(500) يوم أيتها المنصورة حين تحسبها القيادات السياسية التي قدمت نفسها لأجل الوطن و الشعب ليس كالتي يحسبها رجل الشارع، رجل الشارع يحسبها تجربة عامرة بالخذلان فيمن كان يظنهم أهل خبرة و دراية و حكمة حيث كان يتطلع إلى وطن حر آمن مطمئن يقودونه بتفويضه لهم، لذلك في الغالب يفوض أمره لله وينتظر أقدار الله وحكمته. كما فعلتي حسب منشور مذيل باسمكم في صحيفة الشعب الإلكترونية الصادرة اليوم، بالرغم من أن السياسي المثقف الذي يقود أكبر أحزاب الاستقلال بالضرورة تختلف عنده الحسابات فهي (500) يوم ما كان لها أن تكون حرب لولا عجزه وانسداد أفقه مهما كانت الأعذار، (500) يوم كانت فرصته يقدم من خلالها نجاحه و كفاءته و حضوره السياسي و المهني، ويحسن فيها قيادة البسطاء من أبناء شعبه الذين وثقوا فيه، (500) يوم كان حريّاً به أن يتدبر و يراجع و يعتذر و يبدأ فعلاً إيجابياً لأجل الذين بكى لأجلهم إذا كان صادقاً و به قليل من وعي أو حكمة.
فعلا هي (500) كما قلت حصاد الموت و الهشيم و الحنظل، (500) يوم من:
– القتل الجذافي و الوحشية.
– الدمار للمباني و القيم.
– الخراب لمؤسسات الدولة و النظم.
– انتهاك الأعراض و ضياع الأخلاق.
– الاعتقالات و التعذيب بلا قانون أو سبب.
– سرقة ممتلكات الناس وضياع المدخرات.
– شتات الأسر و الألم.
– القهر والقمع.
– العطالة و البطالة و استشراء الفقر والعجز.
– القتال داخل المدن والقصف و تسيّد الرعب والخوف.
– إغلاق المدارس والمستشفيات.
– انعدام الخدمات الأساسية.
– البغض و الكره بين المواطنين.
– ضياع الكرامة و معاناة الذل في بلاد اللجوء.
– فقدان السودانيين القدرة لإدارة أمرهم؛ فتسيد البت في شأنهم من صَغُر و من كَبُر من الأمم و الأشخاص.
(انعدام الكبير في البلد؛ فلا أحد يهتم بكرامة الناس و وحدة التراب…).
نعم إنها (500) يوم عشنها بكل آلامها و حرمانها و دمائها، إنها تمثل تلك الخيارات التي ذهبتم إليها دون أن يطرف لكم جفن أو يصحو لكم ضمير، لكنها للأسف لم تكن خيارات متطورة بل كانت خيارات العاجزين عن احتمال الحوار و الصبر عليه.
(500) يوم بعد أن أدركتم أنها مضت و تمضي حتى اللحظة برزمها و رزنامتها و لا تبالي بأحد إذا قتل شيخ أو طفل أو امرأة دون ذنب، الآن ماذا أنتم فاعلون؟ هل تكتفون بالدعاء؟ أرجوكم اتركوا الدعاء لنا نحن أهل السودان البسطاء الذين احتضنتنا المنافي في إذلال و ضيم بعد أن ضاقت بنا بيوتنا على رحابتها و ضاقت بنا أنفسنا.
أيتها المنصورة أهل السودان الآن ينزفون دماء كل صباح، ويعتصرون الألم و يتطلعون للأمن والسلام، أما أنتم أيها السياسيون بكل ألوانكم و انتماءتكم و توجهاتكم فقد سحبنا تفويضنا عنكم و نزعناكم من قلوبنا بعد أن خذلتمونا، فقدنا الأمل في سعيكم لأجلنا؛ فلا إصلاح عبركم أو صلاح بعد أن رهنتم إرادتنا و رهنتم وطننا و مازلتم تفعلون حتي بات أمر قرار وقف الحرب ليس بيد أحد منكم.
الآن ذوقوا أطماع الطامحين دون وعي حين تحدثت تلك المتحدثة و قالت: (نحن نتدخل في السودان لأن ذلك تدابير وقائية حتى لا يجتاحنا الربيع العربي)، هم لاينتظرون التغيير يأتيهم بغتة إنما يمضون إلى تجفيف منابعه أو كما قالت، يعني أنها تدرك أن هذا فعل مشروع يتسق مع استراتيجيتهم، إذاً أين استراتيجيتكم أيها السياسيون؟ هم استراتيجيتهم ناجحة إلى حد ما لأنهم استطاعوا استمالة نخبنا لتفيذها، لكن أنتم استراتيجيتكم فاشلة لأنكم نخب سياسية فاشلة لم تستطع أن تجنب شعبها الحرب، لم تنجحوا في عمل استراتيجية وطنية تحصن البلاد من الانزلاق نحو الاستقطاب و الحرب المقيتة و النتيجة الشعب الآن يدفع فاتورة عالية باهظة التكاليف.
إننا أيتها المنصورة ندفع حياتنا و أمننا و حاضرنا ومستقبلنا مع ذلك ما زال وعيُكم أيها السياسيون دون الكارثة ودون التحدي، فتخرجي علينا بعد كل هذا الضياع بإحصاء للأيام و الآلام دون تحديد من المسوؤل!! هذه الآلام التي نعيشها في المنافي و وسط الدانات و ذخات الرصاص كل ساعة و كل لحظة و لا تعيشونها، كنا ننتظر عودة الوعي الذي يعرفه القادة في مثل هذه الظروف، كنا ننتظر إعلان الحكماء الذي يقدم السودان ويتسامي فوق الانتماءات الحزبية الضيقة، إن كان الإمام و صحبه -عليه رحمة الله- لفعلها في شموخ و كبرياء دون حسابات فقط لأجل الوطن و إنسان السودان ذلك وجه الحقيقة..فماذا أنتم فاعلون؟ التاريخ يكتب و الشعب ينتظر.
دمتم بخير وعافية..
26/أغسطس /2024م. Shglawi55@gmail.com