وجه الحقيقة… في يوم المعلم المقال لا يقبل الخطأ أو النسيان … بقلم إبراهيم شقلاوي

من أصعب المواقف التي يمكنك أن تقفها حين تكتب عن المعلم، يتملكك إحساس أن تلك العين الفاحصة الحاذقة سوف تصحح ما تكتب في قراءة أولى، قبل أن تعود لتقرأ قراءة ثانية كما يقرأ الجمهور، هكذا هم المعلمون يبحثون عن جوهر المعاني و جودة الكلمات و صحيحها ، المعلمون لهم عين الصقر و حذاقة الحرفيين يمارسون مهنتهم بيقظة و محبة يحرصون دائما على الصحيح ، من الأقوال و الأفعال لذلك يجب أن تكون من ممن يدرك ذلك بوعي، كما يجب أن تعلم أن مايقولون من مقال ضد الخطأ و النسيان أو هكذا كانوا من تتلمذنا على أيديهم في جميع المراحل التعليمية، كانوا بتلك الانتباهة المسؤولة التي تبحث و تصنع النجاحات الراسخة لتفاخر بها و لكي تشبع نفسها و تهنئها في استحسان و كبرياء، كثيرون هم من نجحوا في هذه المهمة الإصلاحية و الأخلاقية الصعبة التي جعلت أفعالهم النبيلة هذه صنو لما يفعله الرسول و الأنبياء أو أقل بقليل في إصلاح الأنفس و المجتمعات و إعمار الأرض، و في ذلك يستوي كل من تتلمذنا على أيديهم و تعلمنا منهم، الذاكرة تضج بهم و تكاد لا تبارح الأساتذة الكبار منهم شيخ المعلمين ع(وض زايد ، محمد الحسن، عبد الرحمن البر ، حسن عبد الله جاد الله ، محمد سيدون ، الفاضل بابكر رحمة الله ، صديق المهدي (انجليزي) ، إبراهيم الجوهري)، القائمة الذهبية هذه ليس لها حدود ربما ذاكرتنا مرهقة بسبب الحرب و مخازيها لكن مؤكد افئدتنا تجاههم عامرة متقدة بالحب و الوفاء، ندين لهم جميعاً بالفضل و الدعاء في هذا اليوم الذي خُصص للمعلم لنجاحه و تميزه في تربية الأجيال و تفوقه في رسالة الحياة ، يجي اليوم العالمي للمعلم في (5) أكتوبر من كل عام الذي تحييه منظمة اليونسكو ومنظمة العمل الدولية منذ العام (1994م)، بهدف تقييم و تقدير و تحسين وضع المعلمين في العالم قاطبة ، فإن المعلم يربي الأجيال ويساعدهم على تطوير أنفسهم وإكتساب المعرفة والمهارات الشخصية المميزة، لذا فإن للمعلم فضل كبير على الأفراد والمجتمعات. قال عنه الأدباء و الشعراء الكثير الذي يؤرخ لهذا الدور ويحفظه نذكر رائعة أمير الشعراء احمد شوقي عن المــعلم : قـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـــــادَ المعــلّمُ أن يكــــــونَ رسولا-أعلمتَ أشــــرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفــــساً وعــــقولا-سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معــــــلّمٍ علَّـــمتَ بالقـــــلمِ القــــرونَ الأولـــــى-أخرجـتَ هـــــذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النــــــــورَ المبينَ سـبيلا.، كما نذكر رائعة الاستاذ المعلم التجاني حاج موسى تلك الانشودة (متشكرين ومقدرين يامدرستنا يامدرسين التي لحنها د. يوسف حسن الصديق لتصبح من بعد رسالة للدكتوراه عن أهمية التعليم و ثقافة الطفل، ذلك ماكان يقوم به المعلمون في توظيف الإبداع والفنون في تربية الناشئة من أبناءنا ، هذا يؤكد أهمية بناء الإنسان من خلال مثلث القيم ، الحق والخير والجمال ، عندها يمكن أن يبني الوطن على أساس راسخ ومضامين متجزرة ، حتى لا تدمر الحياة كما نرصد الآن ، لذلك يظل المعلم فكرة وواقع وطلب حتى تمضي الحياة بآمالها و أحلامها وتحدياتها ، في حالتي الشخصية دعونا نحي هذا المعلم الذي يبدأ عندنا من البيت حيث أم الكل معلمة الأجيال حرمنا المصون التي قدمت الكثير لأجل اسعادنا ونجاحنا وتميزنا وكان لها في ذلك قواعد صارمة داخل البيت وخارجه تبدأ من قبل الفجر بقليل ثم تمضي على بركة الله في رؤية ومنهاج وتدبر يعيننا جميعا أنا وأولادي على استقبال الحياة بكل صروفها وصنوفها حتى اكتمال اليوم بكل تحدياته ونجاحاته ، ليبدأ يوما جديدا بذات النسق والتنظيم والرزم المملوء بالدفئة والمحبة.، اعلموا أيها الاحبة هناك أساتذة معلمون لا نجلس بين ايديهم تلاميذا بالشكل التقليدي لأخذ العلم ، بل ننظر الي كل ما يفعلون من حركات و سكنات لأنهم القدوة و هكذا كانوا، لذلك كثير من الفلاسفة و المفكرين يرى أن العلم و المعرفة هي الترياق المضاد للخوف و الجهل، و أن الإنسان عدوٌّ لما يجهل.

لذلك يظل وجه الحقيقة في أهمية الذهاب إلى سياسات جديدة تكرم المعلم و تحسن دخله و ترفع كفاءته و تعينه في هذه الأيام و بعدها على القيام برسالته على أكمل وجه، كما يجب أن لا ننسى أن هذه الحرب التي غيرت واقعنا و أدخلتنا في هذه التجربة الصعبة ظلت معالمها تحاصرنا قبل اندلاعها، كما ظلت شاخصة للعيان لمن يتدبر حيث تمثل ذلك في جميع وجوه الحياة بلا استثناء، لذلك لا بد أن نستفيد من هذه التجربة القاسية في اليوم التالي من الحرب لتكريس مهنية المعلم و النأي بها عن العمل السياسي و الحزبي الذي لا تحتمله هذه المهنة المقدسة، فجميعنا يذكر تلك الأيام التي سبقت هذه الحرب التي اندلعت نتيجة المحاولة الانقلابية الفاشلة لقوات الدعم السريع المتمردة بإيعاز إقليمي و سند سياسي من بعض القوى الحزبية، كانت تلك الأيام مضطربة ذاق فيها الأبناء التلاميذ و الطلاب و المعلمين مرارة تعطيل الدراسة و تعطل العملية التعليمية التي أوشكت على الانهيار، هذا بالإضافة إلى الصراع و المماحكات بين المعلمين أنفسهم التي كادت أن تؤثر حتى على علاقاتهم الاجتماعية التي ظلت مضرب الأمثال و محل التقدير، ذلك من أميز ما يجمع أهل القلم و (الطبشورة) في هذه الدنيا التي لا يملكون فيها إلا صدقهم و محبتهم لهذه المهنة المرهقة و محبة تلاميذهم الأوفياء و تقدير و تكريم كل أهل السودان.
دمتم بخير وعافية.
الإثنين 7 اكتوبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com

Exit mobile version