الخرطوم شهر من المعارك ..أمن تبدد ،ومعاناة تزداد

مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأى العام
الخرطوم شهر من المعارك ..أمن تبدد ،ومعاناة تزداد
قراءة في ملف الأحداث 15 ابريل – 15 مايو 2023
__________________________________________________

الهدوء الذى يسبق العاصفة .
لم يكن يوم الخامس عشر من ابريل 2023 يختلف عند اهل الخرطوم عن ماسبقته بأيام كثيرة ..فقد قارب شهر رمضان على الانتهاء وازدهرت الاسواق ..وبدات حركة العيد فى الاندياح فمن المعهود عند اهل السودان ان قضاء غالب احتياجاتهم يتم( يوم وقفة العيد ).. ربما لثقافة موروثه ،وربما هو انتظار لاستقرار الاسواق التى تصاب بالهلع عند كل موسم وربما بسبب الظروف الاقتصادية .. نهض سكان الخرطوم متكاسلين فاليوم يوم سبت والسبت عطلة رسمية .. ولكن سرعان ماتردد صوت الرصاص عند حوالى التاسعه صباحاً فبدأت الانباء تتناقل سريعاً
بيان قوات الدعم السريع عند العاشرة من صباح اليوم كان الأسبق إذ اشار الى مهاجمة القوات المسلحة لموقعه فى سوبا لتبدأ من بعد ذلك حركة سريعة فى الانتشار تهرول امامها الاخبار فى فضاءات الميديا المفتوحة ..دخول قوات الدعم السريع لمطار مروى .. دخول قوات الدعم السريع الى مطار الخرطوم .. اشتباكات عنيفة بالقيادة العامة ودعاوى بالسيطرة عليه .. الاستيلاء على مطار الأبيض صور لاسرى من جنرالات كبار بالقوات المسلحة .. غرف الميديا المعدة سلفا تشن حرباً نفسية واسعة النطاق وهكذا بدأت عجلة الحرب فى الدوران وبدأت ماكينتها الضخمة فى الهدير لتتحول الخرطوم الى حالة الحرب التى تبتلع الضحايا وتنهار المبانى ويفزع الاهالى بحثاً عن السلامة فى هجرة إلى الولايات او لجوء إلى دول الجوار .
الرصاصة الأولى:
1. من اطلق الرصاصة الاولى؟ غالباً هو السؤال الذي يتبادر الى الذهن عند الاجابة على كيفية بداية الحرب ..ولكن السؤال هل بداية الحرب تحددها الرصاصة الاولى؟ .. ام ان قرار الحرب قد اتخذ بالفعل ويتبقي دور الرصاصة الاولى هو صافرة البداية واعلان ساعة الصفر كما يقال ؟..مع الملاحظة ان قرار الحرب يتخذه القادة فى الغرف الباردة المغلقه .. واطلاق الرصاصة الاولى ينفذه جندي مغمور قد احرقت وجهه حرارة الشمس المتوهجة من بعد سهر المناوبة الطويل .
2. الشاهد ان قرار الحرب في السودان جرى التحضير له من زمن طويل فالوقائع تشير الى التحشيد المستمر لقوات الدعم السريع والذى وصل الى ادخال مايقارب الاربعين الف جندى الى الخرطوم بالاضافة الى عشرين الف جندى هم بالضرورة موجودين داخل الخرطوم .
3. قرار الحرب سبقته حركة كبيرة من قوات الدعم السريع لزيادة اعدادها بتخريج دفعات جديدة من قواتها بالخرطوم والولايات البعيدة بما فيها الولاية الشماليه فضلاً عن الاعداد التى اقرت بها قوات الدعم السريع في معسكر جبل سركاب والجيلي ،والتى كانت تحت التدريب ساعة اندلاع المعركة .
4. قرار الحرب اتخذه توزيع معسكرات قوات الدعم السريع في كل اطراف ووسط ولاية الخرطوم ( طيبه – المدينة الرياضية – هيئة العمليات بالرياض مقر المؤتمر الوطني – سوبا – ارض المعسكرات – كافوري – الجيلي – مظلات شمبات الجريف شرق – جبل سركاب ) هذا غير المعسكرات والمقرات غير المعلنة التى اعلنت عنها الحرب ( مقر المؤتمر الوطني – منظمة الطلاب الوافدين – مقر الري المصري – مقرات نمرة 2 ووسط الخرطوم ).
5. فى المقابل لم تشهد القوات المسلحة اي انفتاحات خارج معسكراتها المعلومة خلال الفترة الاخيرة بل ان القوات المسلحة تنازلت بالكامل عن كل معسكرات هيئة العمليات المحلولة بموجب قرارات السيد رئيس مجلس السيادة لصالح قوات الدعم السريع ، وزادت على ذلك بان منحتها مواقع استراتجية هي بالاصل مملوكة للقوات المسلحة مثل المظلات ومواقع داخل القيادة العامة .
6. قرار الحرب الذي مثل قمة التوتر اتخذه القرار المفاجئ لقوات الدعم السريع بمحاصرة مطار مروى وهو المطار المناوب الاقرب لمطار الخرطوم يوم انفتحت قواته حوله دون تنسيق او حتى اخطار للقوات المسلحة بحسب البيان الصادر وقتها عن الناطق الرسمي للقوات المسلحة
7. وحينما حانت ساعة الصفر تدفقت قوات الدعم السريع بحسب الخطة المرسومة لها للتجاوز اشتباك محدود حول معسكر سوبا لتقتحم بيت الضيافة وتحاصر القيادة وتحيط بكل الاهداف المرسومة لها انفاً
قرار الحرب أسباب ودواعي.
قرار الحرب الذى تم اتخاذه مسبقا تقف وراءه جملة من الاسباب على رأسها :
1. تعقيدات الوضع السياسي من ابريل 2019 مروراً بمحطة 25 اكتوبر 2021 وحتى التوقيع على الاتفاق الاطاري فى الخامس من ديسمبر 2022.
2. اتفاقية جوبا للسلام وبروز الحركات المسلحة كلاعب اساسي في خط الوسط ، والتمييز الايجابي لولايات دارفور مقابل الولايات الاخرى مما دفع الى إحتجاج اهل الشرق وظهور تملل واضح فى ولايات الشمال والوسط وبروز كيانات مسلحة جدية بدأت في التشكل والتخلق بهذه الولايات
3. صراع القوى المدنية فيما بينها ومحاولة الاقصاء والانفراد بالسلطة سواء كان داخل قوى الحرية والتغيير الحاضنة الاولى للثورة وانشطاراتها المتوالية او بينها وبين خصومها من انصار النظام السابق والتيارات الاسلامية على وجه العموم
4. التعقيدات البينوية للاجهزة النظامية وبشكل خاص العلاقة مابين قوات الدعم السريع وقوات الشعب المسلحة من حيث التبعية وارهاصات الدمج وشروطه وطرقه والياته والمدة الزمنية اللازمة لاكماله .
5. التدخلات الخارجية السافرة وتحول صناعة القرار الوطني الى اليات بديلة ( مبعوث الامم المتحدة بالسودان – الرباعية الدولية – الالية الثلاثية – سفارات دول امريكا وبريطانيا – السعودية – الامارات – الإتحاد الاوربي دول الترويكا ).
6. النشاط الدولى والسباق المحموم في منطقة الاقليم والتغيرات البنيوية والسياسة وتصاعد وانحسار الاحداث في دول المنطقة ( مالي – تشاد – النيجر – افريقيا الوسطى – نيجريا – جنوب السودان- اثيوبيا )وتمدد النفوذ الروسي مقابل انحسار التمدد الفرنسي وظهور لاعبين بالوكالة في المنطقة ( شركة فاغنر الروسية – الجنرال خليفة حفتر ).
7. الدورالسياسي والاقتصادى الكبير لدولة الامارات العربية المتحدة في نسختها الجديدة وعلاقتها المباشرة بالقوي المدنية والعسكرية فى السودان.
