بالنظر للقلق الذي يبديه بعض المراقبين عن حال السدود السودانية جراء الحرب المشتعلة في البلاد منذ منتصف أبريل من العام الماضي بواسطة قوات الدعم السريع المتمردة التي حاولت الاستيلاء على السلطة عبر إنقلاب عسكري مدعوم إقليمياً بإسناد من بعض القوى السياسية الداخلية -من المعلوم أن السودان لديه على النيل خمسة سدود رئيسة من الأعلى إلى الأدنى، منها سد (سيتيت) و أعالي عطبرة على نهرين فرعيين، و سد (الروصيرص) على النيل الأزرق،و خزان سنار على النيل الأزرق ،ثم خزان جبل أولياء على النيل الأبيض ثم سد مروي على النيل الرئيس. هذا بجانب سدود و خزانات أخرى صغيرة منتشرة في عدد من الولايات السودانية تُعرف بسدود حصاد المياه، تبلغ في مجملها حوالي (450) سداً (أو حفيراً)، و هي مصممة وفق معايير جيدة لحفظ مياه الأمطار في موسم الخريف للإستفادة منها في فترات الجفاف التي تعرف به العديد من مناطق الريف السوداني لسقيا الإنسان و الحيوان و الزراعة خلال تلك الفترات. أما في جانب السدود السودانية الرئيسة الوضع مطمئن و لا يوجد أي مهددات تذكر إذ أنها تقع بعيداً عن مناطق النزاع و الاشتباك المباشر و هي في مناطق سيطرة الجيش السوداني الذي يقوم بتأمينها و حمايتها وتأمين العاملين في الوصول لها الذين يقومون بواجباتهم المتعلقة بالتشغيل و الإدارة بالكفاءة المطلوبة، إلا إن السد أو الخزان الوحيد الذي يقع في مناطق سيطرة القوات المتمردة هو خزان جبل أولياء حيث أبدى مؤخراً عدداً من الجمهور و المراقبين تخوفهم من إنهيار هذا الخزان جراء الحرب بالإشارة إلى توصية باحثون من -مركز دلفت- الهولندي للمياه الذين أكدوا على ضرورة الإنتباه إلى المخاطر المتزايدة التي تهدد السدود في السودان خاصة تلك الواقعة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع المتمردة مثل خزان جبل أولياء الذي يقع جنوب العاصمة الخرطوم بعد أن أصبح خارج التحكم و السيطرة بالنسبة للعاملين في إدارة الخزان جراء انعدام الأمن في المنطقة، مما يؤدي إلى صعوبة تنسيق عمليات التحكم في الفيضانات بسبب صعوبات في الإدارة و الاتصالات و عدم وجود العاملين عليه، و من واقع متابعاتنا مع عدد من الخبراء و المختصين من المهندسين في مجال إدارة و تشغيل السدود فإن الأوضاع كما قالوا مطمئنة للغاية في جميع السدود السودانية حتى في منطقة خزان جبل أولياء الذي يقع تحت سيطرة القوات المتمردة. من واقع ذلك يمكننا القول بأن جميع السدود السودانية بخير.
أيضا من المعلوم أن خزان جبل أولياء يقع علي النيل الأبيض كما ذكرنا على بعد (44) كيلومتر (27.3 ميل ) جنوب العاصمة الخرطوم، و قد أُنشئ في عام (1937م)، و ظل تحت الإشراف الفني و الإداري للحكومة المصرية التي قامت ببنائه في السودان وفق إتفاقية بين الحكومتين إلى أن زالت أهميته لمصر بعد قيام السد العالي و تم تسليمه إلى حكومة السودان في العام (1977م) ليُستفاد منه في رفع منسوب المياه في المناطق أمام جسم السد و خلفه حتى يمكن ري مشاريع النيل الأبيض الزراعية و بعض المشاريع الأخرى في عدد من المناطق، لذلك من المهم القول و حسب الخبراء و المهندسين المختصين أن خزان جبل أولياء في الوقت الراهن بخير على الرغم من أنه تحت سيطرة القوات المتمردة منذ أكتوبر من العام الماضي لكن المطمئن أن الفتحات الموجودة لتمرير المياه كافية جدا لاستيعاب أي زيادة مفاجئة في المناسيب هذا بالنظر إلى أن موسم الأمطار و الفيضانات قد بدأ في مغادرة الذروة التي تبدأ من منتصف يوليو حتى منتصف سبتمبر لذلك تم تجاوز مرحلة المخاطر المحتملة جراء أي فيضان في النيل الأبيض. كذلك تمرير وارد المياه اليومي عبر البوابات يمضي بصورة جيدة و طبيعية حسب المعدلات المعلومة و المتعارف عليها خلال هذه الفترة الزمنية من العام. كذلك من المهم الإشارة إلى السعة التخزينية البالغة ثلاثة مليار و خمسمئة متر مكعب مستقرة و ليس هناك أي زيادات متوقعة.
أيضً من المعلوم أن أنظمة التحكم و التشغيل في جميع السدود السودانية مربوطة ببعضها البعض بكفاءة عالية، كما يجب التذكير بأنه و حسب المناسيب الحالية فإن السعة الموجودة اثنين مليار و خمسمائة متر مكعب و هي لا تشكّل خطراً بالنسبة لأمان الخزان. أما عن احتمالية أي انهيار جراء أي مهددات متعلقة بالعمليات العسكرية هذا غير وارد باعتبار وجود ردميات ترابية يمكنها أمتصاص أي صدمات، ربما هناك تحديات متعلقة بمسألة الكبري على سطح الخزان البالغ طوله (18) متر في منتصف الخزان الذي يتم قفله و فتحه لتمرير المركبات و الذي أصبحت تحكماته خارج السيطرة بسب وجود القوات المتمردة، أما البوابات أسفل الخزان فهي مغلقة لا خطر منها. عموماً و من واقع المتابعة و التقصي و الاستماع للمهندسين و الخبراء يتضح أنه لا خطر من خزان جبل أولياء في الوقت الراهن بإعتبار الفترة قد تجاوزت ذروة الفيضان. كذلك من واقع متابعاتنا مع عدد من الخبراء و المختصين يمكننا القول أن السدود السودانية بخير رغم الحرب.
لذلك يظل وجه الحقيقة في أهمية تعزيز حماية سد جبل أولياء عبر القوات المتمردة المتواجدة في المكان مثلما تتم حماية السدود السودانية الأخرى عبر الجيش السوداني في أماكن سيطرته بإعتبار أن المنشآت المدنية القومية يستفيد منها كل أهل السودان دون استثناء و لاعلاقة لها بالحرب أو دوافعها، لذلك نناشد كافة الجهات المحلية و الدولية بأهمية التأكيد على إبعاد هذه المنشآت المدنية من دائرة الحرب و العمل على حث القوات على حمايتها و تسهيل مرور العاملين فيها لأجل تشغيلها و حفظها وفقا للأنظمة المعمول بها محلياً و إقليمياً و دولياً.
دمتم بخير وعافية..
الجمعة 20 سبتمبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com