البحوث والدراساتالصحيفة الإلكترونية

اللواء م مازن اسماعيل يكتب : ..يستبدِل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم

يستبدِل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل
١٢ مايو ٢٠٢٤م

🧒🏻الاستبدال سُنَّةٌ إنسانيةٌ ماضية ، على مستوى الأشخاص والمجتمعات والشعوب والأمم ، فكل من يعجزون عن مجاراة تسارع عجلة الزمن سيطويهم الزمن ، ومن يعترضون تطور الكون سيقرِضهم الكون ، والذين لم يتعلموا من التاريخ سيلعنهم التاريخ.

انبثاق جيلٍ جديد في هذه البلاد

👦🏻 كنت في ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٣م قد كتبت المقال أدناه مُبشراً بانبثاق جيلٍ جديد في هذه البلاد سينهض بها إلى مراقٍ سامية ، ولكم كنتُ قاصر النظر حينها إذ لم أستشعر بأن أبناءنا ليسوا بِدعاً من البشر ، وإنما هم أبناء جيلهم في مختلف القارات ، فثمَّة جيلٌ جديد على وجه الأرض وليس في السودان وحده .. جيلٌ ليس كالأجيال قبله .. لا من حيث الذكاء ولا الوعي ولا القدرات ولا التمسُّك بالقيم .. جيلٌ يعلم أن أوان ريادته قد حان ولن يستكين لأطماع أو غباء من قبله في مقاومة ناموس الكون .. نراهم في السودان ، وفي أمريكا ، وفي ألمانيا ، وفي هولندا ، وفي إسبانيا ، وفي غيرها ، وإن هذا الجيل الجديد هو أحد أهم مُستكمِلات دورة الزمان التي تدور في أيام الله هذه.

نصر أهل غز*ة بأحفاد كولومبوس

🧒🏻سبحان من نصر أهل غز*ة بأحفاد كولومبوس والبوربون والبورغندي والفليتسباخ والآمسبيرخ .. وسبحان من خذل الذين يدَّعون شرف النَّسب للدوحة النبوية فلا نسمع لهم اليوم رِكْزا .. والحال في السودان مُشابهٌ أو مُحايث إن شئت .. إذ أن الذين يُقدِّمون اليوم أرواحهم ذوداً عن الأرض والعرض والكرامة هم أبناء العامة من الشعب ، وأما صفوة العائلات الوطنية العريقة الذين حكموا ويحكمون السودان ويتأهبون ليحكموه بعد الحرب فأبناؤهم تزدان بهم عواصم البلدان عبر القارات ، والله أسرع مكراً ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.

🧒🏻👦🏻قريباً في السودان سيشرق جيلٌ جديد ، ومفهومٌ جديد ، ودستورٌ جديد ، وقوىً سياسية جديدة على أسسٍ ومعايير جديدة .. وشيكاً في السودان ستنبعث الرؤىً ، وتأتلق المشروعات ، وتزدهر البرامج ، ويكثر الخير ، وتنحسر الأحقاد ، وتتعاظم الفرص … فكما أن العناية الإلهية تعهّدت وعي أبناء الغرب فأصلحته رغم أنف عائلاتهم وإعلامهم ومناهج تعليمهم ونمط حياتهم …. هي ذات العناية الربانية التي نرجو أنها نزعت من صدور أبنائنا ذلك الغِلّ الذي ظل يثقل قلوبنا على بعضنا البعض ، وفتحت عقولهم لآفاقٍ أرحب من التصارع الأرعن على كل شئ ، والاستلاب للإرادة الأجنبية في كل شئ ، وإن أكبر معروفٍ نستطيع تقديمه للسودان ومستقبله هو أن نفسح المجال لجيل الشباب بتولي كل المسئولية عن حاضر البلاد ومستقبلها … وكلما كان ذلك أسرع .. كلما كان أفضل وأيسر ، فسُنَّة الله ماضية على من شاء وعلى من أبى.

مخاضٌ شديد لميلادٍ جديد

🌟بعض القَصَص يكتُبها القلم ، وأصدقها يرويه الدمعُ والدَّمُ والألم ، يقول د. مصطفى محمود عليه رحمة الله: (تربية الفضيلة في النفس أمرٌ مختلفٌ عن تسمين الدجاج أو تربية الاسماك .. فليس للفضيلة وصفةٌ علميةٌ تنمو بها ، ولا بذورٌ تُشتَرى من السوق .. لأن الفضيلة نور ، ولا يمكن ان تُنوَّر النفوس إلا بالإتجاه إلى مصدر الإشراق .. إلى الله صاحب الفضل في كل فضيلة).

