنه الأقوال، فما زال التسويف من أشدِّ جنود إبليس، و إنه لمن العسير على المرء أن يسير بعكس التيَّار فيقولُ ما لا يُقال، و لكن على السودانيين أن تكون لهم وقفةٌ مع الذات الوطنية يُسائلون فيها أنفسهم على ماذا نقاتل؟، و ما الذي نودُّ الانتصار له؟، و هل أضحت المسألة ثأراً ضدَّ فئة أم أن الأمر مُتَعلِّقٌ بالمبادئ و القِيَم؟ و هل تتجزَّأ المبادئ و القِيَم أم أنها تشمل أقواماً و تقصُرُ عن آخرين.

٢٧ فبراير ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى