الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

وجه الحقيقة … حرب السودان بين الانتهازية السياسية والواجب الأخلاقي … بقلم / إبراهيم شقلاوي

ظلت قيادات تنسيقية القوى المدنية (تقدم) تطلق تحذيرات باندلاع حرب أهلية وشيكة كلما أحكم الجيش سيطرته على منطقة من المناطق أو تقدم في محاور القتال، هذا الأمر يعكس حالة من القلق و التوتر وسط القوى السياسية و ربما له انعكاسات محتملة على العملية السياسية، حسب مراقبين أن ردود أفعال القوى السياسية من الحرب تحكمه انتصارات الجيش، و لا يتحكم فيه البعد الأخلاقي الذي يتحدث عن حماية المدنيين، كأنما هذه القوى تعمل على انتصار المليشيا اعتماداً على تعهداتها التي قطعتها لها أو الشعارات الزائفة التي ظلت تدّعيها، أو على الأقل عدم انتصار الجيش أو المليشيا و ذهابهم إلى تفاوض ليسهل الوصول إلى تسوية عسكرية و سياسية تُبعِد كلا الطرفين من اليوم التالي للحرب.

هذا الأمر يجعلنا نرى بوضوح كيف تفكر هذه القوى السياسية؛ فهي كما يبدو لا ترفض الحرب كونها كريهة بما يترتب عليها من انتهاكات أو اضرار على المدنيين، بل ترفضها لأنها ترفض انتصار الجيش لأن انتصار الجيش يعني أنها أصبحت خارج المعادلة السياسية أو على الأقل أسقطت في يدها الادعاءات بأنها تمثل شرعية الثورة أو أنها القوى المدنية الملهمة التي ترفض الإغراق و تعمل على تمكين الحكم المدني، هذا أيها الأحبة ما يجعل الوضع في السودان يبدو متوتراً و معقداً و صفري الحلول و يجعل التوترات تتصاعد باستمرار بين الجيش و الأحزاب السياسية (تقدم).

لذلك ظللنا نؤكد أن البلاد تحتاج إلى حوار سياسي شامل سوداني سوداني، يضع حدّاً للصراعات الداخلية و يسعى لتحقيق السلام و الاستقرار، بالأمس أطلق العضو بتنسيقية تقدم الصحفي (شوقي عبد العظيم) تحذيراً عبر قناة الجزيرة مباشر قال فيه أن إطالة أمد الحرب سيحيلها إلى حرب أهلية، أرجو أن تؤخذ تصريحات شوقي على محمل الجد لأنه من قبل قال: “عدم تنفيذ الاتفاق الإطاري يعني الذهاب نحو الحرب” و قد وقعت الحرب بالفعل لأن الرجل كما يبدو كان يعلم بخطة الانقلاب الذي قالت عنه مريم الصادق المهدي مستبطنة الحديث إذا تم عرقلة تنفيذ الاتفاق الإطاري سنطور خيارات بديلة و لكل حادث حديث.

هذه جميعها كانت إشارات واضحة تؤكد أن هناك خطط موضوعة تتجه نحو البدائل، لذلك هم يقولون بذلك بصورة مدروسة و معلومة، عليه يجب على كافة الأجهزة بالحكومة و الجيش أخذ تصريح شوقي مأخذ الجد، لا أدري كيف يتعاملون مع ذلك، لكن ظنّي بما أن الرجل نجح في التصريح الأول حين أكد أن الحرب على وشك الاندلاع و قد صدق في ذلك، الآن علينا أن نتدبر الأمر حتى لا تنزلق البلاد إلى الحرب الأهلية التي قال عنها، مؤكد أن الرجل لديه معلومات أو ربما هناك خطة يعلمها  فكما نعلم أنهم موصولون بكافة الدوائر التي اشتعلت الحرب و تديرها و تموّل مساراتها.

حديث شوقي يجب أن يقرأ مع تصريح ياسر عرمان رئيس الحركة الشعبية (التيار الثوري الديمقراطي) الذي تناقلته المواقع الإلكترونية قال فيه أن مليشيا الدعم السريع قامت بارتكاب مجازر ضد المدنيين في شرق الجزيرة، و ما حدث في شرق الجزيرة وحدث في مناطق أخرى غيرها يعتبر مجازر ضد المدنيين في المقام الأول وأن الحرب ما عادت بين طرفين مسلحين بل تضم القبائل والمجتمع من الفاشر إلى تمبول ، وأكد عرمان بأن الحرب الحالية ليست حرب ضد الفلول بل تحولت لحرب الجميع ضد الجميع .

علي أية حال الواضح أن انتصارات الجيش في عدد من محاور القتال سبب إحباطا لبعض قيادات تنسيقية القوى المدنية (تقدم) فاخذوا يتحدثون عن حرب أهلية وشيكة ، وهذه واحدة من الاسقاطات الخاطئة التي ظلوا يمارسونها كلما حدث ضغط على مليشيا الدعم السريع في الميدان لأنهم يدركون و قد قالوا بذلك أن انتصار الجيش يعني سلطة سياسية مطلقة و حكماً عضوضا لا مكان فيه للمدنيين، اليوم تقدم الجيش في عدد من المحاور أم درمان و بحري و استعادة مدينة الدندر و حصار مدينة سنجة التي يتوقع إعلان تحريرها في أية لحظة، هذا بجانب وصول قائد الجيش مساء الأمس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى منطقة البطانة للوقوف على استعدادات القوات المسلحة لتحرير ولاية الجزيرة انطلاقا من شرقها.

هذا بالإضافة إلى التقدم الواسع الذي شهدته محاور القتال حسب الخطة و الأهداف التي أعلنها الجيش، هذا يجعلنا نؤكد أن تصريحات شوقي و ياسر عرمان تكشف عن الخوف من انتصارات الجيش في هذه الحرب، وهذا يعكس حالة من القلق وسط القوى السياسية و الانعكاسات المحتملة التي تخشاها على العملية السياسية إذا ما تطور الوضع الحالي إلى انتصارٍ ساحقٍ للقوات المسلحة السودانية.

لكن كما يبدو أن الشعب السوداني قد اختار دعم جيشه في هذه المعركة حتى النهاية بما وقع عليه من انتهاكات و فظائع بلغت حد الاغتصاب و مصادرة الممتلكات، عليه يبقى الأمل في تعزيز السلام و استعادة الأمن عبر انتصارات الجيش بعد فشلت المليشيا في الاستجابة لاتفاق جدة الذي وقعته في 11 مايو من العام الماضي، ليضع حداً لهذه الحرب و الأزمة الخطيرة التي كادت أن تعصف بالسودان، كما يظل الجميع في انتظار أن تغير القوى السياسية الداعمة للمليشيا نهجها في التعامل مع انتصارات الجيش، و هي الخطوات القادمة التي قد تحدد ملامح العملية السياسية المرتقبة لتشمل جميع السودانيين دون استثناء، حتى لا تظل الحرب بين الانتهازية السياسية للأحزاب السياسية و الواجب الأخلاقي و الوطني للقوات المسلحة السودانية التي تعمل استعادة الأمن والسلام للسودانيين.
دمتم بخير وعافية.
الخميس 24/اكتوبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى