مقالات الرأي
أخر الأخبار

الشهادة السودانية انتصار الأمل في زمن التحديات .. بقلم/ زهير عبدالله مساعد

نتيجة امتحان الشهادة السودانية انتصار نسجله في جدران التاريخ و براعة العز و الشموخ، و الشعوب العظيمة لا تموت. إنه انتصار علي اليأس، و تحدٍّ للظروف القاسية في ظل مأساة النزوح التي عصفت بوطننا، حيث تشتت الأسر، و تلاشت الأحلام.

تظهر نتائج الشهادة السودانية كشعلة أمل تضيء دروب الطلاب النازحين. هذه النتائج ليست مجرد أرقام، بل هي قصص صمود وإصرار، تجسد تحدي هؤلاء الشباب الذين واجهوا ويلات الحرب، و فقدوا بيوتهم و أحلامهم، و مع ذلك تمسكوا بالعلم كطوق نجاة. إنها شهادة على أن الإرادة القوية قادرة على قهر المستحيل و رحلة المعاناة هرباً من ويلات الحرب. ترك الطلاب منازلهم، و أصدقاءهم، و كل ما يملكون، و انطلقوا في رحلة نزوح محفوفة بالمخاطر. حملوا معهم ذكرياتهم، و أحلامهم و كتبهم المدرسية القليلة. تحولت المدارس إلى ركام، و تعطلت الخدمات الأساسية، انعدمت الكهرباء و الإنترنت، و أصبحت الكتب و الكراس عملة نادرة. تحولت الفصول الدراسية إلى ساحات حرب و أصبح التعليم رفاهية لا يمكن تحقيقها.
ضحى المعلمون بوقتهم وجهدهم، و قدموا الدروس في كل مكان، سواء عبر الإنترنت، أو في مراكز الإيواء أو حتى في الخيام. عملوا كشعلة أمل، و ألهموا الطلاب على الاستمرار في الدراسة، و تقديم كل ما لديهم . قدم الأهل الدعم المادي و المعنوي لأبنائهم. شجعوهم على الاستمرار في الدراسة، و تحملوا الصعاب معهم. كانوا صمام الأمان. وقف الشعب السوداني، الذي يعاني من ويلات الحرب، أيضاً إلى جانبهم يقدمون الدعم المادي و المعنوي، يوفرون الكتب، و الكراس و الدعم النفسي، يتشاركون الطعام، و الشراب و الملابس.

هذه النتائج، التي جاءت لتعلن عن انتصار جديد، هي بمثابة شهادة على كرامة شعبنا، الذي لم يرضخ لليأس و لم يستسلم للعقبات. إنها تجسيد حي لروح التحدي التي تسكن قلوب السودانيين، و التمسك بالأمل في غدٍ أفضل. ففي الوقت الذي كانت فيه أصوات الرصاص تدوي، كانت أقلام الطلاب تصنع النصر. و في الوقت الذي كانت فيه المآسي تحيط بنا، كانت أحلامهم تتفتح كأزهار الربيع. انتصار على الخوف، و انتصار على الظروف القاسية. و الإصرار هو السلاح الذي يمكننا به أن نبني مستقبلنا.
هذه النتائج، التي أُعلنت وسط ظروف استثنائية، ليست مجرد أرقام، بل هي تجسيد لعزيمة الطلاب، و تفاني المعلمين و تكاتف الشعب. إنها شهادة على صمود الأمة و إرادتها في مواجهة الصعاب. هذا الانتصار هو انتصار للكرامة في خضم الحرب الدائرة، حيث تتشابك خيوط الموت و الدمار، و تتلاشى الأحلام في غياهب النزوح و التهجير، تظهر قصص إنسانية ملهمة تعكس قوة الإرادة و التصميم. أعلنت نتائج الشهادة السودانية، حاملةً معها بشائر أمل في زمن اليأس، و شهادات على صمود الطلاب الذين تحدوا كل الصعاب و حققوا نتائج فاقت التوقعات. بل هي حكايات حقيقية عن أبطال صنعوا النور من الظلام و أثبتوا أن الأمل يظل يرفرف في سماء السودان.

هذه النتائج هي بمثابة رسالة فرح، تتردد أصداؤها في كل بيت، و تزرع البسمة على شفاه الأمهات و الآباء، و تملأ قلوب الطلاب بالفخر و الاعتزاز في معركة البقاء و الإصرار هو مفتاح النصر.
هذا الوطن يستحق منا كل التضحيات، فإننا نهدي هذا الانتصار إلى جنودنا البواسل، حماة الديار، الذين يذودون عن أرضنا بأرواحهم، و يسهرون الليالي لحماية أمننا و استقرارنا. إنهم رمز العطاء و التضحية، و نحن نقدر جهودهم و نثمن تضحياتهم. أبدًا ما هنت علينا يوما يا سوداننا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى