الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

أُشْرِبوا في قلوبهم العِجْل بكفرهم … بقلم / اللواء (م) مازن محمد اسماعيل

🐂 لم يكن بنو إسرائيل في مصر يعبدون الأوثان ، بل كانوا يزعمون أنهم موحدين على دين يوسف عليه السلام ، ولما جاءهم موسى عليه السلام زعموا أنهم آمنوا به ، ولكن ذلك لم يمنعهم من بعد تسع آياتٍ بينات ونجاتهم من فرعون أن يسألوا رسولهم بأن يجعل لهم صنماً كما لغيرهم أصنام ، وفي أقرب فرصةٍ سانحةٍ عبدوا عِجْلاً نسف موسى عليه السلام رماده في اليم فشربوا من مياهه تبرُّكاً وتحسُّراً ، فوصفهم القرآن بالكُفر الذي تشرَّبته قلوبهم ، فليس مهماً أن تكون في صُحبة رسولٍ من أولي العزم طالما قلبك مُعلَّقٌ بالطغاة الكفرة ومجتمعاتهم ، بل إن القرآن حذَّر المصطفى عليه الصلاة والسلام من مجرد خاطرةٍ تخطُرُ على القلب تبرُّماً بالذين يدعون ربهم بالغداة والعشي فتمتدُّ العين إلى من فتنهم ربنا بزهرة الحياة الدنيا ، فسقطات الجوارح لَمَمٌ ومعاصٍ وآثامٌ وربَّما كبائر ، ولكن سقطة القلب نفاقٌ وكُفر ، ونفاقُ القلب صاحبه في الدرك الأسفل من النار.

🐂 كان عِجلُ بني إسرائيل من الذهب الذي صاغه السامري ، وعجول اليوم من حثالةٌ بشرٍ نصَّبهم الغرب وإسرائيل فراعنةً وقوارين على قومهم ، فاستخفوهم بالدولار والإعلام ، وذبَّحوا رجالهم وأولادهم ، ولم يستحيوا نساءهم بل اغتصبوهن وذبحوهن ، وذلَّلوا لأقوامهم الرذائل والخنا ، وحرَّموا عليهم النخوة والكرامة ، وظلوا فوقهم قاهرين ، فهوت إليهم أفئدة الكثيرين ، وتاقت إلى مغانمهم نفوس المُعَذِّرين ، وخضعت لهم أعناق المؤمنين بأن أرزاقهم مرهونةٌ بمرضاة عجولهم ، وسعادتهم وشقاؤهم يرتبط بحول فراعينهم وقوارينهم وقوتهم ، ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قومٌ يفْرَقون ، ورُبَما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.

🐂 سيأتيَ يومٌ قريب ترون فيه كل أمة جاثية تُدعى إلى كتابها ، وكثيرون كتابهم الدولار ، والبعض كتابه وثيقة دستورية أو اتفاق إطاري آمن به وعمل عليه وأهلك فيه الحرث والنسل ، وسيُدعى في ذلك اليوم كلُّ أناسٍ بإمامهم ، فالبعض أئمتهم الرسل ، وكثيرون أئمتهم الفراعين والقوارين والشياطين ، وسيُحشر في ذاك اليوم كل امرئٍ في زُمرته ، وسيكون ياسر فضل الله وعمر النعمان وعثمان مكاوي وهنية والسنوار والناطور ونصرالله وإخوانهم وأحبابهم في زمرةٍ شابهت سابقاتها من الزُّمَر التي جاهدت في الله حق جهاده حتى أتاهم اليقين ، وسيكون أعداؤهم وشانئيهم في زمرةٍ ما فتِأت تقول إن فيها قوماً جبارين فاذهب أنت وربك فقاتلا ولو نعلمُ قتالاً لاتبعناكم .. وبينما الكثيرون عاجلهم الردى عن مراجعة تحيزات قلوبهم ، فلازال لدينا فيما تبقى من أعمارنا فُسحةٌ أو فُسيحةٌ لاستدراك قلوبنا ومواقفنا قبل أن تُطوى الصحائف ليوم تُبلى السرائر.

🐂 من الضلال اليهودي الذي تسلَّل إلى الإسلام أن بعض المؤمنين لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة ، والقرآن كله ينفي ذلك نفياً باتاً ، فليس لداخل النار مخرج ، وسيضرب البعض بكتاب الله عُرض الحائط فيخرجون علينا بأحاديث موضوعةٍ صحَّحها بعضهم لبعضهم يزعمون فيها -كذباً- بأن المصطفى عليه السلام (حاشاه) قد صحَّح موقف القرآن من هذه القضية ، وأن المسلمين ليسوا أهل كتاب ، وغير ذلك من الجدل الذي لا يقوم على ساقين ، وسورة التوبة تُحدِّثنا عن مواقف وتحيزاتٍ للقلب من شأنها أن تُغلق باب التوبة على الإنسان حتى ولو عاش بعدها ألف عام … فالله الله في المواقف وميل القلوب ، وأعوذ بالله أن أُذكِّر به وأنساه.
٢٨ أكتوبر ٢٠٢٤م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى