ما قبل جينيف … الأمن الغذائي تهديد جدّي … بقلم مهندس / مروة محمد سعيد
تتوالى الأنباء عن وجود مجاعة محتملة في السودان خاصة إقليم دارفور، و تقارير برنامج الغذاء العالمي عن معسكر (زمزم) للنازحين و إعلان مجاعة بالمعسكر، و اتهامات الميليشيا المتمردة للجيش بقصف المعسكر رغم تواجد عدد مقدر من النازحين به جميعها إرهاصات لما قبل جولة جنيف التفاوضية المتوقعة بعد أيام قلائل.
يقع المعسكر في ولاية شمال دارفور و يحتضن الفارين من ويلات الحرب و الحصار الذي تضربه الميليشيا على الولاية و عاصمتها الفاشر، و التي تشهد بشكل يومي هجمات سواء بالتدوين الذي طال حتى المستشفيات و بيوت المواطنين أو بالهجوم عبر المشاة و الذين تتصدى له القوات المشتركة بجانب الجيش. و نفت مفوضية العون الإنساني ما أُعلِن عنه من مجاعة، و أشارت لتضييق الميليشيا على المنطقة و حصارها المفروض على الفاشر.
المتابع لما جرى في اجتماع مجلس الأمن الثلاثاء السادس من أغسطس الجاري و حديث المسؤولين الأمميين عن الجوع و تهديد حياة الملايين نسبة لعدم إدخال المساعدات الإنسانية حيث طالب المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الغذاء العالمي مجلس الأمن بالضغط على تيسير إيصال المساعدات عبر إيقاف تدخل “أطراف الصراع” كما أسماها في الإجراءات و التزامهم بالقانون الإنساني الدولي.
(إيديم وسورنو) مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قالت في إحاطتها أمام مجلس الأمن أن هنالك (26) مليون شخص يعانون الجوع، و أن الأمم المتحدة لديها مواد إغاثة و مواد صحية متواجدة في مدينة بورتسودان جاهزة لنقلها إلى معسكر زمزم لكنها تطالب بالوصول الآمن و السريع لها.
الجيش يقول أنه حدد معابر إدخال المساعدات الإنسانية إلى الإقليم و هو معبر (الطينة) الحدودي مع تشاد، و الذي تسبب الخريف في صعوبة الحركة و نقل المساعدات عبره، و رفض استخدام معبر (أدري) الحدودي بعد التأكد من وصول إمدادات عسكرية للميليشيا تحت غطاء المساعدات الإنسانية، و السيادة الوطنية لها الحق في اختيار أي المنافذ يتم الدخول عبرها خاصة أن معبر أدري يقع تحت سيطرة الميليشيا.
إذاً الكل يتهم الكل بعرقلة وصول المساعدات، و الكل يتحدث عن القانون الإنساني الدولي و قرارات مجلس الأمن، لكن لا يتم تسمية المجرم الحقيقي المتسبب في كل هذه الأزمات من نزوح و تشريد و تجويع متعمّد.
الميليشيا المتمردة استولت بالقوة على الآليات الزراعية بل و حتى التقاوى في عدة ولايات، و ها هو فصل الخريف و المزارعون في عدة مناطق لم يستطيعوا إدراك الموسم الزراعي في كل من مشروع الحزيرة، و السوكي، و الدندر، و سنجة و الجنيد و أم روابة و غيرها ،و سرقت الميليشيا و لا زالت تسرق كل مخزون الأسر من حبوب و أغذية، بل و حتى ما عرف (بالتكايا) يتم مصادرة الطعام و المواد منها عنوة لتجويع و تشريد المواطن.
من جانبها ألزمت الحكومة عبر وزير الزراعة والغابات المكلف ألزمت الشركات الزراعية في الولايات الآمنة الواقعة في القطاع المروي بزراعة مساحات داخل مشاريعها بالذرة، و أيضاً تأكيد وزير الخارجية السوداني المكلف السفير حسين عوض لدى لقاءه رئيس وزراء ماليزيا بضمان إيصال المساعدات الإنسانية و مطالبته المنظمات الدولية بدعم السودان يُعد مؤشراً على انفتاح السودان و حكومته بشأن الأمن الغذائي.
سلاح التجويع و التناغم بين المنظمات الدولية في إرسال مؤشرات و إعلان نُذر مجاعة يبدو أن لديه ما بعده، على الحكومة التعامل بجدية أكثر في هذا الملف خاصة و أنه في حال إعلان المجاعة يترتب على ذلك إجراءات تتجاوز الحكومات و يتم التدخل مباشرة دون مشورتها و حينها لا ينفع الندم.