🌟تتشكَّل العناصر الثقيلة على حواف جحيم الثقوب السوداء ، ومن جرَّاء اصطدام النجوم النيوترونية ببعضها مُحدثةً انفجاراتٍ هائلة ، فتؤدي بدورها في نهاية المطاف إلى التحام الذرات والجسيمات مُشكِّلةً المعادن الثقيلة ، والتي من بينها الذهب والبلاتينيوم واليورانيوم والفضة والحديد ، وهذه المعادن الثقيلة وصلت إلى الأرض تحملها الكويكبات التي اصطدمت بالأرض في مرحلةٍ تُسمى بفترة القصف الشديد المتأخّر (حين أمطرت حصو) قبل حوالي أربعة مليار سنة خلت.

⭐بينما تضج مدن السودان بالانفجارات ، وتُمطِرُ سماءها حِمَماً (بدون بُرّاق) ، وتدكُّ نيران المدافع الأحياء والأسواق وحتى المقابر .. وفي غمرة اضطرام هذا الجحيم ، ومن بين ألسنة اللهيب .. تتشكَّل اليوم العناصر الثقيلة من الشباب الذين سيقودون حاضر ومستقبل السودان ، وقطعاً لن يكونوا كالعناصر التي شكّلها المُستعمِر في عواصمه ليستحمِر بهم أهلهم ، ولا كأولئك الذين ترعرعوا في كنف حواضن الاستعمار (الوطنية) من عائلاتٍ وجامعاتٍ ومؤسساتٍ أنشأها الاستعمار الثنائي مفارخاً يستولِد منها وُكلاؤه من بعده ، ولكأني بهذه الحرب مخاضٌ شديدٌ لميلادٍ جديد (ولا غرو أنها احتدمت في الدَّايات) ، فالشعب رأى بأم عينيه قذارة العائلات السياسية التي استولدها الاستحمار الثنائي من حمأة الخمول ، وخَبِر الشعب اليوم حثالة الأحزاب التي أنشأها في كنفه ، وأزكمت أنفه عفونة الإدارات والكيانات والمؤسسات التي صاغها لنا المُستعمِر أوثاناً ، فأخضع بها الأعناق أزماناً ، وظلَّت هي تُقدِّم له الوطن قرباناً .. وما أحرانا في السودان بتصحيف كلمات الرحابنة التي تغنّت بها السفيرة إلى النجوم:
سألوني شو صاير ببلد العيد
مزروعة ع الداير نار و بواريد
قِلْتِلُّن بلدنا عم يخلق جديد
سودان الكرامي و الشعب العنيد

🌟قد يكون المرء كافراً فيصبح مؤمناً في لحظة ، وليس ذاك هو الحال في الأخلاق والطباع والسجايا ، فمن المحال أن يصير الجبان شجاعاً ، أو البخيل جواداً ، أو الكذوب صادقاً ، أو الخؤون وفياً .. فالناس معادنٌ ، وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ، ومن انتظر من الخسيس رِفعةً كان كمن ينتظر نخلةً أن تمشي بين الناس.

⭐إلى حفنة الحثالة المتخثِّرة ولا سيما الطاعنين في السن من بعض قادة القوى السياسية والمجتمعية والأهلية والإعلامية والثقافية والفنية الذين زادات أعمارهم وألقابهم وانتكست فطرتهم وألبابهم .. أشباه الرهط الذين يُفسدون في الأرض ولا يُصلحون .. الذين أبوا إلا أن يلقوا الله (قريباً إن شاءالله) مُجلَّلين بعارِهم ونفاقهم وعُنصريتهم وتعصُّبهم ، ولا يدَّخرون وُسعاً أن يُحشَروا تحت لواء إبليس الداعي الأول للغباء والحِقد والحسد والتعصُّب والعنصرية … الذين طالما باعوا دينهم وبلادهم وأهلهم وآخرتهم بدنيا غيرهم حتى أسقط الله عنهم آخر ستوره عليهم .. نقول لهم: لم تفاجئونا ، وربما فجعتم بحقيقتكم غيرنا .. فقديماً قيل:

إذا المرء أعيته المروءة ناشئاً
فمطلبها كهلاً عليه شديدُ

🌹طبتم وطاب مخاضكم🌹

اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى