• بعث الله سيدنا محمّد رسولاً ليبلغنا مراده منّا للتنفيذ.
• و حتى لا يحتج أحد باتباع ما لديه من بلاغ سيدنا عيسى أو سيدنا موسى أو حتى سيدنا إبراهيم، فرض الله اتباع هذا الرسول النبى الخاتم ، وأكد أن لو قُدّرَ لأولئك الرسل الكرام حياة لاتّبعوا محمداً صلوات ربى وسلامه عليهم جميعاً.
• و تفرقت الأمة فى طريق الاتّباع :
• جماعات بمختلف مشاربها سارت تحت راية تزكية النفس، فعكفت على ذواتها تخليةً و تحليةً، و ما أحسنها و أبركها من رايةٍ لو أنهم اكتفوا بالشريعة الغرّاء و تخلّوا عن الباطنية التى أسموها الحقيقة، و هى عند التحقيق: مراتب تحفيزية تساعد على السير، و إنجازات تعويضية تساعد على الانكفاء على الذات حد الإكتفاء ممّا قد يؤدى الى كثير من الأوهام مثل: الكشوفات، و المنامات، و قد تتطور الى توهم كرامات، و حلول و اتحاد.
• جماعات بمختلف مشاربها سارت تحت راية تزكية المجتمع فعكفت على مجتمعاتها إرشاداً و توجيهاً و ما أحسنها وأبركها من رايةٍ لو أنهم تمسكوا بدين السلف، لا بتدين السلف (التدين بمعنى تطبيق الدين) فالمعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته إنما تديّنوا بما هو متاح لهم، و وفق وُسعِهم ، و وفق اختيارهم من بين مباحات و لا شك أن كثير من المُحدَثات المفيدة لو اتيحت فى زمانهم لتفاعلوا معها بإيجابية بلا تردد.
• جماعات بمختلف مشاربها سارت تحت راية تزكية السلطان و نظمه، فعكفت على ساقية لا تتوقف من التحديات و المعالجات (تنافسية، أو أمنية، أو وجودية أو على الأقل تنظيمية داخلية) و ما أحسنها و أبركها من رايةٍ لو أنهم تمسكوا بالعزائم بدلاً عن التوسع فى فقهى الضرورة و الأولويات.
• الخطأ المشترك بين هذه الجماعات هو أن الرسول الذى استقام كما أُمِر لم يفرق بين (صلاةٍ و زكاة)، و لا بين (تزكية نفس وتزكية مجتمع و تزكية سلطان و نظمه) بل أدّاها جميعاً كُلّاً فى وقته.
• فى مقام تزكية النفس قام حتى تورّمت قدماه، وصبر على الأذى و المكاره وتأدّب حتى نال شهادة من الله : “و إنك لعلى خُلُقٍ عظيم” (القلم 4).
• فى مقام تزكية المجتمع آخى بين المهاجرين و الأنصار، و أفشى السلام و الإطعام، ثم وضع تعريفاً جامعاً للمؤمنين حقّاً إذ قال: (مثل المؤمنين في توادّ هم وتراحمِهم و تعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحُمَّى)، فتواددوا، و تراحموا و تعاطفوا حتى آثروا على أنفسهم و بهم خصاصة، هكذا حتى شهد له الله:”لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم” (التوبة 128).
• فى مقام تزكية السلطان و نُظُمه سنّ دستور المدينة، و أبرم العهود، و اتخذ جيشاً، و دافع و هاجم و سالم، باسطاً الشورى و العدل و المساواة، كافلاً الحقوق و مقيماً الحدود، فآتاه الله القضاء مع التسليم التام: “فلا و ربّك لا يُؤمنون حتَّى يُحَكّمُوك فِيما شَجَر بينهم ثمَّ لا يَجِدُوا فى أَنفِسِهم حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ و يُسَلِّموا تسليماً” (النساء 65).
• ما يفرُغُ من مقام إلا و ينصب لمقام، تكراراً و مرارا كيف لا و هو يَقتدِى بمن أُمِر بالاقتداء بهَديِهم، ومن هنا وجب علينا الاقتداء بهدى الأنبياء جميعاً إقتداءً برسولنا صلوات ربى وسلامه عليهم جميعاً.
• أن نقوم بالحق مُصلحين، و آمرين بالمعروف و ناهين عن المنكر كسيدنا أيوب مع أنفسنا عند الشدائد، و كسيدنا يوسف مع الآخر سواء كان أخاً، أو مُغوياً، أو سجيناً ذليلاً أو ملكاً عادلاً، وكسيدنا موسى مع الملك الطاغى …إلخ، و كسيدنا شُعيب مع أهل السوق و المال، وكسيدنا لوط فى اقتحام (أوكار عامة) لاستنكار الفواحش …الخ و كسيدنا داؤود و طالوت عند الجهاد.
• فى ذكرى المولد النبوي الشريف نسأل الله أن يعيد الخيرية إلى أمة الإسلام، وأن يُؤلَّف بين قلوب المسلمين فلا مؤلف غيره، وأن يؤتيهم الفهم و الحكمة و أن يمكنهم فى الأرض كى نسبحك كثيراً ، ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيرا.
• إن كنا قد استبشرنا بمقدم التيار الإسلامى العريض، فنحن اليوم أكثر استبشاراً بمقدم الشيخ على كرتى، و نسأل الله ألا تنقضى مدته إلا وقد جمع بين تزكية النفوس من المساجد و دور الصوفية ، و تزكية المجتمع من المساجد ودور المنظمات المجتمعية و تزكية السلطان و نظمه من المساجد و دور الأحزاب السياسية.