فشل البند السابع حرق كرت المليشيا و فتح آفاق جديدة للحكومة … بقلم / د عبد الباقي الشيخ الفادني

في جلسة مجلس الأمن التي انعقدت يوم الإثنين الثامن و العشرون من هذا الشهر فشلت الجلسة في اصدار مشروع قرار وضع السودان تحت البند السابع نتيجة لعدة عوامل أهمها:
1. عدم اتفاق جميع الدول الأعضاء على التدخل الدولي المباشر في السودان تحت البند السابع، الذي يسمح باستخدام القوة أو فرض العقوبات لحفظ الأمن و السلم الدوليين، كما أن بعض الدول مثل الصين و روسيا دائماً ما ترفض التدخلات العسكرية أو العقوبات الصارمة و خاصة في الدول ذات السيادة و تفضل حلاً تفاوضياً بدلاً من فرض إجراءات عقابية.
2. هناك قلق و مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية، ففي حال تم فرض البند السابع قد يزيد ذلك من تعقيد الأزمة الإنسانية في السودان إذ أن العقوبات أو التدخل المباشر قد تؤديا إلى تصعيد التوترات الداخلية و تفاقم معاناة السكان المدنيين و ارتفاع عدد اللاجئين و النازحين.
3. تردد بعض الدول الإقليمية بشأن دعم مشروع البند السابع مما يؤثر على إستقرار المنطقة خاصة في شرق أفريقيا و منطقة البحر الأحمر مثل مصر و السعودية قد يكون لديها مصالح في إستقرار السودان دون تدخل دولي مباشر.
4. سحب المشروع من قِبل الولايات المتحدة و بريطانيا مؤقتاً قبل التصويت عليه لتجنب الفشل المباشر في تمرير القرار بعد تزايد المعارضة و عدم وضوح الدعم الكافي بسبب ضعف الإجماع داخل مجلس الأمن حول كيفية التعامل مع الأزمة السودانية.
5. رغبة بعض الأعضاء لحل الأزمة عبر المفاوضات و دعم الجهود الأفريقية و الإقليمية لتهدئة الوضع بدلاً من التدخل الدولي المباشر، وتفضل الأمم المتحدة الاتجاه لدعم وساطة إقليمية أو تبنّي مبادرات لفتح حوار بين الحكومة السودانية و مليشيا الدعم السريع المتمردة.
عليه يمكن أن يخلق هذا الفشل في إستصدار قرار بوضع السودان تحت البند السابع واقعاً جديداً على المليشيا المتمردة و الحكومة السودانية، و يمكن تصور السينايوهات المتوقعة التالية:
السيناريوهات التي يمكن أن تعتبر أكثر إحتمالية و واقعية لقوات الدعم السريع في المرحلة المقبلة يمكن أن نلخصها فيما يلي:
1. من المتوقع أن تسعى قوات الدعم السريع إلى تعزيز علاقاتها مع بعض الدول الأفريقية و العربية، خاصةً تلك التي لها تعاون معها من أجل مصالحها الإقتصادية أو تلك التي لديها عداء مع حكومة السودان من إجل الحصول على الدعم السياسي و العسكري للاستمرار في الحرب.
2. مع عدم وجود تدخل دولي وشيك، قد تركز قوات الدعم السريع على العمليات العسكرية لتوسيع نطاق سيطرتها على مناطق أخرى خاصة في المناطق التي تُعد إستراتيجية كالعاصمة أو مناطق الإنتاج الزراعي والنفطي نظراً لأن السيطرة على الأرض هي عنصر أساسي لبقاء القوات كمنافس قوي في الساحة.
3. زيادة مليشيا الدعم السريع لنشاطها في التواصل مع جهات دولية ومحايدة للتوصل إلى تفاهمات تخدم مصالحها أو ربما للدفع نحو وجود مخرج من تلك الأزمة عبر الحوار .
4. كعادتها في إستخدام الوسائط الإعلامية و الإجتماعية ستزيد المليشيا من وتيرة الإعتماد على الإعلام والوسائل الرقمية للتأثير على الرأي العام الدولي والمحلي لتحسين صورتها و محاولة الضغط على الحكومة السودانية و المجتمع الدولي لتبني منهج الحوار .
أما السيناريوهات التي يمكن أن تعتبر أكثر إحتمالية و واقعية للحكومة السودانية نجملها فيما يلي:
1. بعد فشل تمرير مشروع البند السابع في جلسة مجلس الأمن قد يشجع الحكومة السودانية لزيادة سعيها لتعزيز التعاون مع دول الجوار و المنظمات الإقليمية مثل الإتحاد الأفريقي و جامعة الدول العربية لتأمين الدعم السياسي و المساعدات الإقتصادية و العسكرية، و خاصة مع الدولة التي تهتم باستقراره وفق مصالحها الأمنية و الاقتصادية لما يملكه السودان من موقعً إستراتيجي و موارد مهمة.
2. قد تسعى الحكومة السودانية إلى خلق إستقرار داخلي عبر الحوار الداخلي و التحالفات مع الكيانات السياسة و العسكرية التي ساهمت و شاركت معها في حربها ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة لتخفيف الضغط الدولي على السودان تمهيداً إلى الوصول لتسوية سياسية على المدى القريب و البعيد.
3. ستعمل الحكومة على تعزيز الاستقرار الأمني و توسيع سيطرة الدولة على إستعادة الأمن الداخلي من خلال تكثيف العمليات العسكرية و اللوجستية لتعزيز السيطرة على المناطق التي تشهد عمليات عسكرية في مناطق نفوذ و سيطرة المليشيا و يعتمد ذلك على مدى فعالية الحكومة في توحيد القيادات الأمنية و تجنب الخلافات الداخلية.
4. قد تتجه الحكومة إلى وضع خطة إصلاحات إقتصادية في ظل الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها السودان وتتضمن ترشيد الصرف في الموارد المالية لمقابلة المنصرفات على البنود الأساسية و الضرورية و تخفيف التضخم و تحسين الظروف المعيشية للمواطنين و تهيية بيئة الإستثمار.
5. ستسعى الحكومة إلى تعزيز العلاقات مع قوى دولية غير غربية مثل الصين وروسيا و بعض الدول العربية و الخليجية بهدف إيجاد شركاء جدد من أجل كسب الدعم السياسي و الاقتصادي وفق المصالح المشتركة.
6. ربما ستستغل الحكومة فرصة تجنب العقوبات الدولية الإنفراجة الدولية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية لتعزيز مكانتها السياسية، و إجراء تحالفات داخلية من خلال دعم قادة محليين مؤيدين لها مما يعزز سيطرتها على السلطة و يمنحها فرصة لحشد الدعم الشعبي في مواجهة المليشيا المتمردة و الضغوط الدولية.
7. في حال فشلت الحكومة في التوصل إلى حلول للأزمات الداخلية قد يستمر النزاع المسلح و يتوسع في بعض المناطق مما يؤدي إلى حالة من عدم الإستقرار المستمر، و تفاقم الأزمة الإنسانية و الإقتصادية مما سيؤثر بشكل كبير على استقرار البلاد في المدى البعيد و هذا السيناريو يعتمد بشكل أساسي على مدى قدرة الحكومة في التعامل مع التحديات التي تواجهها.
من خلال ما تم تناوله في هذا المقال يمكن نخلص إلى:
1. يمثل فشل تبني مجلس الأمن لمشروع قرار وضع السودان تحت البند السابع فرصة عظيمة للحكومة السودانية للمضي قُدُماً في توحيد الجبهة الداخلية لكسب التأييد الشعبي لها في حربها على المليشيا المتمردة.
2. سيُحسن من فرص بناء علاقات خارجية قوية مع الدول الصديقة و دولاً أخرى كانت في موقف الحياد في الحرب الدائرة في السودان لتخفيف الضغط الدولي علي السودان.

Exit mobile version