نشر موقع “أفريكا إنتليجنس” Africa Intelligence الفرنسي المقرب لعدد من مخابرات دول غربية أن الأمين العام للأمم المتحدة كتب في تقريره “أنه في الوقت الحاضر لا توجد ظروف ملائمة لنشر ناجح لقوات تابعة للأمم المتحدة لحماية المدنيين في السودان”.
جاء ذلك التوضيح في التقرير بناءً على توصية قدمتها بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة في السودان -و التي كلفها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة و التي كانت في سبتمبر الماضي- بحظر الأسلحة و إرسال قوة لحفظ السلام من أجل حماية المدنيين تم تقديمها و لكن هذا ما تم رفضه من قبل الحكومة السودانية.
جدد الأمين العام للأمم المتحدة موقفه الذي ظل يردده دوماً “أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع” و لكنه أضاف أنه من المفيد إنشاء آليات للسيطرة على التدفق غير المشروع للأسلحة إلى منطقة دارفور في السودان.
عطفاً على ما جاء في التقرير من موقف الأمين العام للأمم المتحدة لابد الإشارة أن الوضع في السودان معقد للغاية و أن أي تدخل أممي تحت البند السابع يتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي الذي يجب أن يقر بأن الوضع يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين.
يُمكن إستخدام هذا البند كذريعة لحماية المدنيين لكنه يعتمد على موافقة الدول الأعضاء بما في ذلك الدول التي لها نفوذ سياسي كبير في مجلس الأمن مثل روسيا و الصين.
إن هاتين الدولتين لهما مواقف إيجابية لما يحدث في السودان، و من المؤكد أنهما ستعارضان أي محاولة للتدخل العسكري في النزاعات الداخلية للدول و خاصة السودان اللتان لهما علاقات جيدة معه.
ربما سعت المليشيا المتمردة و (تقزم) لإستغلال الأوضاع الأخيرة في شرق وشمال الجزيرة و الجرائم التي ارتكبتها المليشيات للترويج للتدخل الأممي تحت البند السابع.
هذه الجرائم قد تثير انتباه المجتمع الدولي، لكن عملية إتخاذ قرار بدخول قوات أممية ستطلب مشاورات و عمل طويل و إجماعاً و توافقاً حول كيفية التعاطي مع الوضع السوداني بشكل شامل دون الوقوع في أي تعقيدات أو صدامات سياسية.
إن التوقعات بشأن دخول قوات أممية إلى السودان تحت البند السابع لحماية المدنيين ستواجه عدة تحديات، بالنظر إلى التجارب السابقة يمكن طرح بعض السيناريوهات المحتملة:
1. قد تشهد الفترة المقبلة تصاعداً في الضغوط الدبلوماسية الدولية على الحكومة السودانية و المليشيا المتمردة خاصةً من قبل بعض الدول الغربية لحل الأزمة بشكل سلمي و ضمان حماية المدنيين، و قد يترافق ذلك مع فرض عقوبات أو قيود على قادة المليشيات أو الجهات المتورطة.
2. قد يتم التوجه لتكوين قوة حفظ سلام إقليمية تحت مظلة الإتحاد الأفريقي أو قوات شرق أفريقيا (إيساف) التي قد تحصل على تفويض من مجلس الأمن، قد يلقى هذا السيناريو قبولاً أكبر من الدول التي ترفض التدخل الأممي المباشر.
3. من المرجح ألا يتمكن مجلس الأمن من التوصل إلى قرار بإرسال قوات أممية بسبب الانقسامات بين الدول دائمة العضوية و قد تعارض دول أعضاء أشرنا إليها التدخل الأجنبي المباشر و تفضل الحلول الدبلوماسية مما قد يؤدي إلى تأجيل إتخاذ قرار حول الصراع الدائر في السودان.
4. في ظل عدم التوصل لاتفاق حول التدخل العسكري قد يتم تكثيف الدعم الإنساني عبر وكالات الأمم المتحدة و المنظمات غير الحكومية مع التركيز على تخفيف الأزمة الإنسانية و توفير الحماية غير المباشرة للمدنيين، وهذا قد يكون عبارة عن إستعراض دون عمل ملموس على أرض الواقع لرفع الحرج عن مجلس الأمن و الأمم المتحدة و الدول الأعضاء .
خلاصة يمكن القول أن التدخل الأممي المباشر يبدو أقل إحتمالية على المدى القريب، فيما ستركز الجهود الدولية غالباً على احتواء الصراع و العمل على دفع الأطراف السودانية نحو الحوار الذي لن يكون إلا بعد القضاء على المليشيا المتمردة و دون استصحاب أبواقها الجناح السياسي أمثال (تقزم) و داعميها.