اللواء (م) مازن محمد اسماعيل
٢ يوليو ٢٠٢٤م
♟️هي سياسة اغتصاب الضمير الجمعي لدى الشعوب والأمم، واستلاب سيادتهم واستقلالهم وكرامتهم الوطنية بأسلوب الترغيب أو الترهيب أو الاثنين معاً لفرض قناعاتٍ معينةٍ نابعةٍ من تأثيرات الخوف والطمع بدلاً عن أن تكون نابعةً من القِيَم والاقتناع العقلي المعتمِد على المرجعية القِيَميَّة والحجة والدليل، وفيها استلابٌ واضحٌ لإنسانية الإنسان وحريته وكرامته وشرائه بثمنٍ بخسٍ كما الدواب في الحظائر، ويطلق عليها اصطلاحاً في عالم اليوم بسياسة العصا والجزرة، وهي في حقيقتها سياسة العصا وحدها فالجزرة في هذه السياسة لا تزيد عن التخفيف من استخدام العصا.
♟️لم يكن فرعون ذو الأوتاد هو أول من استخدم إدارة التوحش لإخضاع الشعوب والمجتمعات، كما لن تكون آخر استخدامات إدارة التوحش في قنبلتي هيروشيما ونجازاكي وما تفعله إسرائيل في غزة أو ما يجري في السودان. وكما أن الكثير من الأمم انتصرت على البربرية تمسكاً بإنسانيتها وقِيَمها وكرامتها في فيتنام وأفغانستان وجنوب إفريقيا وغيرهم كثير، فكذلك بعض الأمم تكون أحرص الناس على حَیَوٰةࣲ (أي حياة) فيستبدلون المقاومة بإدارة الغضب، وقد تطول حياتهم في الاتِّضاع، ولكن الكرامة الإنسانية التي فارقتهم لن تعود إليهم إلا بأضعافٍ مضاعفةٍ من الثمن الذي كانوا سيدفعونه للدفاع عنها يوم استسلموا فخضعوا، والصحيح أن للاتِّضاع والخضوع أهله ، فكل إناءٍ بما فيه ينضح ، فالذين اعتادوا أن يعيشوا حياتهم بلا قِيَمٍ ولا كرامة سيسهل عليهم محاولة تصدير وضاعتهم لأجيالهم اللاحقة فيلعنهم التاريخ ويلعنُهم اللاعنون.
♟️لا تنتطح عنزتان في أن المكونات التي كانت حاكمةً قبل الحرب بالوكالة عن أسيادهم الذين يدعمونهم اليوم هم الذين أشعلوا الحرب حين اختلفوا على قِسمةٍ ضِيزى في اتفاقهم الإطاري، واليوم بعد أن هلكوا وأهلكوا الحرث والنسل وعاثوا كل هذا الفساد في الأرض وأهلها يريدون أن يقتنع الناس قهراً بضرورة عودتهم إلى ما كان قبل الحرب ،وفينا سمَّاعون لهم، والحقيقة المؤكدة بأن الكثرة الكاثرة في هذه البلاد لن يسمحوا بحدوث ذلك ولأسبابٍ كثيرةٍ أعلاها القيم والفضيلة، وأدناها أن لم يُبقي لهم الإسراف في الوحشية ما يخسرونه، فضلاً عن استحالة استئمان هذه الوحوش مجدداً … وهذا سيقطع الشك يقيناً بأن أي صفقةٍ ما بين المتوحشين والخاضعين المُتَّضِعِين (و في أحسن حالاتها) لن تُوقِـف هذه الحرب ولكنها ستنقلها إلى فضاءٍ آخر تماماً.
♟️إن ما صدر عن مبادرةٍ ذات ثلاثِ شُعَبٍ تعكف عليها السلطة الحاكمة -إن صح ما تسرَّب منها- فهي سياسة اتضاعٍ يسندها ما سبق التصريح به من استبدال المقاومة الشعبية بإدارة الغضب، والتباطؤّ في تمكين هذا الشعب من الدفاع عن نفسه وهي مبادرةٌ ترمي بشَرَرٍ كالقصر ولن تُغني من اللهب، وإنا لنعجب من انهماك البعض في الانشغال بكيفية إخضاع هذا الشعب بدلاً من التركيز على حُسْنِ إدارة الحرب وتحقيق النصر واجتثاث الشر وإخضاع المجرمين و قديماً قيل “أن من البليَّات توضيح الواضحات.”
يرَى الجُبَناءُ أنّ العَجزَ عَقْلٌ
وتِلكَ خَديعَةُ الطّبعِ اللّئيمِ
وكلّ شَجاعَةٍ في المَرْءِ تُغني
ولا مِثلَ الشّجاعَةِ في الحَكيمِ
وكمْ من عائِبٍ قوْلاً صَحيحاً
وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السّقيمِ