سنعبر و ننتصر مقولة ظل يرددها رئيس مجلس الوزراء السابق عبد الله حمدوك لكنها لم يكن لها ما يسندها، فهي لم تتعدى فيه، بل كانت مجرد كلمة كانت وبالاً على السودان و أهله؛ فكان عبوره من النعيم إلى الجحيم، و نصره المزعوم على بلاده و جيشها بإحضار البعثة الأممية و (فولكرها) المشؤوم الذي مهّد و أعد لهذه الحرب مثلما فعل في دول أخرى.
إن عبور جسري الحلفايا لشمال بحري و النيل الأبيض للخرطوم انطلاقاً من أمدرمان المحررة كلياً عدا جزء يسير من غربها رغم التحصينات التي قامت بها المليشيا المتمردة و توزيع القناصين في مداخل الخرطوم و بحري لإعاقة تقدم الجيش الذي خرج من كل حدب وصوب -كان له الأثر العظيم في تقهقر المليشيا مجرجرة أذيال الهزيمة.
إن هذا العبور مفتاح للتحرير الكامل للسودان، فيه عبرنا بأرواحنا و أفراحنا من خانة الترقب و الانتظار لمرحلة الهجوم و الانتصار و ذلك له ما بعده من مآلآت و دلالات.
إذا كانت قوات الجيش تحقق انتصارات و تستعيد مواقع استراتيجية من مليشيا الدعم السريع فإن السيناريوهات المتوقعة على الجانبين يمكن أن تتطور كالتالي:
بالنسبة للقوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى:
1. يمكن للجيش تعزيز سيطرته على المناطق المحررة مما يضعف قدرة المليشيا على تنفيذ هجمات.
2. هذه الانتصارات سترفع من الروح المعنوية للقوات المسلحة و الشعب مما قد يؤدي إلى المزيد من الدعم الشعبي و السياسي للجيش في مواجهة المليشيا المتمردة.
3. قد يسعى الجيش لتوظيف الا نتصارات ميدانياً لتحسين موقفه الداخلي سياسياً وعسكرياً والخارجي لتحقيق دعم داخلي و دولي أكبر.
4. سيتطلع الجيش لتوسيع عملياته العسكرية بهدف تطهير كامل المناطق التي تسيطر عليها المليشيا.
5. أرجح أن الجيش سيسعى إلى إستغلال النجاحات للقضاء على مليشيا الدعم السريع أو الاستسلام ، مما قد ينهي العمليات العسكريه .
السيناريوهات المتوقعة لمليشيا الدعم السريع:
1. قد تتراجع المليشيا من المواقع الإستراتيجية لتجنب المزيد من الخسائر مع محاولة إعادة تنظيم قواتها في مناطق أخرى.
2. قد تلجأ مليشيا الدعم السريع إلى حرب العصابات وشن هجمات مفاجئة على مواقع الجيش لإرهاقه في حالة فقدانها للمواقع الاستراتيجية.
3. قد تسعى المليشيات إلى طلب مواصلة و زيادة الدعم الخارجي لها سواء عبر حلفائها الإقليميين أو قوى دولية لتعزيز موقفها العسكري والسياسي.
4. ستلجأ المليشيا إلى تكتيكات تهدف إلى زعزعة إستقرار المناطق المحررة من قبل الجيش، مثل القصف المدفعي تجاه المواقع و المناطق التي يتواجد فيها المدنيون و تنفيذ هجمات إرهابية أو نشر الفوضى عبر عملائها.
5. إذا استمرت الهزائم و تضاءلت قدرته على الصمود قد يواجه الدعم السريع الانهيار السريع مما يفقده الدعم الداخلي و الخارجي بشكل متزايد.
السيناريوهات المرجحة على المدى الطويل:
1. إذا إستمرت الإنتصارات قد يتجه الجيش لحسم الصراع عسكرياً بشكل كامل.
2. يمكن أن يدفع التقدم العسكري القوى السياسية و المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود للضغط على الحكومة السودانية للوصول إلى تسوية سياسية بينها وبين مليشيا الدعم السريع.
3. في حال تمكن المليشيا من التكيف مع الوضع أو الحصول على دعم خارجي قد يستمر الصراع لفترة مع إستمرار الإستنزاف لها و تأثير ذلك على المواطن في مناطق سيطرتها.
أخيراً نخلص إلى أن هذه الإنتصارات ستعزز من موقف الحكومة السودانية داخلياً بزيادة الإلتفاف الشعبي حول الجيش و القوات النظامية الأخرى.
خارجياً ستعمل الدول الفاعلة في الصراع و المهتمة بالشأن السوداني و التي لها مصالح لتغيير استراتيجيتها التي كانت تعتملها في فترة الحرب بتبنى مواقف أقل مرونة و تساهلاً تجاه الحكومة السودانية.