مقالات الرأي
أخر الأخبار

🎯 استراتيجيات … الواقع الفيدرالي الأليم !! بقلم/ د. عصام بطران

قدمت وزارة ديوان الحكم الاتحادي مقترحاً دون الخوض في تفاصيل خاطبت به ولاة الولايات، يقضي المقترح باجراء تقليص و دمج هياكل المستوى (الولائي) و هو المستوى الثاني في الحكم الاتحادي المتمثل في الوالي و مجلس الولاية التشريعي و أمانة الحكومة و مجلس الوزراء الولائي و المجالس العليا على مستوى الولاية و توابعها، فمن المعروف أن المستوى الأول في الحكم هو (الاتحادي) المتمثل في رئاسة الجمهورية (المجلس السيادي) و مجلس الوزراء الاتحادي و توابعه من مؤسسات و مصالح و دواوين و هيئات أما المستوى (المحلي) فيمثل المستوى الثالث للحكم.
المقترح أقر ضمناً الإبقاء على المستويين (الاتحادي) المجلس السيادي و الوزارات الاتحادية و (المحلي) الذي يشمل المحليات مع إجراء تقليص في المستوى (الولائي)، بالتأكيد لم يشمل الدمج و التقليص الولايات في غياب المجالس التشريعية و لا الوالي، و حملت التسريبات إلزام الولايات بالنزول للعهد القديم بتقسيم و دمج الوزارات الولائية الى ثلاثة وزارات على النحو التالي:
١. وزارة المالية و التنمية الاقتصادية.
٢. وزارة التخطيط العمران و البنى التحتية و الخدمات.
٣. وزارة الشؤون الاجتماعية و الإنسانية.
٤. الإبقاء على مجلسين من المجالس العليا فقط هما: الحكم المحلي و العلاقات الاتحادية و التخطيط الاستراتيجي.
على ان تدمج باقي الوزارات و المجالس و المؤسسات في القطاع الوزاري المشابه في المهام و الاختصاصات.
الحكم الاتحادي أو الفيدرالي أو اللامركزي فكرة تنظير قديمة لإدارة شؤون الحكم خاصة على نطاق البلدان التي حباها المولى عز و جل خاصية التنوع الثقافي و الأنثروليولجي، أما آليات تنفيذها أمر متوقف على طبيعة الدولة و تماسكها و رغبة سكانها في التعايش السلمي و إدارة التنوع لصالح نهضتها.
السودان عاش تقلبات في خيارات الحكم و الإدارة؛ مركزية قابضة، لامركزية، فدرالية، كونفدرالية الحكم الذاتي و أخيراً تجربة الحكم الاتحادي التي بدأت في بواكير تسعينيات القرن الماضي.
بالتأكيد للتجربة إيجابيات كما لها سلبيات، و لكن العين البشرية جُبلت على تفحّص المساوئ أكثر من المحاسن فإن من أبرز السلبيات التي شابت تجربة الحكم الاتحادي تتلخص في تفشي أمراض الجهوية و المناطقية و الصراعات و المحاصصة السياسية على المناصب.
يدور همس المجالس هذه الأيام أن الدولة تتوجه إلى إقرار موجهات تتعلق بتقليص و دمج هياكل الحكم بالولايات في إطار ترشيد الصرف التي فرضتها تداعيات الحرب و موازنة الطوارئ.
لا أذيع سراً أن قلت الحكم الفيدرالي سينسحب خلال الفترة القادمة لصالح المركزية و هذا واقع ربما فرضته الحرب، و لكن يبقى السؤال المهم: هل سيوفي قرار تقليص و دمج مكونات المستوى (الولائي) في الحكم بالهدف الخاص بتخفيض المصروفات دون اجراءات تطال المستويين الآخرين (الاتحادي و المحلي) المترهلين و المهترئين خاصة أن الواقع الماثل يحتاج بكل صراحة لقبضة (مركزية) صارمة لإعادة إحكام تمسك الدولة و إلا فقدنا كل شيء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى