– أسئلة مشروعة تطل كلما انتفضت الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في الشأن السوداني عبر لافتة الوساطة التفاوضية بين الفرقاء السودانيين في مختلف الحقب السياسية، ولكن أهم هذه الاسئلة على الإطلاق:(هل الولايات المتحدة الأمريكية مؤهلة أخلاقياً للعب دور الوسيط في الحرب السودانية)…؟؟، والإجابة على هذا السؤال تأتي من واقع السجل التاريخي القذر الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية (أم الترويكا) في فصل جنوب السودان ونكوصها عن كل الوعود الزائفة التي بذلتها للحكومة السودانية حتى نال (العصا)، وحجبت عنه (الجزرة)، وفصل الجنوب (ببلاش) ولا زال السيناريو مستمراً لفصل الدويلات الأربعة المتبقية من السودان القديم دون عظة لما سبق.
– بدأت الولايات المتحدة الأمريكية معاداتها للحكومات السودانية بسلسلة من الإجراءات لعزله وتفكيكه والانقضاض عليه لتنفيذ إستراتيجية فصل جنوب السودان التي تسعى إليها القوى الغربية والكيان الصهيوني منذ فترات طويلة.
– ذكر العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي (بنجامين جليمان) الذي كان وراء استصدار قرار من مجلس النواب الأمريكي يدين الحكومة السودانية بدعاوى انتهاكاتها المتكررة في حقوق الإنسان وقد طالب القرار الحكومة في السودان بتسليم السلطة إلى (حكومة مدنية) منتخبة في أسرع وقت ممكن، حيث جاء حديثه أمام مجلس النواب: (أسعى منذ بضعة أشهر بالتعاون مع عدد من زملائي -للفت الأنظار- للكارثة التي حلت بجنوب السودان، ويضيف قائلا: أن حكومة الخرطوم بانتهاكها لحقوق الإنسان وارتكابها أعمال عنف أدى إلى خلق مجاعة في جنوب السودان زادت من تفاقم الكارثة فيه).
– واصلت واشنطن ضغوطها على السودان، ففي مارس (1995)م صرح (إدوارد برين) مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الأفريقية قائلاً:(سنستمر في ممارسة الضغوط الثنائية ومتعددة الأطراف على الخرطوم، إننا لن نتوقف في البحث عن وسائل تُفضي إلى إحداث تغيير في سلوك الخرطوم، ويتعين على الحكومة السودانية أن تفهم أن تلك السياسات والممارسات التي نرى أنها مرفوضة تشكّل تهديداً يؤدي في نهاية الأمر إلى سقوطها).
– لم تكن حملة الولايات المتحدة لابتدار الجزاءات والعقوبات الآحادية ضد السودان إلا بداية لتصعيدها أمر الضغوط على السودان للمنظمات الدولية ومجلس الأمن؛ ففي عام (2009)م أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجيتها الجديدة للتعامل مع السودان من واقع مجريات الأحداث عبر عديد من الوسائل، منها فرض العقوبات والوعد بالحوافز التي عرفت بسياسة ( العصا والجزرة)، وتمادياً في الضغوط الأمريكية على الحكومة السودانية أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قانون سلام السودان (Sudan Peace act) الذي أجازه مجلس الشيوخ بإجماع تام في (10/10/2002)م ،و وقع عليه الرئيس (بوش) ليصبح قانوناً نافذاً في (22 اكتوبر 2002)م . ومثل القانون إنتهاكاً صريحاً لسيادة السودان، الذي أصبح بموجب هذا القانون تحت الوصاية الأمريكية المباشرة، كما أنه ينذر بالتدخل بموجبه عسكرياً كما يبدو في البند الخاص بتأهيل السكان في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة، وإنشاء إدارة مدنية وتنمية تلك المناطق دون إذن الحكومة، ويعبّر القانون بإنحياز سافر تجاه حركة التمرد مهدداً الحكومة بمجموعة من العقوبات إن هي أفشلت المفاوضات، بينما إذا أفشلت الحركة المفاوضات لا تعاقب الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة على الجيش السوداني!! بل تمادت في مضاعفة الاعتمادات المالية والمكافأة للحركة بمبلغ (300) مليون دولار مع سيل من الإتهامات للحكومة كالتطهير العرقي، والإضطهاد الديني، وانتهاك حقوق الإنسان والرق.
– كل ملفات الوساطة التفاوضية التي تدعو لها الولايات المتحدة الامريكية في الشأن السوداني مجردة عن الأخلاق حتى التي جاء ما بعد فترة الثورة المزعومة (2019)م لم تكن إلا للسير في صالح الحركات المتمردة على الدولة، والدعوة الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية لمفاوضات بين الجيش السوداني والمليشيا المتمردة في (14 اغسطس 2024)م القادم بالعاصمة السويسرية جنيف معقل المنظمات الإقليمية الغربية والدولية تجئ أيضا لاستدراج الحكومة السودانية إلى (فخ) التصعيد الدولي حلقة تلو الأخرى إلى تمام الأجل المرسوم لاكتمال خطة تقسيم السودان إلى دويلات في العام (2030)م.