الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

وجه الحقيقة … تحديّات الموسم الزراعي الصيفي و نُـذُر المجاعة … بقلم/ إبراهيم شقلاوي

يظل الموسم الزراعي الصيفي مهددا بالفشل بسبب عدم الأمن و الأمان الذي يعانيه المزارعون، بجانب عدم توفر مدخلات الانتاج و الآليات و انعدام التمويل. الآن نحن في مطلع شهر يوليو و لاتزال ترتيبات الحكومة بشأن الموسم الزراعي ضعيفة، وخططها قاصرة، و مهددات فشل الموسم تتعاظم و تداعيات ذلك كما يعلم الجميع كارثية. هكذا تحدث عدد من الخبراء الزراعين و خبراء الريّ مُبدياً امتعاضاً كبيراً جرّاء الاستهانة الواضحة بقراءات المنظمة الدولية التي أكدت أن السودان مقبل على مجاعة محققة جرّاء الحرب الدائرة في عدد من ولايات الإنتاج الزراعي مالم تُتَّخذ التدابير والتحوُّطات اللازمة.

من جانبها وفّرت وزارة الريّ والموارد المائية من على البعد الاحتياجات الفنية، و لا زالت توفر المياه لمشروع الجزيرة و المشاريع المرويّة قاطبة رغم كل الظروف الصعبة و التحديات التي تواجه العاملين في المجال، حيث يخشى أن تضيع هذه الجهود هدراً و تواجه البلاد المجاعة التى هى على الأبواب إذا لم تكون هناك سرعة استجابة و تدخلات حاسمة من الحكومة و من الشركاء الدوليين و الأصدقاء.

في السياق أصدرت الخارجية السودانية مساء الأمس الخميس بيان صحفي قالت فيه أن مليشيا الدعم السريع -كما وصفها البيان- قد منعت وصول شحنات من البذور وفرتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة للمزارعين بولاية سنار للموسم المطري، حيث وصف بيان الخارجية ذلك بغرض إحداث مجاعة في البلاد، كذلك أشار البيان الي نهب مخازن برنامج الغذاء العالمي في (ود مدني) ديسمبر الماضي ونهب الآليات الزراعية والمحاصيل وإغلاق الترع الرئيسة بمشروع الجزيرة بجانب تخريب هيئة البحوث الزراعية وبنك الجينات الزراعية. هذا البيان يعد مُقلِق للغاية حيث أشار بوضوح للمهدادت المتعلقة بالموسم الزراعي.

من المعلوم أن الزراعة في السودان تنقسم إلى أنواع رئيسية وفقاً لنوع الريّ أو أسلوب الإنتاج؛ الزراعة المطرية التي تعتمد على هطول الأمطار و الزراعة المروية الآلية التي تعتمد على الري الصناعي من نهر النيل و روافده و تمثل (45%)، و الزراعة التقليدية في البوادي و أطراف القرى و تمثل (55%) وتشكل النسبة الأكبر من إنتاج الحبوب في السودان.

من الواضح أن (70٪) في عدد من المشاريع القومية.. الجزيرة و الرهد و حلفا الجديدة و امتداداتها.. تعاني من ضعف التمويل و عدم الاستقرار الأمني بسبب الحرب التي يخوضها الجيش السوداني علي قوات الدعم السريع لاخضاعها بعد أن وصفها بالمتمردة و التي ظلت تتعدى على المواطنين في مناطق الإنتاج الزراعي وتسلب ممتلكاتهم وآليات الإنتاج و التقاوي الزراعية .

كما نعلم فإن الموسم الزراعي الصيفي يعتبر الموسم الزراعي الأهم في السودان؛ حيث يأتي في فترة الخريف و يمثل الفترة الزمنية الخصبة التي تتعاظم فيها الزراعة و تبذل فيه الجهود الرسمية والشعبية و المنظمات المختصة لإنتاج محاصيل الحبوب الرئيسة التي تمثل الأمان الغذائي من الجوع، بجانب إنعاش الاقتصاديات المحلية للمزارعين و الدولة حيث تتنوع محاصيل الأمن الغذائي و المحاصيل النقدية مثل القمح، و الذرة والدخن، و المحاصيل النقدية كالسمسم، و الكركدي، و الفول السوداني، و القطن و زهرة الشمس بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي للمجتمعات الريفية بجانب توفير العملات الأجنبية للحكومة .

بالرغم من ذلك نفى وزير المالية الاتحادي جبريل إبراهيم وجود مجاعة في السودان أو احتمال مجاعة مستقبلاً، حيث وصف الوضع حسب وكالة السودان للأنباء بأن به “فجوة غذائية” بحسب تعبيره، و أن الاستعدادات تجري بصورة طيبة للموسم الصيفي و أن هناك مجهودات مبذولة لتوفير وسائل الإنتاج الزراعي والتقاوي وتمويل المزراعين.

في جانب آخر حسب وكالات أنباء تقول منظمات أممية و إنسانية متخصصة إن أكثر من نصف الشعب السوداني بحاجة لمساعدات عاجلة، و أن بالبلاد (18) مليون إنسان يواجهون جوعاً حاداً جراء الحرب الجارية منذ أبريل (2023). يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) كانت قد أصدرت تقريراً الشهر الماضي قالت فيه إن إنتاج الحبوب في البلاد قد انخفض بحوالي النصف خلال عام الحرب السودانية وذلك جراء الحرب التي عطلت العمليات الزراعية وزادت من تكاليف ومدخلات الإنتاج.

عليه لابد من الاتجاه إلى حلول عاجلة تجنب البلاد كارثة إنسانية في مجال الغذاء، وذلك يتمثل في أهمية توفير المسارات الآمنة للعاملين و للمزارعين، و تأمين المشاريع الزراعية بمايسمح بتقديم العون اللازم لاستقرار و استمرار التحضير للعمليات الزراعية و الإنتاجية، و بما يمكن المزارعين بالعودة لممارسة النشاط الزراعي و الاستعداد العاجل لموسم الزراعي. هذا بجانب الاستعانة بالدول الصديقة والشقيقة بتوفير وسائل و آليات الإنتاج، كذلك على الحكومة أن تسارع بتوفير التمويل اللازم للمزارعين بتوجيه البنوك و القطاع الخاص و حفز المنتجين. أيضا الاستعانة بالمنظمات الأممية (منظمة الأمم المتحدة للأغذية) ، و المنظمات الإنسانية الأخرى العاملة في المجال لتوفير التقاوى و الأسمدة اللازمة للإنتاج. هذه التحديات الماثلة إذا لم يتم تدارُكها لإنجاح الموسم الزراعي هذا العام فنحن بالتأكيد أمام كارثة إنسانية لن يكون عنوانها المجاعة وحدها بل لربما حدث تدخل من دول الجوار في الأراضي الزراعية السودانية لأنها أيضاً تتأثر باستقرار الإنتاج الزراعي في بلادنا وتسعى لتأمين الغذاء لشعوبها.
دمتم بخير وعافية.. Shglawi55@gmail.com
الجمعة 5 يوليو 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى