🥷🏻 كان آخر ما كتبه د. علي شريعتي قبل استشهاده بأيامٍ قليلةٍ من رسالةٍ لإبنه إحسان جاء فيها:- (أحمَدُ الله لأنني عانيت كل التجارب والنكسات المتعاقبة ، ولا يزال عودي صلباً ، أيُّ جلدٍ سميكٍ يُغطِّي ويحمي هذا الجسد ، إن بعض علماء النفس يقولون بأن الجيل الواحد لا يحتمل أكثر من هزيمةٍ واحدة ، وها أنا ذا أُعِدُّ نفسي للهزيمة السادسة أو السابعة ، الهزيمة أم النصر .. وما الفرق لنا؟ .. إن ذلك مُهِمٌّ جداً للتُّجار والرياضيين ومحترفي السياسة ، أما بالنسبة لنا ، فالمهم هو أداؤنا لرسالة الله ، وقيامنا بواجبنا تحت كل الظروف وفي مواجهة كل الاحتمالات ، فإذا انتصرنا نرجو من الله أن يقينا شَّر الغرور ونزعة الظلم واضطهاد الآخرين ، وإذا هُزمنا نرجو من الله أن يقينا من الذل والهوان والخضوع لغيره سبحانه وتعالى).
🥷🏻بعض الناس يُسرفون على أنفسهم في التعلُّق بالأشخاص والماديات كالمؤسسات أو التحالفات أو التسليح ، وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل ، ولئن مات أو قُتِل فإنَّ الله حيٌّ لايموت ، ومهما بلغت عظمة جيشنا -وهو عظيمٌ بحق- فإنه يبقى إحدى وسائل مُستجلبات النصر من ذي القوة المتين ، ولا ننسى أن مؤلف القلوب هو الذي أنعم علينا بالتلاحم الشعبي والعزيمة الصادقة لعامة الأمة السودانية في هذه المعركة ، وهداها للإيمان بالله والحق والنصر ، وذلك إن شاءالله سيبقى مهما كانت أحوال المعركة العسكرية للجيش ، وقد بلغنا في الأثر أن نبياً نظر إلى جيشه وكانوا سبعون ألفاً دارعين .. فأعجبه شأنهم حتى قال من يُكافئ هؤلاء؟ ، فقال لهم الله موتوا ، ونحواً من ذلك حدث في يوم حُنين .. وقد كان سيد القادة وقائد السادة عليه منا أفضل الصلاة والسلام في معاركه يداوم الابتهال بقوله: اللهم بك أقاتل ، وبك أصاول ، ولا حول ولا قوة إلا بالله … والواجب أن ندعم جيشنا بكل ما أوتينا من قوة دون أن نغفل عن الناصر ، ولكن الكيِّس من ألزم نفسه تقوى الله وسداد القول ، فقد حدَّثتنا سورة التوبة أن بعض الأقوال لا يقبل بعدها العزيز الجبار من قائليها توبةً أو اعتذار.
🥷🏻إننا نؤمن بأن الثَّبات من الله وحده ، فهو سبحانه الذي يُثبت الأقدام ، وهو الذي يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .. ونؤمن بأن النصر من عندالله حصرياً .. ونؤمن أن الله وليس غيره أحدٌ هو الذي يُطفئ الحرب ، ونؤمن بأنَّه لا يُنقَمُ منا إلا إحدى الحسنيين ، وأننا نقاتل ابتغاء وجه الله دفاعاً عن القِيَمِ والفضيلة ، وسقوطنا في معركةٍ من معارك هذه الحرب لا يزيد هذه القِيَم إلا قِيمةً وسُمُوَّاً ورِفعة ، ونؤمن بأن قد يكون للباطل ساعة .. ولكن الحق باقٍ ومنتصرٌ إلى قيام الساعة.
🥷🏻إن أعلى التقديرات لأعداد مقاتلي عزالدين القسام لم تتجاوز ٤٠ ألف مقاتل ، وهم يواجهون الجيش الإسرائيلي بقوته التي تزيد عن ٦٠٠ ألف مقاتل ، بالإضافة إلى المرتزقة الذين أصبح الجيش الإسرائيلي اليوم يستعين بهم في صفوفه (ويأتي الهنود على رأس قائمة المرتزقة) ، وهذا الجيش مدعومٌ عسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً وإعلامياً من كل الدول الغربية ، وأغلب الدول العربية التي رأسها الإمارات.
🥷🏻للمفارقة .. فإن عدد كل مقاتلي القسام هو أقل من عدد المُستنفَرين غير المسلحين في منطقة عسكرية واحدة فقط ، ولا تسل عن أعداد بقية المُستنفَرين المسلحين وغير المسلحين في بقاع السودان الأخرى ، ناهيك عن القوات المسلحة نفسها بما تحتويه من أعدادٍ وصنوف ساندة ، ومعها بقية القوات النظامية والمشتركة .. وهم يواجهون حفنة مرتزقة لا يدعمهم عسكرياً سوى الإمارات ، وبعض دول الجوار التي يقتصر دورها على السماح بتجنيد وتمرير المرتزقة والدعم العسكري مقابل أموالٍ من الإمارات.
🥷🏻إن الحق هو الحق في غزة والسودان ، والعدوان هو ذات العدوان ، وحظوظ النصر في المعادلة لصالح السودان أكثر من حماس ، ولتكتمل المعادلة فلابد من أن نذكر عاملين هامين فارقين:-
1️⃣الآمال هناك متعلقة بالله وحده ، ولم نسمع قط تطبيلاً بأن النصر والمقاومة رهينة برمزية شخص ، وقد مضى في الطريق ياسين والرنتيسي ونزار ريان ، والعشرات ، فازدادت المقاومة وامتد النصر.
2️⃣سيتطلب السياق حديثاً عن يحى السنوار ومحمد الضيف ، وكيفية إدارتهم للمعركة العسكرية والسياسية والإعلامية ، وطريقة تعاملهم مع الضغوط والمحفزات وسياسة العصا والجزرة ، ولكنَّ الكثيرين سيسوؤهم ذلك ، فيتحسسون كراسيهم وأبواقهم ، فنُغضي عن ذلك في زمانٍ علا فيه صوت الطبول حتى على صوت المعركة ، فربما لو عَلِمَ الله فيهم خيراً لأسمعهم.
🥷🏻إن أو شُعاعٍ يسطُع من الشمس يُبِدِّد في لحظةٍ كل ستور الظلام التي أسدلها الليل طوال ساعات ، وكذلك هي حربنا هذه مع الباطل .. ما أن ينبلج فيها سنا النصر حتى تزهق في لحظتها كلُّ مكائد الأعداء والسفهاء والعملاء التي نسجوها عبر السنوات ومليارات الدولارات ، ومن يستقرئ الذي يجري في العالم حولنا سيدرك يقيناً بمشيئة الله .. أن السودان يستشرف مستقبلاً قريبٍاً سيكون أروع مما جمحت إليه أمنيات الطيبين من السودانيين ، فمن كانت له مسيرةٌ مُحرِقة .. آلت إليه نتيجةٌ مُشرقة ، وإن بعد العسر يسراً.