الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

وجه الحقيقة … زيارة البرهان للقاهرة:التوقيت والدلالات .. بفلم/ إبراهيم شقلاوي

يقوم الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني و القائد العام للجيش بزيارة رسمية إلى العاصمة المصرية القاهرة غداً الإثنين. تأتي الزيارة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين و مناقشة القضايا المشتركة، في هذا المقال نحاول استعراض أهم القضايا التي يحتمل أن تناقشها الزيارة في محاولة لقراءة دلالات ذلك وفقاً لسياق الأحداث في السودان و المنطقة العربية و القرن الإفريقي، كما أن من المهم أخذ الوضع الميداني للجيش السوداني في جميع المحاور و جبهات القتال في الاعتبار حيث شهدت الأيام الماضية تفوقاً واضحاً للجيش استعاد بموجبه عدداً من المواقع الحاكمة في ولاية سنار و عبر الجسور إلى قلب الخرطوم بجانب التقدم المؤثر في محور دارفور.

بالإضافة إلى ذلك، هناك رغبة دولية و إقليمية واضحة في أهمية إنهاء الحرب في السودان، نظراً للتغييرات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط و القرن الإفريقي التي تستوجب إعادة ترتيب قدرات الجيش السوداني لمجابهة التحديات المحتملة، إلى جانب احتواء تداعيات الحرب السودانية على دول الجوار. كما يجب النظر بعين الاعتبار إلى الزيارات المتتالية للقاهرة الأسبوع الماضي التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان و الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ناقشت هذه الزيارات ضمن أجندتها أهمية وقف الحرب في السودان.

مؤخراً و بعد الاعتداءات المروعة على مواطني شرق الجزيرة و دارفور بواسطة الميليشيا المعتدية، أصدرت الخارجية المصرية، و المملكة العربية السعودية، و جامعة الدول العربية، و الاتحاد الأوروبي، و الولايات المتحدة الأمريكية، و عدداً من الدول الشقيقة و الصديقة، بالإضافة إلى منظمات إنسانية وحقوقية تابعة للأمم المتحدة، و الأزهر الشريف و عدد من القيادات الدينية بيانات إدانة لهذه الاعتداءات.

وصفت هذه الخطوة حسب مراقبين بالمؤثرة و غير المسبوقة. ردود الأفعال الداعمة لموقف الحكومة قد تشجع الرئيس البرهان أن يطلب من مصر لعب دور في تسريع إجراءات تصنيف الميليشيا كمنظمة إرهابية نظراً للثقل السياسي و الدبلوماسي الذي تمثله مصر على المستويين الإقليمي و الدولي، و هذا يعتبر أول الملفات المنتظر بحثها بين الجانبين حيث يرى مراقبين هذا التصنيف سوف يؤثر بشكل كبير في الحد من قدرات الميليشيا على مواصلة الحرب. كما أن جميع داعميها من الأطراف الإقليمية و الدولية و حتى الأطراف الداخلية التي تدعمها عبر غطاء سياسي و إعلامي قد ترفع يدها عنها خشية الملاحقة القانونية.

من الملفات التي يُتوقع أن يبحثها الرئيس البرهان مع الرئيس السيسي أيضاً ملف تشكيل الحكومة السودانية، التي بدأت ملامحها في الظهور على مستوى المؤسسات الخدمية بالاعتماد على الكفاءات الوطنية ضمن الرؤية الجديدة التي أجازها مجلس السيادة السوداني في الترشيح للوظائف القيادية في الدولة وفقاً لمؤهلات تم ذكرها في إعلانات تابعها السودانيون عبر الوسائط الإعلامية، في السابق ظلت هذه الوظائف تخضع لمحاصصات أو تعيينات غير مدروسة كلّفت البلاد أثماناً باهظة في إهدار الموارد و ضياع الوقت.

تأتي أهمية هذا الملف لضمان حشد الدعم و التأييد للحكومة القادمة بالنظر إلى تصريحات سابقة للرئيس السيسي بأن مصر ستبذل قصارى جهدها لوقف النزاع في السودان، و العمل على تشكيل حكومة بالتعاون مع القيادة السودانية تؤدي إلى انتخابات بما يضمن استعادة الأمن و الاستقرار، و أكد أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للسودان بل تسعى إلى تهدئة الأوضاع بما يساعد السودانيين على استعادة الأمن و تحقيق السلام.

من الملفات المهمة الأخرى ملف أوضاع السودانيين المقيمين في مصر الذي يعكس الروابط التاريخية الممتدة التي تجمع البلدين، و التي تجلت في الدور المصري في استقبال المواطنين السودانيين و تخفيف معاناتهم، أهمها التعليم الذي يواجه تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة بالإضافة إلى الخدمات العلاجية، كما تبرز أهمية إعادة فتح تأشيرات الدخول إلى مصر حيث ظلت أعداداً كثيرة من السودانيين مكدسين على المعابر بغرض الدخول للتعليم و العلاج مع التزامهم بكافة الاشتراطات التي أقرّتها الحكومة المصرية في فترات سابقة.

كما يُتوقع أن يشمل النقاش ملف مياه النيل و المشروعات المشتركة، حيث تتطابق وجهات نظر البلدين فيما يخص سد النهضة و مفوضية مياه النيل. و هناك أيضاً ملف العلاقات التجارية و تدفق الصادرات بين البلدين الذي حاولت ميليشيا الدعم السريع عرقلته بإعلانها وقف صادرات المنتجات الزراعية و الحيوانية من مناطق سيطرتها في دارفور، و لكن الحكومة السودانية قادرة على التغلب على ذلك و سترسل التطمينات اللازمة للجانب المصري في هذا الصدد.

تُعتبر هذه الملفات، وفقاً لـ”وجه الحقيقة”، مهمة لترتيب الشأن السوداني فيما يتعلق باستعادة الأمن و تحقيق السلام للسودانيين و الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب، كما تعكس الزيارة التزام كِلا البلدين بتعزيز العلاقات الثنائية و تحقيق الاستقرار و الأمن و السلام في المنطقة. أيضا يجب على الأطراف الدولية دعم الجهود و التعاون مع السودان و مصر لتحقيق الأهداف المشتركة و ضمان الاستقرار.

دمتم بخير وعافية.
الأحد 3 نوفمبر 2024م.
Shglawi55@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى