مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية .. خرطوم العزة .. استعادة السيادة والدبلوماسية الذكية .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

بين ضجيج المعارك وأصوات النصر، تتقدم قوات سلاح المدرعات السودانية نحو العاصمة الخرطوم، مدفوعة بروح الفداء واستعادة السيادة الوطنية. تحررت العاصمة واستعادت قواتنا الباسلة القصر الرئاسي، لكن هذا الانتصار ليس مجرد حدث عسكري؛ بل هو نقطة تحول فارقة في مسار الدبلوماسية السودانية. اليوم، يتبنى السودان نهجًا جديدًا، نهجًا يرفض الحلول التقليدية ويتبنى “استراتيجية الجسر والمورد” في بناء علاقاته وتحقيق مصالحه الوطنية.

النصر العسكري وأبعاده الدبلوماسية:
انتصار قواتنا المسلحة في الخرطوم ليس مجرد تحرير جغرافي؛ بل هو رسالة إلى العالم. في اللحظة التي نجحت فيها القوات السودانية والقوات المساندة لها في السيطرة على المواقع الاستراتيجية، كانت هناك أيضًا معركة دبلوماسية تجري في الكواليس. رسالة الجيش كانت واضحة: السودان، بعد سنوات من الحروب والصراعات، قادر على فرض إرادته، ليس فقط في ساحات القتال، بل أيضًا على طاولة المفاوضات.
هنا، يظهر دور “استراتيجية الجسر والمورد” كأداة غير تقليدية، حيث يقوم السودان بتعزيز مواقعه الإقليمية والدولية من خلال استثمار موارده بذكاء واستخدامها كوسيلة لتعزيز الاستقرار والسلام المستدام.

الاتفاقيات والتفاوض: ما وراء السطور:
قوى دولية مدعومة بعمالة داخلية مارست ضغوطا على الخرطوم لتجبرها للجلوس إلى التفاوض، متناسية ما تمو التوقيع عليه في اتفاق جدة ، والسؤال … كيف نفذت الخرطوم اتفاق جدة؟، الجيش السوداني جعل من التنفيذ بيان بالعمل على أرض الواقع بقوة وعزيمة. هذه الاتفاقية لم تكن مجرد حبر على ورق، بل تم تطبيقها بعزم في الميدان، وهو ما يعطي إشارات قوية للعالم بأن السودان لم يعد ينتظر الحلول من الخارج، بل يصوغها بنفسه.
إن دعوات التفاوض التي تتردد بين الحين والآخر يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن السودان اليوم ليس كما كان. تطبيق الاتفاقيات بالقوة والقدرة على السيطرة العسكرية تعني أن السودان بات يدرك أولوياته جيدًا، ويعرف متى يتفاوض، وكيف يتفاوض، ومن أي موقع قوة يمكنه التفاوض.
تأتي “استراتيجية الجسر والمورد” لتشكل الرؤية الجديدة للسودان في إعادة بناء علاقاته الدولية، ولكن من منظور غير تقليدي. السودان، الذي عانى لعقود من الحروب والنزاعات، يضع الآن نصب عينيه تحويل هذه التجارب القاسية إلى فرص للاستثمار في العلاقات الدولية والإقليمية.
الجسر هنا هو رمزية لعلاقات جديدة مع دول الجوار والعالم، تقوم على التعاون والتبادل الاقتصادي والثقافي، بينما يمثل المورد الاستفادة من الثروات الطبيعية والبشرية للسودان. هذه الاستراتيجية تمنح البلاد فرصة لخلق توازن بين الاعتماد على الداخل والانفتاح على الخارج، مع الحفاظ على سيادتها واستقلالها.

إعادة تعريف الدبلوماسية السودانية:
بينما يطالب البعض بضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات، يجب أن ندرك أن الدبلوماسية السودانية الجديدة ليست دبلوماسية تقليدية تعتمد على المجاملات الدبلوماسية أو الحلول الوسط. السودان الآن يعرف ماذا يريد، وكيف يصل إليه. العلاقات الدولية تُبنى على القوة والقدرة على فرض الإرادة، وهذا ما أثبته الجيش السوداني من خلال استعادة الخرطوم وتنفيذ اتفاقية جدة على الأرض.
لا يمكن للدبلوماسية أن تكون فعالة إلا إذا دعمتها قوة على الأرض. وقد أظهر الجيش السوداني هذه القوة بوضوح. من هنا، فإن الدعوات للتفاوض يجب أن تأخذ في الاعتبار الواقع الجديد؛ السودان ليس دولة تقبل الإملاءات، بل هو شريك فاعل يعرف متى وكيف يستخدم أدواته لتحقيق مصالحه.

أصل القضية : جيش واحد، شعب واحد
ما حدث في الخرطوم هو درس تاريخي لكل السودانيين، بل لكل من يتابع الوضع في السودان. قواتنا المسلحة لم تنتصر فقط في معركة عسكرية؛ بل أعادت للسودان سيادته، وأعادت تشكيل دوره في الساحة الدولية. “جيش واحد… شعب واحد” ليس مجرد شعار؛ بل هو واقع ملموس تمثل في هذا الانتصار. السودان اليوم يقف شامخًا، مدعومًا بقوة جيشه، ومتسلحًا بدبلوماسية ذكية قادرة على تحقيق مصالحه في عالم مليء بالتحديات.
بينما يعيد السودان بناء نفسه، تظل “استراتيجية الجسر والمورد” هي البوصلة التي توجه خطاه نحو مستقبل مشرق. السودان ليس فقط قوة عسكرية؛ بل هو أيضًا لاعب دبلوماسي ذكي يعرف كيف يستغل موارده، وكيف يبني جسورًا مع العالم، دون أن يتخلى عن هويته واستقلاله.
هذا هو السودان الجديد، السودان الذي يبني قوته من داخله، ويُصدّر استقراره عبر حدوده، مُتحديًا الأزمات ومُحولًا إياها إلى فرص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى