أصل القضية … بين هدم العشوائي وبناء الوطن… معركة الوعي .. بقلم/محمد أحمد أبوبكر .. باحث بمركز الخبراء العرب

> ✨ “لا يُبنى وطنٌ بهدم الضعفاء، ولا تُرسم الخرائط بمسح الدموع”
ي سودانٍ يولد من رحم الرماد، تخرج الأصوات خافتة… ثم قوية… ثم صارخة:
كفى ترقيعًا في وطنٍ يستحق التطريز! كفى قراراتٍ تُباغت الفقراء ولا تُفاجئ الفاسدين!
أعلنت حكومة ولاية الخرطوم عن إزالة السكن العشوائي من كافة الولاية، قرارٌ أطلّ من نافذة الحزم، لكنه نزل على رؤوس البسطاء كالصاعقة…
قرارٌ لا رجعة فيه، نعم، لكنه أيضًا لا فائدة منه إن لم يُسند برؤية تُبقي الإنسان في قلب التخطيط، لا في هامش الحيرة.
نُحيي شجاعة الدولة في مواجهة العشوائي، لكن نسألها:
وهل إزالة العشوائي تعني إزالة العشوائية… أم إعادة تدويرها في صور أخرى؟
👀 حين تُبصر الدولة الأرض… وتغفل عن العيون
بالعين المجردة، يبدو القرار صحيحًا.
لكن حين نُغمض الأعين ونُصغي بالأذن لنبض الناس، نسمع شيئًا مختلفًا:
“يا الوالي، نمشي وين؟ بيتنا راح، ودكانّا ضاع، والخريف جاي …”
هذه ليست مشاعر عابرة، بل بوصلات استراتيجية إن تجاهلتها الدولة، تاهت خططها، وانقلب المشروع الحضري إلى مشروع قهري!
🔎 بين الحزم والعزم… ضاعت الخطة!
اقتصاديًا: من يبيع الخضار تحت الزنقة لا يملك حسابًا بنكيًا ولا وثيقة ملكية، لكنه يُطعم خمسة أفواه يوميًا.
اجتماعيًا: التفكيك القسري للمجتمعات الصغيرة يُنتج قنابل اجتماعية مؤقتة: بطالة، تشرد، تسرب مدرسي، وربما جريمة.
نفسيًا: حين تهدم مأوى فقير دون بديل، فأنت لا تهدم جدارًا فقط… بل تهدم معنوياته، أحلامه، انتماءه.
إذن، القرار بلا بوصلة إنسانية هو كالسفينة بلا شراع… تتقدم، لكنها تغرق في صمت.
🌉 الجسر والمورد: حيث يبدأ التخطيط من عيون الناس لا من خرائط الأقلام
في زمن السودان الجديد، لا مجال للتخطيط البارد.
وفق استراتيجية الجسر والمورد، لا نُزيل العشوائيات… بل نُحوّلها إلى بدايات حضارية ذكية، عبر ثلاث مسارات:
١. مسار العدالة السكنية الذكية
* حصر شامل… خريطة دقيقة… أرقام لا تُكذّب ولا تُبالغ.
* مسكن مؤقت آمن… لا خيمة مذلة ولا انتظار على الأرصفة.
* شراكة مع المصارف والمجتمع المدني… لا صدقة، بل استثمار في كرامة الناس.
٢. مسار التوطين التنموي المنتج
* بيوت ليست فقط للسكن، بل للإنتاج.
* حوائط تُحيي الأمل، وسقوف تستقبل مشاريع صغيرة.
٣. مسار المشاركة المجتمعية العميقة
* دعوة للناس للمشاركة لا للمشاهدة.
* صوت المواطن يُعاد إليه، فهو أول من يتأذى، وآخر من يُسأل عادةً.
🔥 من لا يسكن بكرامة… لا يبني دولة
القرار الذي يُزيل العشوائي دون بديل، كمن يُطفئ نارًا ثم يترك الرماد مشتعلًا في قلب الليل.
وحكومة الخرطوم، إن أرادت أن تُخلِّد هذا القرار، فلتجعله عنوانًا للتنمية، لا فقرة في دفتر الإزالة.
✨ أصل القضية| سجعة القلب لا تُمحى
> فيا حكومة الخرطوم… إن كان لا رجعة في القرار، فلتكن رجعتنا إلى الضمير.
وإن كنّا نحلم بسودانٍ لا عشوائية فيه، فلتكن البداية ببيتٍ لكلّ فقيرٍ فيه.
فالأرض بلا إنسان… ترابٌ لا يُثمر،
والخرطوم بلا كرامة… مدينةٌ لا تُعمر،
والخطط بلا قلب… رصاصٌ لا يُحرر!
> ابنوا الوطن كما تُبنى القصائد: على قافية العدالة، وبحر الرحمة، ووزن الوعي.