8. التنافس الشديد بين المؤسستين الرسميتين استشعاراً من القوات المسلحة لخطر تنامي الدعم السريع والرأي العام حوله والذي دفع بعض الضباط للتحرك كان سببه الاول هذا ( انقلاب الجنرال بكراوي ) .. فى مقابل اكتمال شعور قوات الدعم المسلحة بالندية الكاملة والمساواة التامة للقوات المسلحة ، والذى تجلي في توقيع قائد قوات الدعم السريع بالمساواة مع قائد القوات المسلحة على التفاق الاطاري ومحاولة قوات الدعم السريع الاعنتاق من تبعية القوات المسلحة للاستظلال بمظلة رئيس الوزراء المدني حال اكتمال التوقيع النهائي على الوثيقة الاطارية ..
9. المواقف الشخصية للقادة مابين الغموض والتردد الذى يلازم شخصية الفريق اول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام والطموح المتزايد لشخصية قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلوا
الحرب العبثية ومقاربة الاهداف
مصطلح ( الحرب العبثية ) اطلقه رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاحالبرهان وهو يصف اندلاع الحرب .. ولكن المصطلح على اختزاله لم يستطيع أن يخفى أن هناك اهدافاً خفية واخرى معلنة ترمي كل الاطراف لتحقيقها على النحوالتالي :
اهداف قوات الدعم السريع :
1. مماهو معلن فان الهدف المعلن في البيانات الاولى لقوات الدعم السريع هو اقصاء قادة القوات المسلحة الحاليين من المشهد وسدة القيادة اما بالاختفاء الابدى ( نوديهم المقابر) او الاختفاء القانوني ( المحاكمات )..وما ظلت تؤكده قيادة قوات الدعم السريع انها تقوم بهذا كله من اجل سيادة الديمقراطية وعودة الحكم المدني وتقطع على نفسها الالتزام تلو الالتزام بتسليم السلطة للمدنيين
2. من الاهداف غير المدسوسة لقوات الدعم السريع هو اعادة هيكلة القوات المسلحة واصلاحها وتنقيتها من عناصر النظام السابق .
3. حددت قوات الدعم السريع انه من ضمن اهدافها فى الحرب مواجهة انصار النظام السابق ( الفلول ) وانهاء سيطرتهم عبر كل الطرق على مؤسسات الدولة النظامية والمدنية .
4. معلومات كثيرة لم ولن يتسني القطع بصحتها اوعدمه حول طموح وتحالف القبائل العربية للسيطرة على حزام طويل من دول المنطقة في مالي والنيجر وحتى السودان .
5. وتبقي من اقوى الاهداف المحتمله هو اكمال المشروع الشخصى لقائد قوات الدعم السريع بالانفراد بالحكم وتتويجه رئيساً على جمهورية السودان وزعيماً فى المنطقة الافريقية
اهداف القوات المسلحة:
بوصفها الطرف الذى قلبت عليه الطاولة فان الهدف الأول للقوات المسلحة هو قمع التمرد وإعادة الهدوء وتمكين هيبة الدولة وإعادة سيطرتها وولايتها
السيطرة على قوات الدعم السريع إما بحلها بالكلية أو دمجها فى القوات المسلحة بحسب ماتقرره الأحوال .
الهدف الثالث الذى تعلنه والغريب فيه أنها تتفق فيه مع خصيمها المحارب لها هو تمكين الديمقراطية ،وتمكين سلطة المدنيين وصولاً الى الانتخابات العامة .
تطورات الحرب خلال الشهر :
1. شهدت الحرب أول ايامها تفوقاً ظاهرياً لقوات الدعم السريع من خلال الإنتشار الواسع في كل ولاية الخرطوم عدا أماكن سيطرة القوات المسلحة وبدت ظاهرياً انها اقرب للسيطرة الكاملة ساعدها في ذلك بسط سيطرتها على القصر الجمهوري والاذاعة والتلفزيون وعدد كبير من المقار الحكومية التى وقعت تحت سيطرتها بحساب الامر الواقع وهى انها من تقوم بحراستها وتأمينها
2. باستعياب القوات المسلحة للصدمة وخروجها الى دائرة رد الفعل ابدت القوات المسلحة سيطرتها الجوية الكاملة وتمكنت من اعادة التوازن عبر ضرب اماكن ومعسكرات قوات الدعم السريع وتحييدها واخراجها الى دائرة عدم الصلاحية .
3. حاولت قوات الدعم السريع إعادة الامور الى صالحها عبر الانتشار الكثيف فىي طرقات ولاية الخرطوم وغالب أحياء مدن الخرطوم وشرق النيل وبحرى .. استهداف طيران القوات المسلحة لها جعلها تلوذ بالاحياء السكنية والمزارع ، وتستبدل سياسة التجمع في معسكرات كبيرة بتكتيك التوزع للاختباء خلف سواتر الاحياء.
4. بدخول الحرب اسبوعها الثالث بدأ النشاط العام للقوتين المتحاربتين في الانحسار والتحول الى صورة نمطية هي غارات الطيران واستهداف التجمعات والعربات المقاتلة من جانب .. وردود المضادات الارضية لقوات الدعم السريع ، والانتشار السريع ومحاولة السيطرة على الاعيان المدنية محطات المياه والكهرباء والمستشفيات من الجانب الاخر.
5. افلح الجانبان في حرب استنزاف قصيرة تمكن فيها كل واحد من تعطيل التعزيزات العسكرية لخصمه الاخر الواردة من الولايات لاسيما امدادات قوات الدعم السريع التي تصدى لها طيران القوات المسلحة وشتت شملها ، في حين تمكنت قوات الدعم السريع من إيقاف تقدم الامداد الوراد للقوات المسلحة من جهة شرق النيل ومن جهة جبل اولياء .
6. الولايات فى غالبها تمكنت من حسم امرها باكراً باستسلام قوات الدعم السريع فيها دون مواجهات تذكر .. عدا ولاية شمال كردفان التى شهدت قتالاً في شوارع مدينة الأبيض، وهجوما على مدينة الرهد وتهديدات بقطع الطرق الخارجية وتهديد الحركة التجارية ،وما تزال امكانية المواجهات قائمة، ومحاولات الهجوم من جانب قوات الدعم السريع في ظل وجود حامية كبيرة بالمدينة .. وفي ولايات دارافور ماتزال الأحوال متوترة في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور في حين أخذت المواجهات طابعاً قبلياً عنيفاً بولاية غرب دارفور مابين قبائل المساليت الداعميين لجانب القوات المسلحة والمليشيات العربية التي يقودها الدعم السريع وماتزال الولاية تشهد معارك مستمرة .
7. باستطالة امد الحرب ، وامتدادها لاطلاق سراح المحكومين والمنتظرين فى السجون ، وغياب الشرطة ودورها في بسط الامن ومحاربة الجريمة ، وخلو منازل المواطنين بدأ موجة عالية من السلب والنهب للممتلكات العامة والاسواق والمصانع والمتاجر اسهمت فيها قوات الدعم السريع بنصيب وافر من خلال سطو افرادها على البنوك والمتاجر واخذ ما خف حمله وغلا ثمنه ثم تشجيع العصابات والمواطنين من ذوي النفوس الضعيفة على اتمام بقية المهمة .
8. الاسبوع الثالث والرابع للحرب شهد سوءاً بالغاً فى الأحوال الانسانية بقيام قوات الدعم السريع بالسيطرة واخلاء مايقارب ال(21) مؤسسة صحية ومستشفي كبيرة بما في ذلك الامدادات الطبية وتعطيل الحياة به فضلاً عن اقتحام الاحياء المدنية وممارسة السلب والسرقة والنهب واقتحام الحرمات وقد وثقت العديد من المنظمات حالات للاغتصاب واحتلال دور العبادة واقتحام المستشفيات وارتكاب فظائع انسانية قامت بها قوات الدعم السريع .. بشكل عام أدى سوء الاحوال الانسانية الى خروج حوالي 35-45% من جملة السكان فى نزوح داخلي صوب الولايات فيما قدرت منظمات أممية مختصة باللجوء والهجرة لجوء حوالى 70 مليون سوداني حتى الان الى دول الجوار بالتركيز على جمهورية مصر العربية ، وجلاء مايقارب ال26 الفا من الاجانب او السودانيين حملة الجنسيات المزدوجة .
