الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

لله ، وبالله ، وفي الله ، وعلى الله … بقلم اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

🐎 كان عثمان بن مظعون ممن عاد إلى مكة من الحبشة ظنَّاً منه بأن أهل مكة قد أسلموا، و كان في جِوار الوليد بن المغيرة فلم يُصِبه الأذى الذي أصاب أصحابه، فمشى إلى الوليد بن المغيرة و قال له: `(يا أبا عبد شمس وفت ذمتك و قد رددت إليك جوارك)` ، فقال له الوليد: (لم يا ابن أخي ، لعله آذاك أحد من قومي؟) قال: `(لا، و لكني أرضى بجوار الله ، و لا أريد أن أستجير بغيره)` ، فانطلقا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد: (هذا عثمان قد جاء يرد عليّ جواري) ، قال عثمان: `(صدق ، و لقد وجدته وفيّا كريما الجوار و لكنني أحببت إلا أستجير بغير الله)` ، ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة في مجلس من مجالس قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان فقال لبيد: (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) فقال عثمان: `(صدقت)` ، قال لبيد: (و كل نعيم لا محالة زائل) ، قال عثمان: `(كذبت ، نعيم الجنة لا يزول)` ، فقال لبيد: (يا معشر قريش ، و الله ما كان يؤذي جليسكم فمتى حدث هذا فيكم؟) ، فقال رجل من القوم: (إن هذا سفيه فارق ديننا فلا تجدنّ في نفسك من قوله)، فرد عليه عثمان بن مظعون حتى سري أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فأصابها، و الوليد بن المغيرة قريب، يرى ما يحدث لعثمان ، فقال: أما و الله يا بن أخي إن كانت عينك  عمّا أصابها لغنيّة، لقد كانت في ذمة منيعة) ، قال عثمان: *`(بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله، و إني لفي جوار من هو أعز منك و أقدر يا أبا عبد شمس)`* ، فقال له الوليد: هلم يا بن أخي إن شئت فعد إلى جواري) قال ابن مظعون: `( لا)` ثم أنشد:

*فإن تك عيني في رضا الله نالها*
*يدا ملحدٍ في الدين ليس بمهتدي*

*فقد عوّض الرحمن منها ثوابـه*
*ومن يرضـه الرحمن يا قوم يسعد*

*فإني وإن قلتـــــــم غويّ مُضَللٌ*
*لأحيـــــــا على دين الرسول محمد*

*أريد بذاك الله والحق ديننــــــا*
*على رغـم من يبغي علينا ويعتدي*

🐎 أرسل أبوبكرٍ الصديق إلى خالد بن الوليد في العراق أن أدرك جيش المسلمين في الشام فقد حشد لهم العدو ، فاختار سيف الله أقصر الطرق و أخطرها توكلاً منه على الله، و قال لصحبه:(لا يَخْتَلِفَنَّ هَدْيُكُمْ، وَ لا يَضْعُفَنَّ يَقِينُكُمْ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي على قدر النية، و الأجر على قدر الحسبة وَ إِنَّ الْمُسْلِمَ لا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتَرِثَ بِشَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ مَعَ مَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ) ، فقالوا له: (أنت رجلٌ قد جمع الله لك الخير فشأنك، فطابقوه و نووا واحتسبوا و اشتهوا مثل الذى اشتهى خالد) ، فاخترق بهم صحراء السماوة (٥٠٠كلم) في خمسة أيامٍ حتى أدركوا المسلمين في اليرموك، و يروي مؤرِّخ الموصل أبو زكريا الأزدي أن الروم حشدوا للمسلمين (٤٠٠) ألف مقاتل، و روى ابن عساكر أن المسلمين كانوا (٢٤) ألف مقاتل ، فقال رجلٌ في جيش المسلمين: (ما أكثر الروم) ، فصاح فيه خالد: `(ويلك أتخوفني بالروم؟ إنما تكثر الجنود بالنصر ، وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال ، والله لوددت أن الأشقر براءٌ من وجعه ، وان الروم اضعفوا في العدد)`، و الأشقر هو فرس خالد و كانت قد حفيت من شدة المسير و الهجير في صحراء (السماوة)… و احتدم القتال ستة أيامٍ حتى طلب الروم هدنةً ثلاثة أيام فرد خالد و قال لهم:(إننا مستعجلون لإنهاء عملنا هذا).

🐎 إن الله سبحانه لم يأمرنا بالنصر وإنما أمرنا بالجهاد وتكفّل سبحانه بالنصر ، ولم يُجَشِّمنا عز وجلّ امتلاك قدراتٍ نووية ، وإنما أوجب علينا أن نُعِدَّ ما استطعنا من قوةٍ فإنه عزَّ وجل هو الرامي ، و لم يشترط علينا ذو القوةِ المتين أن نتحالف مع قوىً عُظمى دولية أو إقليمية و إنما أوحى إلى الملائكة *`أني معكم`* فثبِّتوا الذين آمنوا، وهيهات أن يُهزَم هكذا جيش، و دونما حاجةٍ للخوض في تاريخ الرِّبِّيون و هم كثير فقد رأينا و نرى كيف هزمت فيتنام الولايات المتحدة الأمريكية في أوج زهوها بانتصارها في الحرب العالمية، و كيف هزم المجاهدون الأفغان الاتحاد السوفياتي، و كيف هزمت طالبان أمريكا، و كيف صمدت كوبا في وجه أمريكا ما يربو عن الثمانين عاماً و الأمثلة كثير ، فمعايير القوة المادية لا تضمن نصراً و لا تستوجب قلتها هزيمة ،فالنصر من عندالله حصرياً و الهزيمة من عند أنفسنا.

🐎 إن الذين يربطون النصر والهزيمة بزعامة شخصٍ أو قيادة فردٍ أو تحالفٍ هنا أو سلاحٍ يأتي من هناك… إنما يظلمون أنفسهم، و يبخسون تضحياتهم، و يرتكبون إثماً يستعجلون به الهزيمة حتى و إن بلغ بهم ضعف أحلامهم فظنوا في ذلك النصر، فإن أخبث أنواع الطابور الخامس هو أن يتسلل إلى القلوب ثقةٌ بغير الله، فأمضى أسلحتنا هو إيماننا بالله وحده، و تجردنا من حولنا و قوتنا إلى حوله سبحانه و قوته، و يقيننا بموعوده، و توكلنا عليه وحده، وحين يرسخ هذا اليقين ، ويستقرَّ في قلوب المؤمنين، فإنهم يصنعون المعجزات، و دونكم ما يفعله بضعة آلافٍ من المجاهدين في غزة، و الذين يرميهم العالم كله عن قوسٍ واحدةٍ، فلا يزيدهم إلا نصراً و صبراً وذِكراً و إيماناً و احتساباً و شكراً، و الحمدلله الذي أحيانا حتى شهِدنا فعل الربانيين أشباه الصحابة في السودان و غزة، و لسوف يفتح الله على أيديهم كما فتح على أيدي أسلافهم من قبل و لا يُخلف الله وعده و لكن أكثر الناس لا يُوقنون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى