══════❁✿❁════
*قراءة في نصوص إعلان جدة*
*حماية المدنيين في السودان*
الجمعه: ١٢ مايو ٢٠٢٣م
═════❁✿❁═════
✍️ *إعداد : الدائرة السياسية _ مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام .*
———————————————–
*اولا : عام*
١. مبدأ توقيع على الإعلان يعنى إمكانية وقوف المعارك الدائرة الان من خلال هدنة طويلة الأمد أو اتفاق دائم .. مما يظهر ضوءاً في آخر النفق ، ويبعث الأمل بامكانية استعادة السلام من جديد .
٢. توقيع الإعلان بين الطرفين يعني بالضرورة أنه لا يستطيع احد منهم الان الخروج على ارادة المجتمع الدولي، ولايستطيع طرف من الأطراف أن يرفض الحوار مهما كانت أسبابه، ويعني أن على الجميع الاستجابة للضغط، والشاطر من يستطيع أن يكيف الضغوط لصالحه ويتمكن من جذب المجتمع الدولى إلى جانبه .. وعودا على بدء لا يستطيع الطرف الحكومي رفض الحوار بدون اسباب ، وكذلك لايستطيع الدعم السريع الهروب من التفاوض بدون مبررات.. وبالتالي فإن هذا الإعلان هو اعتراف من الطرفين بوجود ضغوط ورقابه دوليه .
٢. من حيث الكلمات الدلالية ومصطحات التفاوض فإن كلمة إعلان (declaration ) من فئة الكلمات الاقل الزاما شأنها شأن كلمة (تصريح) وهي اقل درجة في قواميس المفاوضات من برتوكول( protocol)
. وأقل بدرجات من اتفاق (Agreement ) أو معاهدة (Convention).. ولكن على كل حال العبرة بماورد فيها من نصوص وليس بمجرد العنوان .
٣. استغرقت المفاوضات وقتاً اطول بالنظر الى ما خرجت به من نتائج إذ أن ماتم الاتفاق عليه مجرد مباديء عامة هى اصلاً ملزمة لطرفي النزاع بموجب القانون الإنساني، وكان يتوقع أن تكون النتائج بحجم أكبر نظرا لطول مدة التفاوض التى استغرقت قرابة ستة ايام.
٤. وقع على الاعلان ،عن القوات المسلحة السودانية: اللواء بحري ركن محجوب بشرى أحمد رحمه.. ووقع عن قوات الدعم السريع: العميد ركن عمر حمدان .. من دون أن يشير الإعلان إلى صفتيهما داخل المؤسستين .. وبالتالي فإن الأشخاص الموقعين على الإعلان اقرب لكونها قادة ميدانيين ، وليس بالمستوى القيادي.. مما يخفض من سقف التوقيع
*ثانيا: نصوص الاتفاق*
١. الاسم الرسمي هو إعلان جدة، الالتزام بحماية المدنيين في السودان .
٢.يتكون الإعلان من جزئين الأول: تمهيد وأشار إلى الاطراف الموقعين، والغرض من الإعلان، والاستجابه للمناشدات الدوليه ،والالتزام بموجب القانون الدولي الانساني، والالتزام بسلامة السودان ووحدة أراضيه، والترحيب بالجهود التي يبذلها الاشقاء والاصدقاء ،بيد أن الإعلان نص بوضوح على أنه ليس من شأنه التطرق إلى أي وضع سياسي بين الجانبين فورد بالنص (وندرك أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية) . وهذا يعنى بوضوح أنه لايتجاوز الأغراض الإنسانية إلى غيرها.
٣. فيما يلي الالتزامات التى وردت في الإعلان:
أ. النقطة(١) الالتزام بالسماح بالمرور الأمن للمدنين الفارين طوعا من أماكن القتال .
ب. النقطه(٢) تحدثت عن الإلتزام بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وجاءت هذه الالتزامات فى (١٣ ) نقاط فرعيه تفصل الاجمال الوراد على شاكلة : التمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية …الامتناع عن الهجوم الذي يتسبب في أضرار مدنية عرضية … تجنب تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، وعدم استخدام الدروع البشرية … عدم استخدام نقاط التفتيش في الحد من حرية تنقل المدنيين والجهات الإنسانية … الإلتزام بحماية ضروريات المدنيين متل الغذاء والماء والمحاصيل والثروة الحيوانية … حظر النهب والسلب والاتلاف …الإلتزام بحماية المرافق الطبية والمستشفيات، وسائل النقل الطبي وسيارات الإسعاف ، ومنشآت المياه والكهرباء، وعدم استخدامها للأغراض العسكرية … الإلتزام بإحترام وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة … عدم التعدي على حق المدنيين بالمرور والسفر بالطرق والجسور … السماح بجمع الجرحى والمرضى وإجلائهم، … السماح بعمل المنظمات الإنسانية … الامتناع عن تجنيد الأطفال.. والوقف عن الاحتجاز القسري للمدنيين … الإمتناع عن التعذيب والعنف والاعمال اللا إنسانية .. معاملة جميع الأسرى بطريقة إنسانية وتمكين المنظمات الإنسانية من الوصول المنتظم إلى الأشخاص المحتجزين.
