مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية … شفافية الأزمة – الجزء الثاني: كيف تكشف استراتيجية الجسر والمورد عن الفساد المالي والإداري في المؤسسات الحكومية؟ .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

مع اقتراب الحسم في معركة الكرامة، يجد السودان نفسه على أعتاب مرحلة جديدة، حيث لم تعد الحروب التقليدية وحدها التي تهدد استقراره، بل يمتد الصراع إلى معركة أخرى لا تقل خطورة: معركة مكافحة الفساد واستعادة سيادة القانون والشفافية. وبينما تنطفئ نيران المواجهات المسلحة، يبقى التحدي الأكبر في حرب الكرامة المستمرة لتحرير السودان من قيود الفساد المالي والإداري التي شوهت مؤسساته وأعاقت تقدمه.
هنا، تبرز استراتيجية الجسر والمورد كخطة عمل ملهمة، تعيد تشكيل واقع جديد يتجاوز حدود المواجهات العسكرية لتنتقل إلى مواجهة أكثر تعقيدًا، حيث الحرب ليست بالسلاح فقط، بل بالشفافية والرقابة الشعبية والرقمنة، وهو ما سيمكن السودان من أن يقف شامخًا بين الأمم.

فساد في الظل.. وصرخة من الشعب:
لطالما كان الفساد المالي والإداري كالعدو الخفي، يتسلل في الظل، مستغلًا حالة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد. نسمع كثيرًا عن مشاريع كبرى توقفت، ومخصصات مالية ضخمة ضاعت، ورواتب موظفين لا تصل إليهم. لكن ما كان يحدث في الخفاء لن يظل خافيًا بعد الآن، فاليوم ومع التحام الشعب والجيش، وتبني نهج الشفافية من خلال الرقمنة، ستصبح المؤسسات الحكومية تحت المجهر.
في السودان، حيث معركة الكرامة تُخاض على كل الجبهات، يظل المواطن هو المحور الأساسي لتغيير المعادلة. الشعب الذي صمد في وجه الحروب هو ذاته الذي سيقف في وجه الفساد. استراتيجية الجسر والمورد تأتي لتمنح الشعب السوداني الأدوات اللازمة لمواصلة كفاحه، حيث يمكن لكل مواطن أن يكون جزءًا من الحل، مراقبًا ومبلغًا وشريكًا في صنع مستقبل جديد.

الجسر والمورد.. منصة لمحاربة الفساد من الداخل:
لا يمكن الحديث عن مستقبل السودان دون الحديث عن شراكة حقيقية بين الجيش والشعب. خلال معركة الكرامة، كان الجيش حاضرًا على الجبهات، حاميًا للحدود، ولكن دوره في حرب الكرامة لم ينتهِ. استراتيجية الجسر والمورد تضع الجيش في قلب هذه الشراكة الجديدة، ليكون راعيًا وحاميًا ليس فقط للسلاح، بل للموارد الوطنية من نهب الفاسدين.
تتحدث الاستراتيجية عن بناء “جسر” بين الشعب ومؤسساته، من خلال القصص الواقعية التي تكشف الفساد، تمامًا كما كشف الجيش نقاط الضعف في خطوط العدو. المواطن العادي، من خلال سرد قصته عن مشروع محلي تعطل، أو خدمة حكومية متعثرة، يصبح عينًا على الفساد، يساعد في كشف الحقائق وتوجيه الجيش والشعب إلى بؤر الخلل.
تخيل مثالا خصوصا في فترة إعادة الإعمار ،،، حيث أُعلنت ميزانية لمشروع إعادة تأهيل مدرسة حكومية. ورغم صرف المبالغ، لم تُشيد المدرسة. هنا تدخلت الرقابة المجتمعية المدعومة من استراتيجية الجسر والمورد، وبدأ المواطنون يتحدثون عن غياب البناء وتبديد الأموال، سيؤدي ذلك إلى تحقيق فوري وكشف المتورطين. سيصير الشعب هو القوة المحركة للتغيير، وهذا ما تسعى الاستراتيجية لتحقيقه على نطاق أوسع.

الرقمنة.. أداة الثورة الجديدة:
تمامًا كما كانت المعارك على الأرض تتطلب استراتيجيات وخططًا دقيقة، فإن المعركة ضد الفساد تتطلب أدوات حديثة. الرقمنة هنا ليست مجرد حل تقني، بل هي أساس الشفافية التي تتيح للجميع مراقبة حركة المال العام في السودان. استراتيجية الجسر والمورد تتبنى هذا النهج، حيث يصبح كل عقد حكومي، كل صفقة، وكل مشروع مراقبًا إلكترونيًا في الوقت الحقيقي.
هذا التحول الرقمي سيضع حدًا للتلاعب والتزوير، وسيُمكّن الشعب السوداني من الاطلاع على أموال الدولة ووجهتها. لن يكون هناك مجال للفساد المالي، لأن النظام الرقمي سيجعل كل شيء متاحًا للرأي العام، وهذه هي خطوة حقيقية في حرب الكرامة لاستعادة الثقة بين الدولة والمواطن.

الجيش والشعب.. حلفاء في حرب الكرامة:
ما يجعل استراتيجية الجسر والمورد مختلفة هو هذا التحالف الاستثنائي بين الجيش والشعب. في الوقت الذي لعب فيه الجيش السوداني دورًا محوريًا في حماية البلاد من أعدائها، يظل دوره اليوم أكبر وأكثر أهمية، فهو سيكون الحارس الأمين على موارد البلاد بعد الحرب. ولن يكون الجيش وحده في هذه المهمة، بل إن المواطن العادي، عبر وسائل الرقابة المجتمعية والرقمية، سيكون حليفًا في هذه المعركة.
لقد شاهد العالم في معركة الكرامة كيف توحد الجيش والشعب في جبهة واحدة. واليوم، هذه الوحدة ستستمر، لكن في جبهة جديدة، جبهة مكافحة الفساد وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس النزاهة والشفافية.

أصل القضية.. السودان علم بين الأمم:
يقول الشاعر الألماني نوفاليس: ( حينما نحلم أننا نحلم ، فساعة اليقظة تكون قريبا ) ، السودان اليوم ليس كما كان بالأمس. لقد خاض معركة الكرامة بشجاعة، ولكنه يدرك أن التحدي الحقيقي هو في حرب الكرامة المستمرة ضد الفساد، تلك الحرب التي ستحدد إن كان السودان سيصبح نموذجًا يحتذى به في الشفافية والإدارة الرشيدة. استراتيجية الجسر والمورد ليست مجرد خطة عمل، بل هي نهج مستدام يمكن السودان من أن يكون علمًا بين الأمم، حيث يتوحد الشعب والجيش في حماية مستقبل البلاد.
إن الوقت قد حان للعمل، لا للاكتفاء بالكلام. الحرب ضد الفساد ليست معركة عابرة، بل هي حرب طويلة تحتاج إلى عزم وصبر وإرادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى