كامل إدريس ورهانات المرحلة .. خمسة مطالب شعبية لا تقبل التأجيل .. بقلم: د. أحمد الطيب السماني .. مدرب وأستاذ التنمية والإدارة

في ظل الخراب الممتد على امتداد الجغرافيا السودانية، وسؤال المصير الذي أصبح حارقًا في الشارع العام، تترقّب الجماهير السودانية – بتوجّسٍ وأمل – ملامح الحكومة الجديدة، ويبرز اسم الدكتور كامل إدريس كأحد الأسماء التي تعقد عليها الآمال في الإنقاذ من القاع الذي تدحرج إليه السودان.
كامل إدريس ليس اسمًا عاديًا في المشهد الوطني. فهو رجل قانون دولي، وإداري حاذق، وصاحب حضور محترم على الساحة العالمية، وقد ظل بعيدًا عن صراعات الداخل العقيمة. وهذا في حد ذاته رأسمال معنوي يمكن البناء عليه إذا صحبته الإرادة، والقرار، والرؤية.
لكن الشعب السوداني لا ينتظر المعجزات، ولا يُراهن على الأفراد دون مشاريع، بل يعلّق آماله على خمس أولويات واضحة، تُشكّل جوهر ما ينتظره من أي رئيس وزراء جديد جاد في الإنقاذ:
1. إيقاف الحرب فورًا وتحقيق سلام عادل ودائم
لن يُكتب لأي حكومة قبول ما لم تنهِ آلة الحرب المجنونة التي تحصد الأرواح وتدمّر ما تبقى من العمران. الشعب يريد سلامًا لا يقوم على المجاملات، بل على العدالة، رد الحقوق، وتعويض المظلومين، وتسريح المليشيات، وتفكيك اقتصاد الحرب لصالح اقتصاد السلام.
2. توحيد مؤسسات الدولة وإنهاء التشرذم السياسي والإداري
السودان اليوم أشبه بجسد مفكك الأطراف، تحكمه سلطات متعددة، وكل جهة تزعم السيادة. المطلوب أن تُستعاد هيبة الدولة من خلال بناء مركز قرار واحد، ووضع حد للفوضى الإدارية، ودمج الجهود المتناثرة في كيان حكومي متماسك يعيد للسودان وحدته.
3. معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية فورًا
الخبز، الدواء، الماء، الكهرباء، والمواصلات… ليست رفاهية، بل حقوق يومية لأكثر من 40 مليون سوداني. على الحكومة الجديدة أن تضع خطة إسعافية عاجلة تخفف المعاناة، بالتوازي مع رؤية اقتصادية طويلة الأمد تعيد هيكلة الدولة وتدعم الإنتاج المحلي وتحفّز الاستثمار الوطني.
4. محاربة الفساد واستعادة ثقة الشعب في الدولة
لن يُكتب لأي مشروع إصلاح النجاح إن بقي الفساد ينخر في جسد الدولة. المطلوب جهاز رقابي حقيقي، وإرادة صارمة تطبّق القانون على الجميع دون استثناء. آن الأوان أن يُعاد المال العام إلى خزائن الشعب، لا إلى جيوب المتنفذين.
5. مشروع وطني جامع يؤسس لمستقبل ديمقراطي مستقر
الشعب السوداني لا يطلب شعارات، بل خارطة طريق واضحة تؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة، ودولة مدنية تُبنى على المواطنة لا على المحاصصة. المطلوب حوار وطني لا يُقصي أحدًا، تُشارك فيه النخب، والشباب، والمرأة، ومنظمات المجتمع المدني، لإعادة صياغة العقد الاجتماعي للسودانيين.
في الختام:
ربما لا تتكرر الفرص كثيرًا، لكن التاريخ يمنح البعض لحظة ذهبية لاختبار صدقهم مع شعوبهم. إننا أمام منعطف وجودي، لا تنفع فيه الترضيات، ولا الأقنعة. فإما أن يُصنع مستقبل جديد يليق بالسودان، أو نعود لدائرة الفوضى والانهيار.
*وإن غدًا لناظره قريب.👀*