ج. النقطة(٣) احتوت على إجراءات تخفيف المعاناة الإنسانية ،وحماية الأشخاص غير المقاتلين ،والسماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية، وحماية العاملين في مجالها ، وجاء ذلك من خلال(٤) نقاط فرعيه في المجال الإنساني تشمل:احترام المبادئ الإنسانية الأساسية ،وعدم التحيز والحياد ومنع استقلال العمليات الإنسانية … السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون أي عوائق، بما في ذلك المعدات الطبية ،والقوافل الاغاثية وحركة للعاملين في مجال الإغاثة عبر جميع الطرق المتاحة (وأي ممرات إنسانية قائمة) … واعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لجميع الترتيبات لعمليات الإغاثة الإنسانية … الإلتزام بفترات الهدنة الإنسانية .. والامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية وعدم مرافقة العاملين عند قيامهم بالأنشطة الإنسانية .. حماية واحترام العاملين والأصول والإمدادات وعدم التدخل في أنشطة العمليات الإنسانية … ضمان أمن ممرات النقل ومناطق التخزين والتوزيع .. حظر مهاجمة عمال الاغاثة أو مضايقتهم أو احتجازهم بشكل تعسفي ..عدم الهجوم على إمدادات ومركبات الإغاثة أو تدميرها أو سرقتها.
د . النقطة(٤) جات للإلتزام بنشر هذه الالتزامات داخل صفوف الطرفين ، وتعيين نقاط اتصال للتعامل مع الجهات الإنسانية
ه_ النقطة (٥) تحدد الالتزام بتمكين الجهات الإنسانية المسؤولة، مثل الهلال الأحمر السوداني ولصليب الأحمر، من جمع الموتى وتسجيلهم ودفنهم .
و. النقطه (٦) أوجبت على كل طرف بالزام قوته وجميع اشخاصه التابعين له بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي وماورد في هذا الإعلان .
ز . النقطة (٧) نصت على أولوية مناقشة موضوع وقف إطلاق نار قصير المدى لتسهيل توصيل المساعدة الإنسانية الطارئة والالتزام بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.
*ثالثاً : الملاحظات العامة على الإعلان*
١. الإعلان ليس اتفاقا على وقف إطلاق النار لكنه تضمن الالتزام بإعطاء الأولوية للمناقشات التي من شأنها أن توصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قصير المدى.
٢. الاتفاق خاص بالوضع الإنساني سيما الأعمال الإغاثية ولا يتضمن اتفاقا على أي بنود سياسية حتى الآن.
٣. لم يتضمن الاتفاق النص على رقابة طرف ثالث لتنفيذ الاتفاق وتسجيل الخروقات.
٤. لم يتضمن أي تهديد بعقوبات ولا التلويح بأي إجراءات من طرف ثالث ضد من لا يلتزم بالاتفاق.
٥. لم ينص الاتفاق على التزام خاص بطرف من دون الطرف الآخر فلم يقل مثلا :التزام الطرف الاول أو: التزام الطرف الثاني . بل جعلهما على قدم المساواة .
٦. التفاوض باسم القوات المسلحة دون صفة الدولة تحرمها من شرعية مكتسبه تجعلها مجرد فصيل مسلح ، ووجود سفير ضمن الوفد المفاوض يجعله مجرد خبير مدني استعان به الوفد العسكري المفاوض.
٧. اغفل الاعلان الاشارة الى المناطق الجغرافية التى يسرى فيها ،وغيب ذكر الولايات تماما ً
*رابعاً : تأثيرات الاتفاق على الطرفين.*
*(أ) القوات المسلحة*
١. افلحت فى وضع كل الانتهاكات التى تمارسها قوات الدعم السريع حيال المدنيين والمرافق الحكومية أمام طاولة الرقابة الدولية .. مما يمكن في حالة انتهاكها من المطالبة بتصنيف قوات الدعم السريع كقوات إرهابية خارجه على القانون الإنساني الدولى .
٢. يضمن الاتفاق الزام قوات الدعم السريع بالخروج من المستشفيات والمرافق الخدمية والمدنية والمساكن مع الملاحظة أن النص على ذلك جاء بلغة ضعيفة وباهته
٢. اتفاق جدة أدى إلى انقسام الرباعية الدولية إلى قطبين تمكن أحدهما ( السعودية وأمريكا) من اقصاء القطب الآخر (الإمارات وبريطانيا) مع المرونة الكافية لضمان الحفاظ على المصالح الاستراتيجية بين السودان والدول الأخرى على رأسها مصر وروسيا وتركيا وقطر. ومنظمات الاتحاد الأفريقي ، والجامعه العربية .
٣. ورد في الإعلان تقييد رقابة الدولة وتحجيم ولايتها على أنشطة منظمات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، خاصة وأن تاريخ المنظمات الإغاثية في السودان غير محايد.
٤. مبدأ التفاوض ليس هو أفضل خيارات القوات المسلحة وقد ذهبت إليه مجبرة على مسايرة المجتمع الدولى ،ولكنها خرجت منه دون خسائر كبيرة
*(ب) قوات الدعم السريع*
١. ساوى الإعلان بين الطرفين المتنازعين دون إعطاء شرعية لأحدهم أو حرمانه منها في نفس الوقت .. مما يجعله اتفاق بين فصائل مسلحة وليس قتال بين دولة وقوات متمردة عليها .
٢ اعطي الإعلان قوات الدعم السريع حقا مشتركا في ممارسة دور الدولة في التعامل مع المنظمات مباشرة وفي كافة الأغراض الإنسانية
٣. تغيير مفهوم الصراع من تمرد وخروج على سلطة الدولة إلى مجرد صراع بين فصيلين مسلحين في بلد ماتزال فيه دولة قائمة وحكومة موجوده .
٤. منح الإعلان الاعتراف الضمني بأن الدعم السريع قوة عسكرية موازية للقوات المسلحة .. بل تفاوض، واتفق معها.
.٥. الإعلان فوت الفرصة على الطرف الحكومي باتهام الطرف الثاني أنها قوة متمرده ،ولم يفضي بمطالبتها بوضع السلاح … وبالتالي فهو انتزاع لاعتراف ضمني بشرعيتها دولياً كطرف عسكري وسياسي.
٦. الاتفاق لا يتضمن أي شكل من أشكال الإدانة لانتهاكات قوات الدعم السريع والإشارة لهذه الانتهاكات جاءت معممة بما يشير بأنها وقعت من كلا الطرفين.
٧. الإعلان اعطي قوات الدعم السريع شرعية الاحتفاظ بالارض رغم انه لا يوجد موقع عسكري بيدها سوى رئاسة هيئة العمليات سابقاً التي في حي الرياض ، فالقصر الجمهوري وحي المطار والمدينة الرياضية، ومصطفى البترول ، والمستشفيات، ومقار الشرطة والجهاز وغيرها .. جميعها مرافق مدنية وقد أغفلها الاتفاق كما أغفل الإشارة لاحتلال الأحياء السكنية ومنازل المواطنين .
*خامسا: اتجاهات الرأي العام*
١. الإعلان في مجمله جاء دون طموح الشعب السوداني الذى كان يتوقع وقفا فعليا لاطلاق لنار، وتحسنا فوريا في حالة المعاناة ، وإزالة المظاهر العسكرية ،وفتح الطرقات والمعابر، وعودة الحياة الي سمتها الطبيعي فيما قبل 15 ابريل تاريخ وقوع النزاع .
٢. الإعلان اعطي قوات الدعم السريع شرعية على الورق لم تستطيع تحقيقها على الأرض .
٣. اضعف الإعلان دور دولة الإمارات السياسي في السودان بخروجها ظاهرياً من الملف حتى الان .
٣. الوصول إلى الإعلان جاء بناء على رغبة قوات الدعم السريع واستطاعت به فك الحصار السياسي والعسكرى عنها .
٤. دولة الإمارات كانت وراء المفاوضين من قوات الدعم السريع وساهمت في تكوين هيئة استشارية لهم ..
٥.الراي العام كان يتوقع أن تكون ثمرة الاتفاق إطلاق سراح المعتقلين المدنيين والمحتجزين في حى المطار وعدة مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وتستخدمهم بمثابة دروع بشرية .
٦. ينقسم الرأي العام مابين تفاؤل حذر بامكانية نجاح الإعلان في تطوير الواقع إلى هدنة دائمة وحل سياسي مستدام …. ومابين اخر متشائم يرى أن الإعلان كرس لمصلحة الدعم السريع ومنحه قبلة الحياة وبث الدم في شرايينه من جديد .
————————————————
والدعوات أن يحفظ الله السودان وأهله، وينعم عليه بالأمن والاستقرار … اللهم سلم ، اللهم سلم .
══════❁✿❁════
*مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفيه ودراسات الرأي العام ،مركز اعلامي محايد مستقل.*
══════❁✿❁═════
.