9. بعد مرور شهر من الحرب تظهر معاشة الحياة اليوميه تراجعاً كبيراً في ظل تعطل كافة اوجه الانتاج والمصانع وغياب شبه كامل للدولة في تسيير الحياة العامة وحفظ الامن ، وتعطل دواوين الدولة ، واغلاق المجال الجوي باستثناء مطار بورتسودان الذى يؤدي مهام استثنائية ، وتعطل طاقة 55 % من المستشفيات في مهامها السريرية والعلاجية والخدمات التشخيصية واغلاق للاسواق الرئيسية ونقصان السلع الضرورية.
حسابات الربح والخسارة :
1. ربحت القوات المسلحة الجولة الاولى بافشال مخطط الدعم السريع بالسيطرة على الامور واوقفت تقدمته وانهت خطر وجوده في الولايات ، وعملت على اعادة اتزان المعركة لصالحها في الخرطوم ، وربحت المعارك الجوية كاملة واعلنت السيطرة الجوية على سماء الخرطوم ، وربحت تأييداً شعبياً كاسحاً في معركتها حتى الان .. وخسرت فيما خسرت سقوط اعداد من القتلى والجرحى لم يتم الاعلان عنهم كما تعرضت بعض اسلحتها لخسارات جمة في المعركة مثل سلاح الطيران في مطار مروي وقاعدة جبل اولياء وقطع عديدة من سلاح المدرعات
2. قوات الدعم السريع ربحت مقدرتها على الصمود لمدة شهر كامل امام جيش يعد التاسع فى المنطقة واستطاعت ايقاف تقدمه فى معركة الارض ،وربحت اماكن سيطرتها الحيوية حتى الان في القصر الجمهوري ووسط الخرطوم ، ولكنها بالمقابل خسرت القاعدة الشعبية والتفاف الجماهير حولها ، وخسرت سمعتها لدى المنظمات وحقوق الانسان مما يجعلها اقرب للتصنيف تحت دائرة المنظمات الارهابية ، وخسرت اغلب قواتها المصادمة والياتها القتالية ومعسكراتها لاسيما في الولايات ، وخسرت شركاتها ومصادر اموالها لاسيما مناجم وشركات تصدير الذهب .
3. القوى المدنية الموالية للقوات المسلحة كسبت تبدد شمل الاتفاق الاطارى الذي يتهددها بالاقصاء والابعاد ولكنها في المقابل خسرت مستقبل العملية السياسية الذى يبدو دخوله فى نفق مظلم .
4. القوي المدنية الأخرى المساندة لقوات الدعم السريع كسبت حليفاً قويا يمهد لها الطريق في حال استمر الوضع على ماهو عليه فى تسويات قادمة ، بيد انها خسرت بعداً جماهيرياً كبيراً وخسرت وجدا فاعلا على الارض بهجرة مجموعة من قادتها من حملة الجوازات الاجنبية ولجوء الاخرين الى دول الجوار … وخسرت اتفاقها الاطارى الذى كانت تحلم تحت ظلاله بالعودة الى كراسي الحكم وممارسة مزيد من الاقصاء والانفراد بالسلطة .
5. الخاسر الاكبر في المعركة الشعب السوداني الذى روع امنه وانتهكت حرماته واحالت الحرب حياته الى شدة من بعد الرخاء والامن وازدادت خيباته فى الوصول الى حكم ديمقراطي امن تسوده قيم الحرية والسلام والعدالة
بعد شهر من مرور الحرب لاتزال امكانية كل جانب ( القوات المسلحة – قوات الدعم السريع ) في حسم المعركة الى جانبه بعيدة وتبددت الامال لدى الجانين بامكانية الوصول الى نصر ساهل وسريع وبدا واضحاً ان الحرب هي الحرب كم تقول المقولة التاريخية (سهلة الاحلام عصية التنفيذ) . ودون الخوض فى تقدير نسبة النجاح والفشل لكل منهما الا ان الحقيقة الماثلة ان كلاً منهما لم يستطيع تحقيق اهدافه حتى الان .
الاصداء العالمية ومفاوضات جدة :
1. بعد ان أعربت الولايات المتحدة فى تصريحات مسئوليها ان مايجري في السودان شأن داخلي ثم عادت بعد تغيير ميزان المعركة لغير صالح الدعم السريع بالتلويح بعقوبات على اطراف النزاع واستخدمت سياسة العصا والجزرة لتقود الطرفان الى مفاوضات جدة بمشاركة المملكة العربية السعودية
2. الجامعه العربية والاتحاد الافريقي أعلنا عن دعمهما للحكومة الشرعية مع الدعوة لوقف القتال وانهاء المعارك بواسطة الحوار في حين شهد مجلس الامن انقساما فلم يتمكن من اصدار قرارت حاسمة مكتفياً بالدعوة الى الهدنة ووقف اطلاق النار
3. اعلان جدة لحماية المدنيين في السودان يعني بالضرورة أنه لا يستطيع احد منهم الآن الخروج عن إرادة المجتمع الدولي، ولا يستطيع طرف من الأطراف أن يرفض الحوار مهما كانت أسبابه، ويعني أن على الجميع الإستجابة للضغط فلم يستطيع الطرف الحكومي رفض الحوار دون أسباب وكذلك لم يستطيع الدعم السريع الهروب من التفاوض دون مبررات .. وبالتالي فإن هذا الاعلان اعتراف من الطرفين على وجود ضغوط ورقابة دولية مم مع الاعلان ليس إتفاقاً على وقف اطلاق النار لكنه تضمن الالتزام بإعطاء الاولوية للمناقشات التي من شأنها أن توصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار قصير المدى ..وجدير بالذكران الإتفاق خاص بالوضع الانساني لاسيما الأعمال الإغاثية ولا يتضمن اتفاقاً على اي بنود سياسية حتى الآن، ولم يتضمن الاعلان أي تهديد بعقوبات ولا التلويح بأي اجراءات من طرف ثالث ضد من لا يلتزم بالإتفاق ، كما لم ينص الاتفاق على التزام خاص بطرف دون الطرف اثاني فلم يقل مثلاً : التزام الطرف الاول .

المستقبل وافاق الحلول :
1. بطبيعة الحال أن الاتفاق الساسي هو الحل النهائي حتى فى حالة انتصار طرف على الاخر يبقى الحوار مهماً لاكمال كل الترتيبات سلما او حرباً بيد ان المتوقع ان تسير الاحداث على نو متدرج على النحو التالي
2. استمرار المعارك لفترة اطول وباصرار كل طرف على حسم المعركة لصالحه وسيمهل العالم هذا الوضع شهرا اخر من الان .
3. في حالة تطاول امد الصراع اكثر من شهر قادم سيفرض سوء الاوضاع الانسانية على الطرفين الاستجابة للضغوط الدولية ،والتى غالبا ماتميل الى الحفاظ على حالة من تواز ن القوى عبر المساعدات الخفية لقوات الدعم السريع ..
4. الضغوط الدولية ستقود الطرفين لتوقيع اتفاق دائم لوقف اطلاق النار وفتح المسارات الانسانية والاستعانة بقوات من الاتحاد الافريقي للفصل بين الجانبين على غرار ماتم فى جنوب السودان او عبر تشكيل بعثة مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي.
5. تعقب ذلك مفاوضات الوضع الدائم والتى ستعسى لاعادة المدنيين من جديد للحكم مع اعطاء اولوية لحلفاء المجتمع الدولى من اصحاب الاتفاق الاطارى ويمكن استصحاب بقية القوى الاخرى ولكن قطعا دونما اغفال للحركات المسلحة ويتم ضمن ذلك ايضاً تسوية قضية شرق السوان
6. قوات الدعم السريع سيكون الخيار الاوحد هو اعادة دمجها في القوات المسلحة مقابل عملية جراحة عميقة فى القوات المسلحة تستبعد العديد من القادة والضباط فى الرتب المختلفة تحت مخدر طويل الأمد اسمه اعادة الهيكلة والاصلاح .. وسيكون أول المغادرين للمشهد السياسي الجنراليين اللذان يقودان المعركة الان (البرهان – حميدتي)

Exit mobile version