وجه الحقيقة …ماذا ينتظر السودانيون من قمة الأزمات؟ … بقلم/إبراهيم شقلاوي
تنطلق اليوم الإثنين أعمال القمة العربية – الإسلامية المشتركة غير العادية “قمة المتابعة” امتداداً للقمة السابقة التي تستضيفها العاصمة السعودية “الرياض” بمشاركة قادة الدول العربية و الإسلامية. و تهدف القمة إلى بحث وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية المحتلة و لبنان إلى جانب ملفات أخرى. من المقرر أن تتناول القمة التداعيات الخطيرة لهذا العدوان على أمن المنطقة، بالإضافة إلى توحيد المواقف العربية و الإسلامية و الضغط على المجتمع الدولي للتحرك بجدية لإيجاد حلول مستدامة تضمن الاستقرار و السلام في المنطقة.
باعتبار السودان جزء من هذا المحيط العربي و الإسلامي يتطلع السودانيون إلى أن تناقش هذه القمة قضية الحرب في بلادهم التي اندلعت منذ منتصف أبريل من العام الماضي بعد فشل المحاولة الانقلابية التي قامت بها قوات الدعم السريع المتمردة بدعم دولي وإقليمي و إسناد سياسي من بعض القوى السياسية السودانية، لذلك ينتظر السودانيون من هذه القمة إصدار إدانة واضحة تجرم مليشيا الدعم السريع بسبب الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها في حق المدنيين في ولايات دارفور و الخرطوم و ولاية الجزيرة مؤخراً و التي أصبحت حدثاً تناولته جميع وكالات الأنباء و حظيت بإدانة دولية واسعة تؤهل لتصنيف هذه القوات كمنظمة إرهابية.
كما يأمل السودانيون في إلزام الأطراف الدولية و الإقليمية الداعمة للحرب بوقف تدفق السلاح إلى المليشيا مما سيساعد السودان على وقف الحرب و استعادة الأمن و السلام و الانتقال إلى مرحلة الاستقرار. ومن المعلوم أن أبرز الملفات سيكون ملف القضية الفلسطينية إلى جانب الحرب في لبنان، حيث يأمل السودان أن تجد قضيته الاهتمام الكافي من القمة ، بالنظر إلى أن القمة ليست مجرد مناسبة للشجب و التنديد، بل هي فرصة لتطوير أساليب جديدة في التعامل مع الأزمات و تبني مواقف أكثر تأثيراً تساهم في إحداث تغيير حقيقي في المنطقة.
تعكس هذه القمة بالضرورة التزام الدول العربية و الإسلامية بالبحث عن حلول شاملة ناجعة و مستدامة للأزمات في المنطقة إلى جانب تعزيز التعاون الدولي لضمان السلام و الاستقرار. و يجب أن تنصَبَّ كافة الجهود في إطار السعي لتحقيق السلام و العدالة و الإنصاف للشعوب المتضررة و تقديم الدعم اللازم لها حتى تتمكن من النهوض. لذا يُنتظر أن تعمل القمة على تحقيق اختراقات حقيقية لصالح استقرار المنطقة و تجنب الانزلاق في حرب إقليمية واسعة النطاق. و من المعلوم أن السودان يشارك بوفد يرأسه الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للقوات المسلحة السودانية الذي سيجري مباحثات ثنائية مع رؤساء و زعماء الدول المشاركة لتنويرهم بمستجدات الأوضاع في السودان.
يعتقد المراقبون أن كلمة الرئيس البرهان من المتوقع أن تتضمن تنويراً عن آخر التطورات و المستجدات في البلاد، و كشف انتهاكات قوات الدعم السريع في دارفور و الخرطوم بجانب توضيح ما يحدث في ولاية الجزيرة، مما يتطلب إصدار بيان شديد اللهجة من القمة لإدانة هذه الانتهاكات و توصيف هذه المليشيا كمنظمة إرهابية. سيكون من الضروري أيضاً التأكيد على موقف الحكومة تجاه ملف السلام استناداً إلى اتفاق جدة الذي تم توقيعه في (11) مايو من العام الماضي لأجل حقن دماء السودانيين و استعادة الأمن و السلام و خارطة الطريق التي سلمتها الحكومة السودانية للوسطاء (المملكة العربية السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية.)
ترى بعض التحليلات السياسية أن مشاركة الرئيس البرهان تعتبر فرصة لتسليط الضوء على واقع الأزمة وفقاً للمتغيرات التي صاحبت المشهد مؤخراً فضلاً عن أنها فرصة لإجراء مباحثات ثنائية مع رؤساء دول عربية و إسلامية. إن السودان يأمل أن تستفيد مشاركته في قمة الرياض من خلال النظر إلى قضية الحرب التي تجري في البلاد من منظور العدوان الذي يتعرض له السودانيين و التآمر الدولي و الإقليمي الذي يهدد وحدة الأراضي السودانية.
لذا من المهم أن يتضمن البيان الختامي للقمة ما يوقف إراقة دماء الأبرياء العُزّل في السودان الذين تعرضوا لانتهاكات وحشية من قبل المليشيا مما اضطرهم للفرار من مناطق سكنهم. لا يزال المواطنون في دارفور و الخرطوم و شرق الجزيرة يواجهون الموت اليومي و الإبادة الجماعية. كان السودانيون في وقت سابق يتطلعون إلى عقد قمة خاصة بالحرب التي تجري في بلادهم، أما و قد انعقدت الآن فلا بد أن يحظى ما يحدث في السودان بالاهتمام الكافي من القادة المجتمِعين في قمة الأزمات كما يسميها المراقبون من واقع ما يجري في المنطقة. عليه يبقى وجه الحقيقة في أهمية أن يحظى ملف حرب السودان داخل القمة بالاهتمام الكافي الذي يجعل مثل هذه القمم تحقق أهدافها في استتباب الأمن و إعادة السلام للشعوب. هذا ما يتطلع إليه السودانيون من لُحمتهم العربية و الإسلامية و غير ذلك على السودانيين تعظيم خياراتهم و المضي بها إلى آخر الشوط لاستعادة الأمن و تحقيق السلام لبلادهم.
دمتم بخير وعافية.
الإثنين 11 نوفمبر 2024م. Shglawi55@gmail.com