وهتف المؤتمرون “أم قرون انتي أساس” وأم قرون لمن لا يعلمون هي المشجعة على السرقة والنهب والقتل والسلب بزغاريدها وإنشادها ولا تحسب أن ذلك عار، وهي السعيدة والفرحة بإستلام المال المسروق، والدم المسفوك ، وحاثّة الشباب على التمرد والعقوق، وهي الحكَّامة أحياناً، وهي الخطيئة، وهي الرفيقة، وهي العشيقة، وهي المصيبة على مرّ الزمان، وكيف تكون هذه رمزية للوطن وعندنا عازة !! وهي الأساس، وهي لشعبنا رفعة وعِزّة، ولشبابنا إلهاماً وعَرْضَة وهَزّة، وهي الشرف وهي العِرض وهي التراب، وهي الوطن وهي السودان، فما لكم كيف تحكمون، وتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير! لذا فقد ضُربت عليكم الذلّة والمسكنة، وبُؤتم بغضبٍ من الله، وأصبحتُم تجهلون لما به تُنادون، ولا تفقهون ما تقولون، ولا تَعـُون ما تفعلون فكنتم كالأنعام بل أضلُّ سبيلا.
وجلس القادة المؤتمرون والمتآمرون يتناجون -والنجوى من الشيطان- ويتهامسون ويتقاسمون ويتغامزون، أصل الحكاية (٢) مليون دولار؛ طلع منها حق الرأس الكبير والسمسار والسفير ،ندفع منها التذاكر وحق الفنادق والمطاعم، وحق البار وصالة القمار، الباقي للجيوب، وللحرامي والقحاطي والدعامي، ونخلي شوية نمشي بيها الحال للصياعة والأسفار وبعدين نقول كملت أصلا دي قروش الخواجة الما بِخِل علينا بأي حاجة، وزي ما بقول المثل ” الله يخلي الخواجة؛ ما تقيف قدامنا حاجة إلا يعمل ليها حاجة” ، و ما لامنا لا في صغيرة ولا كبيرة و لا في نقض اتفاق و لا في زيادة و لا في جدة ولا جدادة. أما أموال الكفيل فمتوفرة بالحيل، ومتى ما نقول دايرين يقول حاضرين، أصلا هو دايرنا نكون متحركين، وللدعم ناصرين ومؤيدين وفي الإعلام عنه مدافعين ومنافحين. وانتهى المؤتمر وليالي الأنس والسُّكر وفي الجلسة الختامية كانت النهاية الحتمية بإشتداد الخلاف، وكان السباب والاتهامات وتصاعد الصراخ والاشتباكات، وتبادل اللكمات، وتطايرت الكراسي واستَـعَـرَ العِراك فكثيرٌ منهم لم يكن بعدُ قد أفاق، فعندما لم يُعطوه فرصة ليسمعوا له كلمات أظهر العضلات. ولم يهتم بذلك المؤسس فقد خرج من المؤتمر بما يريد ويؤسس، فأصبح زعيم هذه الجماعة الحُثالة الضالّة وهذه هي الغاية من كل الحكاية. أما التوصيات عند أهل تقدم والجنجويد معروفة مسبقاً ومدروسة؛ إدانة الجيش ، إزالة الفلول، إبعاد الله والرسول، وعلى هذه الشاكلة تدور و كل ما كتب غير ذلك فهو لمدارة الخيانة والفجور. ولم تدان الانتهاكات و الاغتصابات، أو هناك ذِكْر للمآسي والملمّات ولا عزاء لدارفور والجزيرة فليس هناك جريمة أو جريرة، ولا بواكي على الخرطوم البلد المكلوم ولا ذكر للسودان وضياع الأوطان والإنسان. وانتهت الحكاية كالبداية وأدخل الجميع في فتيل كما يريد الكفيل.